أثر الدورات المناخية على حضارات العالم القديمة
طقس العرب – ناصر حداد – ارتبطت حضارات العالم التاريخية بالمناخ والطقس، اذ أنه يؤثر الطقس في ولادة أو موت الحضارات كما يعتبر الطقس سببا مباشرا في توزيع الموارد الغذائية كما ونوعا.
وعند النظر بشكل أكثر شمولية وبعدا، نرى أن المناخ السائد يتبع دورات منظمة وقد وجد إحصائيا رابطا قويا بين حضارات العالم من حيث تطورها أو تراجعها من جهة وما بين الدورات المناخية التي تحدث كل 200عام من جهة أخرى. وننوه على أن الدورات المناخية تبدأ من 30-40عام وتمتد حتى قرابة 100 ألف سنة.
وسادت فترة مناخية باردة في القرنين الثالث والخامس الميلادي ترافق مع الاخير انهيارا شبه كاملا للإمبراطورية الرومانية عام 455. فهل كانت موجات البرد وراء هجمات البربر وبعدها بما يقارب 220 عام أيضا هجوم الفاندال على ذات الإمبراطورية - محض صدفة؟
ثم بعد ذلك تجمد نهر الفرات في العام 608 تبعه بعد 221 عام تجمد أجزاء من نهر النيل في العام 829، حيث سميت تلك الفترة في القارة الأوروبية بما يعرف بـ العصور السوداء (Dark Ages) وانتشرت المجاعات حينهافي ايرلندا بسبب البرد القارص السيبيري في العام 822.
في العام 865 خسر احدى النرويجيين مواشيه اثناء محاولته للعيش في ايسلندا من جراء الطقس السيء وتجمدت مياه احدى الممرات البحرية وقد سماها ايسلندا وتعني ارض الجليد، وبعد ذلك اكتشف الفايكنج جزيرة جرينلاند (القطب الشمالي) في العام 982 وسماها بذلك نسبة الى الأراضي والمروج الخضراء والتي عكست دفئ المناخ بشكل كبير حيث كانت خالية تماما من الجليد ابان فترة العصور الوسطى . فهل كان تدرج الأسماء محض صدفة أيضا؟ ام انه عكس سلوك المناخ أيضا.
وقد استمرت فترة العصور الوسطى (أدفئ من وقتنا الحاضر بشكل كبير) الى أن ساد العصر الجليدي المصغر منذ القرن الثالث عشر وحتى منتصف القرن التاسع عشر تخلله فترات باردة جدا كل 200 عام في القرنين الخامس عشر والسابع عشر؛ بدا حينها توثيق النشاط الشمسي الذي بدا طرديا مع درجات الحرارة. لكن منذ عام 1850 حتى يومنا هذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية تزامنا مع زيادة النشاط الشمسي. وسط فرضيات تربط الماضي من جهة وعلاقة الشمس مع تعاقب الدورات المناخية من جهة أخرى، على التوقعات المستقبلية على كوكب الأرض. فهل سنرى دورة مناخية جديدة في مطلع ثلاثينات القرن الحالي اعتمادا على تسلسل الدورات المناخية المتعاقبة في كل 200عام؟