أقوى العواصف الثلجية سيطرت على الأردن وبلاد الشام في مثل هذا الوقت من عام 1992.. فما علاقتها بانفجار بركان بيناتوبو العنيف؟

كتبها رنا السيلاوي بتاريخ 2022/02/26

طقس العرب - في مثل هذا الوقت قبل 30 عاما كانت الأردن وبلاد الشام تواجه أقوى العواصف الثلجية التي مرت على المنطقة، وذلك بعد أن شهدت شتاء قاسيا تكررت فيه الثلوج عدة مرات، ليسجل شتاء 1991/ 1992 حدثا تاريخيا بما سمي شتاء "الـ7 ثلجات"، فماذا حدث في ذلك الشتاء؟ وما الأسباب التي قادت الثلوج المتكررة إلى المنطقة؟ 

 

 

العواصف الثلجية عام 1992 .. هل لبركان بيناتوبو علاقة في ذلك؟

شهد عام 1991 انفجار واحد من أقوى البراكين في العصر الحديث، فقد استيقظ بركان "بيناتوبو" - الواقع على جزيرة لوزون في الجزء الغربي من الفلبين - فجأة من سباته، وانفجر بعنف بعد أشهر من الزلازل المتكررة، حيث لم تعد القشرة الأرضية قادرة على احتواء ضغط الصهارة المتصاعدة، وعندما ارتفعت الصهارة فائقة الحرارة ولامست المياه الجوفية تحت الأرض، تحولت المياه على الفور إلى بخار، فتسبب الغاز المضغوط تحت الأرض في مضاعفة قوة الانفجار.

أطلق بركان "بيناتوبو" أثناء ثورانه الهائل في 15 حزيران 1991 حوالي 20 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكبريت (SO2) إلى الغلاف الجوي وطبقة الستراتوسفير، وهي الطبقة الثانية في الغلاف الجوي وتتميز بأنها طبقة مستقرة وتخلو من التيارات العمودية الكبيرة، لذلك تبقى جزيئات الهباء والرماد الخفيفة لفترة طويلة ويكون ترسبُها بطيء جداً.

 

هناك، يتحد الغاز مع الماء لتكوين جزيئات الهباء الجوي التي تعكس وتشتت أشعة الشمس، ما يمنعها من الوصول لسطح الأرض، أدى ذلك إلى تسخين طبقة الستراتوسفير بمقدار 3.5 درجة مئوية، وتبريد طبقة التروبوسفير في نصف الكرة الشمالي بمقدار 0.2 إلى 0.7 درجة مئوية. قد تبدو هذه أعدادًا صغيرة، ولكن في نظام الغلاف الجوي، فإن التغييرات الصغيرة لها عواقب كبيرة. 

 

أدت هذه التغيرات إلى زيادة فرق درجة الحرارة بين خط الاستواء والقطبين، مما أدى إلى تعزيز ديناميكية الغلاف الجوي على النطاق العالمي، وللدوامة القطبية عند خطوط العرض الوسطى، ومجموعة من ظواهر التذبذب الجوي الأخرى، مما أثر على مناخ الكرة الأرضية بما في ذلك دول الشرق الأوسط، و تمثّل ذلك بمنخفضات قطبية و تساقطات ثلجية مُتكررة على غير العادة شهدتها المنطقة خلال شتاء 1991 / 1992م.

 

شتاء (1991/ 1992) وأكثر من 7 ثلجات متتالية

تكرر تساقط الثلوج على الأردن وبلاد الشام خلال شتاء 1991/ 1992م عدة مرات، بدأت خلال شهر كانون الأول عام 1991 واستمرت خلال شهر شباط، وكان العاصفة الثلجية في نهاية شباط أبرزها، وتحديدا في تاريخ 24-2-1992م، خاصة وأنها الفترة التي يرى فيها الناس نهاية فصل الشتاء واقتراب فصل الربيع.

 

في تلك الفترة أثر مرتفع جوي على وسط وغرب القارة الأوروبية، مع وجود كتلة هوائية شديدة البرودة وقطبية المنشأ فوق سيبيريا ومناطق البحر الأسود، تدفقت نحو الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وكونت العاصفة الثلجية، التي أثرت على المملكة لمدة يومين (24 – 26) من شهر شباط، كانت الأردن وبلاد الشام وقتها تحت تساقط كثيف ونادر للثلوج.

