تقرير مُناخي: توقعات بتطور بطيء وضعيف لظاهرة اللانينا الأشهر القادمة، فما تأثيرها على الموسم المطري؟
طقس العرب - قال المُختصون في مركز طقس العرب الإقليمي، وبعد مُتابعة آخر مُخرجات النمذجة الحاسوبية الخاصة بانحراف درجة حرارة المُسطحات المائية عن المُعدلات، إن المنطقة الاستوائية الشرقية من المُحيط الهادئ تشهد شذوذاً سلبياً في درجة حرارة المياه السطحية مؤخراً، حيث إن حرارة المياه أبرد من مُعدلاتها بمقدار يتراوح ما بين درجة ونصف إلى درجتين، مع توقعات بتنامي ظاهرة اللانينا الضعيفة خلال الأشهر القادمة. بالمقابل، تستمر درجة حرارة مياه الجزء الغربي من المحيط الهادئ الاستوائي أعلى من المُعدلات.
توقعات بتطور بطيء وضعيف لظاهرة اللانينا الأشهر القادمة
ووفقاً لآخر التقارير الصادرة عن وكالة نوا للمحيطات والغلاف الجوي، فإن المُخرجات الواردة من النماذج الجوية المُناخية تُشير إلى تطور بطيء للانينا الضعيفة في المحيط الهادئ الاستوائي خلال الأشهر القادمة وبنسبة تصل إلى 60%. ومن المتوقع أن تستمر هذه الظاهرة حتى الفترة بين يناير ومارس 2025، مما قد يؤثر على الأنماط المناخية العالمية.
كما تشير البيانات إلى أن درجات حرارة سطح البحر في المحيط الهادئ الشرقي والأوسط كانت قريبة من أو أقل من المتوسط منذ بداية عام 2024. في حين أن المحيط الهادئ الغربي شهد درجات حرارة أعلى من المتوسط، مما يعكس حالة محايدة (الظروف المناخية المعتدلة).
وتتوقع وكالة نوا أن تستمر شذوذات درجات الحرارة السطحية السلبية في المناطق الشرقية من المحيط الهادئ، بينما سادت درجات حرارة فوق المتوسط في المحيط الهادئ الغربي والمحيط الهندي خلال الأسابيع الماضية. وتشير التوقعات إلى أن هذه الأنماط المناخية قد تستمر في التأثير على حالة الطقس في مناطق متعددة حول العالم.
ظاهرة اللانينا ترتبط إحصائيًا بفترات من الانقطاع المطري وحدوث موجات برد على فترات متعددة في الشرق الأوسط
وأشار المتنبئون في مركز طقس العرب إلى أن ظاهرة اللانينا ترتبط إحصائيًا بفترات من الانقطاع المطري في منطقة الشرق الأوسط، وبتكرار موجات البرد، حيث ترتبط باشتداد تأثير المرتفع السيبيري على الجزيرة العربية وبلاد الشام خلال فصل الشتاء. وتؤثر ظاهرة اللانينا على المنطقة العربية غالبًا بقلة الأمطار في مناطق المشرق العربي، ولكن يحدث العكس في مناطق المغرب العربي حيث تزداد الأمطار وتنخفض الحرارة عن معدلاتها، وتزداد فرصة حدوث الفيضانات والسيول في مناطق المغرب العربي، فيما تزداد فرصة الجفاف في مناطق المشرق العربي نتيجة شكل الأنظمة الجوية التي تسمح بتمدد المرتفع الجوي السيبيري.
وخلال فترة تأثير ظاهرة اللانينا، تتسبب المياه الباردة في المحيط الهادئ في دفع التيار النفاث نحو الشمال، مما يؤدي إلى الجفاف في جنوب الولايات المتحدة والأمطار الغزيرة والفيضانات في شمال غرب المحيط الهادئ وكندا. خلال عام ظاهرة اللانينا، تكون درجات الحرارة في فصل الشتاء أكثر دفئًا من المعتاد في الجنوب وأكثر برودة من المعتاد في الشمال. ومن الممكن أن تؤدي ظاهرة اللانينا أيضًا إلى موسم أعاصير أشد وأكثر حدة من المعتاد، وهذا ما يشهده العالم مؤخرًا.
