لماذا تتفاقم حرائق كاليفورنيا وتزداد شراسة عامًا بعد عام؟

كتبها ندى ماهر عبدربه بتاريخ 2025/01/11

طقس العرب-تتسبب حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية كل عام في خسائر بشرية ومادية هائلة، وقد شهدت الولاية مؤخرًا حرائق مدمرة أودت بحياة خمسة أشخاص على الأقل حتى صباح اليوم الخميس، مما دفع السلطات إلى اتخاذ قرارات بإخلاء العديد من المناطق.

امتدت النيران بفعل الرياح إلى مساحات شاسعة، مما أدى إلى تدمير أكثر من مليون مبنى وقطع الكهرباء عن مناطق واسعة في الولاية، في مشهد بات مألوفًا يتكرر عامًا بعد عام، لكنه يزداد شراسة وحدة مع الوقت.

 

أسباب نشوب الحرائق

 

تتنوع أسباب اندلاع حرائق الغابات بين الطبيعية والبشرية. فمن الناحية الطبيعية، قد تضرب البرق الأشجار الجافة أو الأرض، كما أن احتكاك أغصان الأشجار ببعضها أو الصخور قد يولد شرارات تؤدي إلى نشوب الحريق. أما من الناحية البشرية، فإن الإهمال يعد من أبرز الأسباب، سواء عبر الحوادث الصناعية أو أعطال خطوط الكهرباء. ومع ذلك، فإن العامل الأساسي في انتشار الحرائق هو طبيعة الرياح في المنطقة ومدى جفاف النباتات، حيث تصبح الأوراق الجافة والأشجار القابلة للاشتعال أشبه بالوقود الذي يغذي هذه الكوارث.

 

دراسة حديثة: الحرائق في طريقها للتفاقم

 

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، توصل فريق بحثي بقيادة علماء من مختبر "أرغون" الوطني في الولايات المتحدة إلى أن معدلات وشدة وطول مدة حرائق الغابات سترتفع مع مرور الزمن. استندت هذه الدراسة، التي نُشرت في دورية Earth’s Future، إلى بيانات الأقمار الصناعية التي جمعت بين عامي 1984 و2019 لدراسة 13 ألف حريق غابات سابق في أميركا الشمالية، وخصوصًا الولايات المتحدة. ووجدت الدراسة أنه باستخدام مؤشرات مخاطر الحرائق والتوقعات المناخية المستقبلية، من المتوقع أن يرتفع خطر الحرائق الشديدة بمعدل 10 أيام إضافية كل سنة. وفي بعض المناطق، مثل السهول الكبرى الجنوبية في الولايات المتحدة، قد يزداد معدل أيام الحرائق إلى أكثر من 40 يومًا سنويًا، معظمها خلال فصلي الربيع والصيف.

إلى جانب ذلك، كشفت الدراسة أن بعض الحرائق قد تمتد إلى أشهر الشتاء، وهو أمر كان يُعد استثنائيًا في الماضي، ويرجع ذلك إلى انخفاض معدلات الأمطار بشكل غير مسبوق، مما يزيد من جفاف النباتات ويسهل اشتعالها وانتشار الحرائق بها. التغير المناخي لا يؤثر فقط من خلال نقص الأمطار، بل إن الموجات الحارة المتكررة تؤدي إلى تجفيف النباتات بشكل أكبر، مما يجعلها أكثر عرضة للاشتعال، وهذا بدوره يطيل أمد الحرائق ويزيد من شدتها وانتشارها.

 

تأثير التغير المناخي على الحرائق

 

