حول العالم | أمريكا الشمالية بين الكُتل الهوائية القطبية والقٌبة الحرارية.. كيف ذلك؟
طقس العرب - أشار المتنبئون الجويون في مركز طقس العرب إلى أن آخر مُخرجات النمذجة الحاسوبية تُشير إلى استمرار تأثر مناطق واسعة من الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة جنوبها وغربها، بظاهرة القبة الحرارية، والتي تترافق بكتلة هوائية ذات تسخين مرتفع سطحياً بحيث تسود أجواء شديدة الحرارة، لاسيما مع زيادة تسخين الهواء بفعل ظاهرة فوهن. يُقابل ذلك اندفاع كتل هوائية قطبية نحو شمال القارة تتسبب بعواصف مطرية وتساقط للثلوج.
المرتفع المداري يشتد ويؤجج القبة الحرارية على أمريكا الشمالية (درجات الحرارة تتجاوز منتصف الأربعينيات)
وبحسب المُحاكاة الحاسوبية، يُتوقع أن تعبر موجة علوية شمال أمريكا الشمالية تؤدي إلى اشتداد المرتفع المداري جنوب وشرق القارة، مما سيؤجج ظاهرة القبة الحرارية، بحيث يسود طقس حار إلى شديد الحرارة في مختلف الولايات، وبخاصة الجنوبية منها. ويُتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة نهاراً منتصف الأربعينات مئوية في بعض المناطق، خاصة في المناطق السهلية والمنخفضة عن مستوى سطح البحر.
البحر المتوسط | تموج التيار النفاث القطبي بشكل مبكر قد يشعل فتيل العواصف المتوسطية الأسابيع القادمة
ومما يُعزز من ارتفاع درجات الحرارة وتسخين الهواء ظاهرة مناخية تُسمى "رياح فوهن"، والتي سيكون لها دور واضح أيضاً في شدة وطأة الحر على الولايات المتحدة، ولاسيما في السهول والمنحدرات والأودية التي تقع شرق السلاسل الجبلية الأمريكية.
شمال أمريكا يتأثر بكتلة قطبية شديدة البرودة وعواصف شتوية
وعلى النقيض تماماً، تتأثر مناطق شمال أمريكا باندفاع كتلة هوائية قطبية شديدة البرودة قادمة من القطب الشمالي. وبفعل وجود المسطحات المائية وتأثير ظاهرة البحيرات، تتشكل فروقات ضغط جوي كبيرة بين الكتلة القطبية والهواء الأكثر دفئًا ورطوبة، مما يُطور منخفضات جوية عميقة وعواصف تجلب معها رياحاً قوية، وتؤدي إلى انخفاض كبير في درجات الحرارة وهطول أمطار شديدة الغزارة على العديد من المناطق. كما من المتوقع أن تشهد قمم جبال الروكي في كندا وألاسكا بالإضافة إلى شمال كندا تساقطاً كثيفاً للثلوج في الفترة القادمة.
علمياً: القبة الحرارية ورياح فوهن وجهان لعملة واحدة ويعززان ارتفاع الحرارة جنباً إلى جنب
والقبة الحرارية هي ظاهرة مناخية تنتج عن منطقة ضغط جوي مرتفع في طبقات الجو العالية، تعمل على تسخين الهواء في طبقات الجو السفلى بسبب عملية ديناميكية تُسمى (التسخين تحت الضغط). حيث إنه مع انضغاط الهواء في منطقة معينة تحت تأثير مرتفع جوي في طبقات الجو العالية، تنشأ كتلة هوائية ساخنة سطحية تختلف شدتها حسب المنطقة وشدة المرتفع الجوي وأيضاً حسب فترة تشكلها خلال السنة.
ويقوم المرتفع الجوي بحبس الهواء الساخن مثل غطاء على وعاء مغلي. ومع تمدد الهواء الساخن عمودياً في الغلاف الجوي، يدفعه الضغط العالي نحو الأرض مرة أخرى، فينضغط الهواء مرة أخرى تحت منطقة الضغط الجوي المرتفع، مما يسبب باكتسابه للمزيد من الحرارة، وهذا ما يُعرف علمياً بالتسخين تحت الضغط.
أما ظاهرة فوهن أو رياح فوهن فهي ببساطة هبوط الرياح من قمم الجبال العالية نحو السفوح والوديان المنخفضة، حيث يحدث تسخين سريع للهواء بسبب هذه الحركة للهواء كما هو موضح في الرسم التالي.
وكعملية رياضية سريعة في علم الأرصاد الجوية، فإن الهواء يبرد درجة مئوية واحدة كلما ارتفعنا 150 متراً عن سطح البحر، لكنه يسخن 1.5 درجة مئوية كلما هبطنا 150 متراً عن سطح البحر. فلو فرضنا أننا في منطقة (أ) ارتفاعها 0 متر عن سطح البحر وحرارة الهواء 40 درجة مئوية، ويوجد جبل ارتفاعه 1000 متر، ونريد أن نعرف كم ستكون درجة حرارة نفس الهواء لو انتقل من النقطة (أ) نحو النقطة (ب) خلف الجبل على ارتفاع 0 متر أيضاً، فإن العملية ستكون كالتالي: 40-(150/1000)*1 + (150/1000)*1.5 = 43.34 درجة مئوية، أي أن درجة حرارة الهواء ارتفعت بمقدار 3.34 درجة مئوية في النقطة (ب) بسبب عملية النزول من الجبل.
والله أعلم.