للمهتمين والمختصين: ما هي ظاهرة اللانينا؟
تُعرف ظاهرة "اللانينا" على أنها نمط مناخي يحدث في المحيط الهادئ الاستوائي، حيث تنخفض درجات حرارة سطح البحر عن المعدل الطبيعي. وتتطور اللانينا عندما تتغير الرياح التجارية (التي تهب على خط الاستواء من الشرق للغرب) وتصبح أقوى من المعتاد، وهو ما يحدث بشكل أساسي بسبب ارتفاع الضغط الجوي فوق المحيط الهادئ الشرقي وانخفاضه فوق المحيط الهادئ الغربي. وعندما تشتد الرياح التجارية التي تهب من الشرق إلى الغرب، تزداد حركة المياه السطحية الدافئة باتجاه غرب المحيط الهادئ، ويؤدي هذا الدفع المستمر إلى انكشاف المياه الباردة من الأعماق وارتفاعها نحو السطح في المناطق القريبة من أمريكا الجنوبية. ومع استمرار تدفق المياه الباردة، يصبح متوسط درجة حرارة سطح البحر أقل من المعدل الطبيعي.
من الناحية العلمية، تؤثر ظاهرة اللانينا على توزيع الطاقة الحرارية حول الأرض، حيث تؤدي المياه الباردة في شرق المحيط الهادئ إلى تقليل التبخر، مما يحد من تكوّن الغيوم والأمطار في بعض المناطق حول العالم، بينما يؤدي تركز المياه الدافئة في الغرب إلى تعزيز تكوّن الأمطار في أماكن مثل إندونيسيا وأستراليا.
وبالنظر إلى أحدث تحليل لشذوذ درجة حرارة المحيط، يمكننا رؤية شذوذ درجات حرارة أقل من المعتاد في المناطق الوسطى والشرقية من مياه المحيط الهادئ الاستوائية، وهي تشبه الموجة التي تسببها الرياح التجارية الشرقية القوية التي تدفع المياه نحو الغرب، مما يخلق دوامات على سطح المحيط.
ظاهرة اللانينا تؤثر بشكل كبير على أنماط الطقس العالمية
وتؤثر ظاهرة اللانينا بشكل كبير على الطقس العالمي، وتسبب تباينًا في أنماط الطقس. وتؤدي هذه الظاهرة إلى زيادة فرص الأمطار والفيضانات في مناطق مثل أستراليا، جنوب شرق آسيا، وشمال شرق البرازيل. وفي المقابل، تجلب طقسًا جافًا إلى الولايات المتحدة، وتحديدًا جنوبها الغربي، وأجزاء من أمريكا الجنوبية. وتزيد في مواسم اللانينا الفيضانات والأمطار الغزيرة في أجزاء من آسيا وأستراليا، ويكثر الجفاف وحرائق الغابات في المناطق التي تعاني من قلة هطول الأمطار، مثل جنوب غرب الولايات المتحدة وبعض المناطق في أمريكا الجنوبية، وتزداد البرودة في كندا وأجزاء من أوروبا في شمال الولايات المتحدة.
وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، فإن اللانينا تحدث بشكل متكرر كل عدة سنوات، وتستمر لعدة أشهر، وقد تمتد إلى أكثر من عام في بعض الحالات، ويمكن لظاهرة اللانينا أن تتفاقم وتستمر لمدة تصل إلى عامين، وتتفاوت شدة تأثيرها بناءً على مدى انخفاض درجة حرارة المياه في المحيط الهادئ.
(وأشار المختصون إلى أن اللانينا تؤثر على نمط التيارات الجوية والطقس العالمي بطرق متعددة، مما قد يؤدي إلى تغيرات في درجات الحرارة والهطول في مناطق مختلفة من العالم، ولكن لا يُمكن الجزم بأن تأثيراتها ستكون حتمية من ناحية أثرها على مناخ العالم، إذ أن جميع التأثيرات المرجحة هي ناتجة عن عمليات معالجة إحصائية لسنوات حدثت بها هذه الظاهرة مع ضرورة التأكيد أن هذه الدورات المناخية ما هي إلا جزء لا يتجزأ من أنماط عملاقة تحرك أنظمة الطقس العالمية).
ويبقى العلم الأكبر لله تعالى.