في الأردن تراكت الثلج في جميع مناطق المملكة حتى المناطق الجنوبية، وتدنت درجات الحرارة بشكل كبير حتى قاربت 15 درجة تحت الصفر المئوي في المناطق الجنوبية، وصل ارتفاع الثلوج في صويلح والمناطق الشمالية من العاصمة عمان 120 سم، و تجاوز ارتفاع الثلوج المتراكمة في جبال الشراه وجنوب الأردن 3 متر.

 

ومازالت أحداث تلك الأيام عالقة في ذاكرة الاردنيين، فقد تجمدت المياه في الأنابيب حتى تفجرت في الكثير من المناطق، مما أدى إلى انقطاع المياه عن المنازل. وحدث نفوق رؤوس الماشية وخسائر كبيرة في الثروة الزراعية والحيوانية، كما واجهت الكثير من العائلات نقصا في بعض المواد الغذائية الأساسية خاصة الخبز، وأدى تراكم الثلوج الكبير إلى إغلاق الطرق تماما لعدة أيام.

 

 

هل كان بُركان بيناتوبو هو المُسبب الوحيد للتساقطات الثلجية المتتالية في شتاء 1991/1992؟

يرى المُختصون في مركز طقس العرب بأنه لا يُمكن اعتبار الاندفاعات القطبية المُتتالية في ذلك العام على المملكة وبلاد الشام دليلاً دامغاً بأنها بسبب البركان فقط، بل أن النمط الجوي الذي سادَّ حينها كان نتيجة محصلة العديد من العوامل التي أدت إلى افراز ذلك الموسم النادر. حيثُ وبالرجوع إلى العوامل الجوية في ذلك العام فقد تجمعت عوامل عديدة إيجابية مع بعضها البعض لعلَّ أبرزها سيادة ظاهرة النينو في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادئ. فعلى سبيل المثال عانت وقتها جنوب غرب وغرب أوروبا من تبِعات الأنماط الجوية في ذلك العام، على شكل مُرتفعات جوية قوية، وهو ذات السبب الذي انعكس علينا ايجاباً في ذلك الموسم. 

 

 

بُركان بيناتوبو لم يكن الأول من نوعه الذي يؤثر على الأنماط الجوية

وفي حدث أكبر وأشمل، كان بركان تامبورا الذي انفجر في إندونيسيا عام 1816 واحداً من أقوى الثورات البُركانية في التاريخ المسجل، حيثُ أطلق ما يزيد عن 60 مليون طن من جزيئات ثاني اكسيد الكبريت والهباء الجوي اخترقت اعلى طبقات الغلاف الجوي. وكانت النتيجة أن عام 1816 عُرف بالعام الذي لا صيف له، حيثُ حدث تغير مناخي واسع ولمدة ثلاث سنوات بعدما انخفضت حرارة الكوكب وسادت الاضطرابات الجوية والعواصف والثلوج والجفاف والأمراض (الكوليرا) وثورات الجياع في أوروبا (المجاعات) وفشل المحاصيل الزراعية والكساد الاقتصادي، ومات على إثر ذلك الملايين.

 

المصادر: طقس العرب + Aeronomie



تصفح على الموقع الرسمي



كيف نحمي أنفسنا وأطفالنا من الاستخدام الخاطئ لوسائل التدفئة المنزلية9 نصائح للتعامل مع الأجواء الباردة لطلاب المدارس والجامعاتمرصد الزلازل : لم يسجل أي هزة أرضية في الأردنالأردن | الأداء المطري حتى تاريخه هو الأضعف منذ عقود في المملكةكتلة هوائية باردة تترافق بانخفاض واضح على درجات الحرارة نهاية الأسبوعمركز طقس العرب يُصدر توقعات فصل الشتاء 2024/2025 في قطاع غزةالشاكر يُوضّح بالخرائط: ٣ اسباب رئيسية لضعف الموسم المطري وتفاصيل مقارنة الوضع الحالي مع السنوات السابقةتغيرات جوهرية على حالة الطقس ودرجات الحرارة تتجاوز الـ20°م في بغداد ثم تتبع بانخفاض حاد.بالفيديو | هل بالضرورة البداية الضعيفة للموسم المطري تعني أنه سيكون حتماً موسماً ضعيفاً؟