في الاونة الأخيرة أصبح هنالك مشكلة إضافية تتعلق بطبيعة موسم الحرائق نفسه. في الماضي، كانت الحرائق تبدأ في منطقة واحدة، ثم تنتقل تدريجيًا إلى أخرى، مما يسمح للجهات المختصة بالاستعداد ومواجهة الموقف. ولكن مع تغير المناخ، بات من الممكن أن تنشأ الحرائق بمعدلات أكبر في مناطق متفرقة في الوقت نفسه، مما يضع ضغوطًا هائلة على موارد الدول ويمنعها من التعامل بفعالية خلال موسم الحرائق. وقد أكدت ذلك دراسات متعددة، من بينها مراجعة بحثية شملت 57 دراسة سابقة أجراها فريق دولي عام 2020، وأظهرت جميعها أن تغير المناخ يزيد من تواتر وشدة "طقس الحرائق"، الذي يشير إلى الظروف المناسبة لنشوب حرائق الغابات، مثل ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض الرطوبة، وقلة الأمطار، وهبوب الرياح العاتية. وأشارت المراجعة إلى أن مواسم طقس الحرائق امتدت عبر حوالي 25% من الغطاء النباتي العالمي، مما أدى إلى زيادة متوسط طول مواسم الحرائق بنسبة 20%.

ويعتبر الجفاف من العوامل المحورية في زيادة شدة حرائق الغابات. فعندما يتفاقم الجفاف، تخزن النباتات كمية أقل من الماء، وتطلق بخار ماء أقل إلى الجو، ما يجعلها أكثر عرضة للاشتعال. يؤدي ذلك أيضًا إلى تساقط المزيد من الأوراق الجافة وموت الأشجار بسرعة، مما يوفر بيئة مثالية لانتشار الحرائق. على سبيل المثال، أظهرت دراسة نُشرت في دورية "نيتشر" أن حرائق غابات الأمازون المطيرة ليست حدثًا طبيعيًا بحتًا، بل هي نتيجة اتحاد بين الجفاف الشديد والأنشطة البشرية التي تؤثر سلبًا على النظام البيئي للغابات.

 

 

 

كاليفورنيا: بؤرة الحرائق المتفاقمة

 

بالنظر إلى حرائق كاليفورنيا، يتضح أن حجم وشدة هذه الحرائق اتجه إلى التصاعد منذ ثمانينيات القرن الماضي. فمن بين أكبر 20 حريقًا في تاريخ الولاية، حدث أكثر من 15 منها منذ عام 2000. كما أن مساحة المناطق المحترقة في كاليفورنيا ارتفعت بمقدار خمسة أضعاف منذ سبعينيات القرن الماضي، في حين شهدت الولاية خلال الفترة نفسها ارتفاعًا ملحوظًا في متوسط درجات الحرارة. هذه الأرقام تؤكد أن الوضع يزداد سوءًا مع تفاقم أزمة المناخ.

ويتوقع العلماء أنه مع استمرار تصاعد أزمة المناخ، ستزداد شدة الحرائق وطول مدتها، وربما تغير مواسمها لتصل إلى أعماق الشتاء. وعلى الرغم من إدراك العلماء لهذه الاتجاهات منذ عقود طويلة، إلا أن الاستجابة السياسية لا تزال بطيئة للغاية، ما يجعل احتواء هذه الأزمة أكثر صعوبة مع مرور الوقت.

 

 

شاهد أيضا:

موجة من الحرائق المدمرة.. كيف ساهم الطقس في اندلاع الحرائق وانتشارها بولاية كاليفورنيا

تقرير مناخي.. 2024 عام الكوارث المناخية والحرارة غير المسبوقة في تاريخ الأرض

 



تصفح على الموقع الرسمي



لماذا أصبحت حرائق الولايات المتحدة الأمريكية مدمرة للغاية بهذه السرعة؟فرص الأمطار تشمل بعض المناطق بما فيها العاصمة الرياض يوم الأحد 12-1-2025تنبيه من ضباب كثيف في ساعات الليل المتأخرة وصباح الأحد في مناطق واسعة من المملكةمنخفض جوي وكتلة هوائية قطبية شديدة البرودة تترافق بتساقط كثيف للثلوج تؤثر على وسط وجنوب أوروباتقرير مناخي.. 2024 عام الكوارث المناخية والحرارة غير المسبوقة في تاريخ الأرضفرص لبعض الزخات العشوائية من الأمطار في الأردن السبت وضباب كثيف ليلة السبت/الأحد وصباح الأحدفرص الأمطار تتركز على أجزاء من جنوب غرب المملكة يوم السبتتنبيه من سحب رعدية مرفقة بالأمطار تقترب من منطقة البحر الميت و أودية محافظتي الكرك و مأدبا و الأغوار الجنوبية