"بئر زبيدة" تشق الجبال لتروي الحجاج لأكثر من 1200 عام
طقس العرب- تقع بئر زبيدة على الطريق الواصل بين مكة وبغداد، وتُصنف تاريخيا بأنها أول وقف إسلامي في التاريخ، وسجلها المؤرخون بأنها أغلى وقف إسلامي خلال آخر ألف عام.
من أمر ببنائها؟
أمرت ببناءها زوجة هارون الرشيد أمة العزيز بنت جعفر بن المنصور الهاشمية العباسية، الملقبة بزبيدة، عندما شعرت بمعاناة الحجاج والمعتمرين والمشقة التي يواجهونها بسبب شح المياه، وذلك في عام 800 هـ، بينما كانت السيدة "زبيدة" في طريق الحج، واجهت صعوبة كبيرة بسبب صعوبة الطريق ووعورته وشح الماء فيه.
فنذرت ألا يعاني الحجاج بعد ذلك العطش وهم في طريقهم إلى الحج؛ فأحضرت المختصين بهندسة الطرق وحفر الآبار من كل بلاد الاسلام خاصة من مصر وبلاد الشام.
5 أماكن دينية وأثرية يمكنك زيارتها في مكة المكرمة... بالصور
وأمرتهم بان يحفروا نبعا للماء ينقذ الحجاج والناس من شح المياه، وكان ردهم باستحالة تنفيذ المشروع؛ بسبب ارتفاع الجبال والطرق، فأمرتهم بشق الجبال مهما بلغت التكاليف حتى لو كلفت ضربت الفأس دينارا ذهبيا.
مراحل بناء بئر زبيدة
وبالفعل، بدأ العمال بحفر الآبار، وكسر الجبال، وتفتيت الصخور، وسار العمل حثيثا في المشروع، وجرى بناء شبكة هائلة من خزانات المياه، عُرفت باسم "برك زبيدة"، لجمع الماء بطريقة ذكية.
بالصور... رحلة الحج بالسيارات القديمة قصة تستحق أن تروى
وجرى وضع كل بئر في بركة أسفل واد صغير، يتم جمع مياه الأمطار فيه، تبدأ من الكوفة، ثم القصيم فحائل، ثم يميل الطريق إلى جهة الجنوب الغربي شاقاً الصحراء إلى المدينة المنورة ومكة المكرمة، وبذلك لا يحتاج المسافر من بغداد إلى لأن يحمل معه كوب ماء.
ولتتخيل قيمة وضخامة المشروع، لا بد من معرفة أن السيدة زبيدة طلبت الى الخبراء حفر نهر جارٍ، يتصل بمساقط المطر كما أمرت بأن تُشق للمياه قناة في الجبال.
كما جعلت فتحات لقنوات فرعية أثناء مرور القناة بالجبال، أقامتها في الأماكن التي تكون فيها احتمالية لاجتماع مياه السيول؛ لتكون هذه المياه روافد، تزيد في حجم المياه المسحوبة إلى مكة المكرمة عبر القناة الرئيسية.
وخصصت عين وادي نعمان إلى عرفة، وهي مياه تنبع من ذيل جبل الكرا المحيط بالطائف، وأمرت بجر هذه المياه في قناة إلى موضع يُقال له الأوجر في وادي نعمان، ومنه إلى أرض عرفة.
ولتصل المياه الى كل الحجاج على جبل عرفة، أمرت أن تدار القناة على جبل الرحمة، وأن تجعل منها فروعاً إلى البرك التي في أرض عرفة؛ ليشرب منها الحجاج يوم عرفة.
وامتدت القناة أيضا من أرض عرفة إلى خلف الجبل، إلى منطقة تُسمى (المظلمة)، ومنها تصل إلى المزدلفة، ثم إلى جبل خلف منى، ثم تصب في بئر عظيمة مرصوفة بأحجار كبيرة جداً، تسمى "بئر زبيدة".
بئر زبيدة فـي العهد السعودي
أنشئ في عهد المؤسس الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه –إدارة مختصة بإدارة؛ وتعمل هذه الإدارة على الإشراف بشكل كامل على العين والآبار الخاصة بها وترميمها.
كما تم إصدر أمران ساميان بمنح الأراضي الواقعة على جانبي الطريق الأسفلت لعين زبيدة لوقفية العين، وتضمن القراران:
- تسجيل الأراضي الحكومية التي مرت بها مواسير البئر للاستفادة منها في صيانة وإدارة المشروع.
- تسجيل تلك الأراضي للعين للإفادة منها كدخل ثابت للإنفاق عليها
وما زالت الأبحاث والدراسات مستمرة للنهوض بعين زبيدة، وتم نقل اختصاصات عين زبيدة إلى الهيئة العامة للأوقاف بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 319 وتاريخ 13/9/1431هـ.وتعمل الهيئة العامة للأوقاف حالياً بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة للمحافظة على عين زبيدة وأثارها الباقية وكذلك المحافظة على الشخوص الباقية فيها، وهناك تنسيق مع جامعة الملك عبدالعزيز في جدة لإعداد دراسة شاملة عن عين زبيدة.