من أقوى العواصف في العقد الأخير.. تفاصيل عاصفة التنين في ذكراها الخامسة
طقس العرب - كان يومي الخميس والجمعة (12-13) من شهر مارس/آذار عام 2020 نهاية أسبوع استثنائية على سكان الأردن ومصر وبلاد شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث تعرضت منطقة الشرق الأوسط لعاصفة جوية قوية عُرفت باسم "عاصفة التنين" أو "منخفض القرن". هذه العاصفة، التي صنفت من الدرجة الرابعة وفقًا لقياس شدة المنخفضات الجوية في مركز طقس العرب، أثرت على تسع دول شرق البحر الأبيض المتوسط، من بينها الأردن.
وعلى النقيض تماماً للأجواء التي كانت قبل 5 سنوات تعيش المنطقة في هذه الفترة أجواء مشمسة ودافئة في مختلف المناطق، مع تسجيل درجات حرارة أعلى بكثير من معدلاتها المعتادة نسبةً لمثل هذا الوقت من العام.
ما هي الأنظمة الجوية المسببة بعد مشيئة الله لعاصفة التنين
وقال المختصون في مركز طقس العرب إن عاصفة التنين المصنفة من الدرجة الرابعة والتي أثرت على شرق البحر الأبيض المتوسط بما فيها المملكة تعتبر حدثًا جويًا نادرًا وتاريخيًا من ناحية موقعه وشدته. ونتجت هذه العاصفة بعد مشيئة الله عن سلسلة من الأنظمة الجوية المعقدة والتي أفرزت اندفاع كتلة هوائية باردة من شرق القارة الأوروبية نحو الحوض الشرقي للبحر المتوسط، وسلكت مسارًا غير اعتيادي حيث دخلت نحو الأراضي المصرية والتحمت مع تيارات هوائية حارة ورطبة من القارة الإفريقية (التقاء الكتلة الهوائية الباردة القادمة من الشمال مع منخفض السودان الموسمي الحراري والذي أرفد الغلاف الجوي بكميات هائلة من بخار الماء الاستوائي)، الأمر الذي تسبب بتشكل منخفض جوي عميق تطور سريعًا إلى عاصفة استثنائية أطلق عليها اسم التنين نظرًا لقوتها الهائلة ومسارها غير المعتاد، حيث انحدرت قيم الضغط الجوي فوق شمال الأراضي المصرية إلى ما يقارب 983 ملب، وتعتبر تلك القيم تدميرية وغير مسبوقة في التاريخ الحديث.
أثرت العاصفة على المنطقة لعدة أيام وكان تأثيرها شديدًا على الأراضي المصرية وقويًا للغاية على الأردن وبلاد الشام، حيث تسببت بأمطار شديدة الغزارة وسيول قوية ورياح وصلت سرعة هباتها إلى ما يزيد عن 120 كم/س، وتسببت العاصفة بدخول عاصفة رملية قوية شملت كافة مناطق شرق المتوسط في مقدمتها، وخلفت أضرارًا كبيرة في المزروعات والأشجار وفقدانًا في الأرواح، وقدرت الخسائر في المزروعات بالأغوار بالملايين بعد رحيلها.
شكل العاصفة على خرائط الطقس كان يشبه التنين وهذا سبب التسمية
وسُميت العاصفة بـ"التنين" نظرًا لشكلها المميز في خرائط الطقس، حيث ظهرت كإعصار خارج استوائي يشبه نوعًا ما شكل التنين. وتسببت العاصفة بأضرار كبيرة في الممتلكات العامة والخاصة في مناطق عديدة من الأردن بفعل هبوب رياح شديدة وهطول أمطار غزيرة كانت غزيرة جدًا في بعض المناطق، مما عمل على تشكل سيول قوية في مناطق مختلفة واقتلاع الأشجار وغيرها من الأضرار.
واعتبرت مصر الأكثر تأثرًا بأضرار العاصفة حيث حولت عاصفة التنين النهار في مصر إلى ليل نتيجة العاصفة الترابية التي سبقت هطول الأمطار، وضربت أمطار رعدية وسيول مدينة القاهرة وعددًا من المحافظات المصرية، مما أدى إلى خسائر بشرية (وفاة طفل بعد سقوط سقف المنزل) ومادية وإغلاق بعض الطرق، في حين أغلقت السلطات المدارس والمؤسسات الحكومية وأحد المطارات والخط الأول من مترو الأنفاق.
وفي الأردن حدثت سيول قوية في وادي موسى والبتراء استدعت تشغيل صافرات الإنذار المبكر، ودرفت مياه الأمطار والسيول طفلًا في وادي الظليل وأدت إلى وفاته. مداهمة مياه السيول 8 منازل والعديد من المحلات التجارية في محافظة الزرقاء، وأغرقت عددًا من السيارات والمنازل في الرصيفة. وتم إغلاق عدد من طرق محافظة جرش بفعل ارتفاع منسوب المياه، كما حوصر 600 شخص بفعل السيول في مناطق مختلفة من المملكة بما فيها العاصمة عمان جراء ارتفاع منسوب المياه. وفي العقبة تسببت الأمواج العالية بانهيار جزء من الكورنيش في شاطئ العقبة الجنوبي واغلاقه. وبفعل الرياح العاتية حصلت أضرار في البيوت البلاستيكية بالأغوار بنسبة تصل إلى 100%. وخسائر مادية كبيرة في مزارع الأغوار قدرت بملايين الدنانير. مع سقوط 170 شجرة في مناطق مختلفة من المملكة.
هل يمكن تكرار عاصفة التنين في المستقبل؟
بناءً على المعطيات العلمية الحالية، فإن تكرار عاصفة مثل "عاصفة التنين" في المستقبل هو أمر ممكن، ويعتمد بشكل رئيسي على التفاعلات الجوية المحلية والعوامل المناخية التي قد تتغير مع الوقت. ويمكن للتغيرات المناخية أن تؤثر على شدة وتكرار مثل هذه العواصف. ومنها ارتفاع درجات الحرارة في البحار وزيادة الرطوبة قد تجعل مثل هذه العواصف أكثر شيوعًا ومن الأمثلة أيضاً على احدى العواصف العنيفة في تاريخ الوطن العربي هي العاصفة دانيال والتي أثرت على شمال شرق ليبيا.
والله أعلم.