احترار القبة القطبية يُنتج أنظمة جوية تسبب ظواهر جوية مُتطرفة.. فما أثر ذلك على الوطن العربي؟
طقس العرب - يُتابع المُختصون الجويون في مركز طقس العرب الإقليمي مآلات الاحترار المُفاجئ الذي يحدث في الدائرة القطبية الشمالية وما ينتج عنه من تشكل منطقة من الضغط الجوي المرتفع، والذي تسبب في انكسار التيار النفاث القطبي وما نتج عنه من حدوث أحوال جوية مُتطرفة على مستوى النصف الشمالي من الكرة الأرضية، والتي يتوقع استمرارها في الفترة القادمة بإذن الله.
الاحترار المُفاجئ يتسبب بأنماط جوية مُتطرفة
وفي التفاصيل، قال المُختصون الجويون في مركز طقس العرب الإقليمي إنه ونتيجة لضعف الرياح القطبية الغربية فوق الدائرة القطبية، ونزول الهواء القطبي من المستويات العليا لطبقات الجو القريبة من سطح الأرض، يحدث احترار ستراتوسفيري مؤقت في منطقة القبة القطبية الشمالية، مما تسبب في تشكيل مرتفع جوي قوي فوق الدائرة القطبية. وكما ذكرنا سابقاً، فإن الرياح الغربية العلوية هي التي تحتوي الكتل القطبية في القطب الشمالي، ونتيجة لضعفها لا تكون قادرة على احتواء الهواء القطبي وإبقائه في موطنه الأصلي (القطب الشمالي).
يؤثر الاحترار الستراتوسفيري على الدوامة القطبية، إذ يتسبب في تغير أنماط توزيع الهواء القطبي، وينعكس بشكل مُباشر على حركة التيارات النفاثة وأنماط الطقس في مُختلف مناطق النصف الشمالي للكرة الأرضية. ومن المُتوقع أن يتسبب المرتفع الجوي الناجم عن الاحترار في تشتت الكتل الهوائية القطبية، وبالتالي يحدث انكسار في التيار النفاث القطبي، مما يسبب تشتتاً للكتل الهوائية القطبية. مع توقعات بأن تتركز الكتل الهوائية القطبية في الفترة القادمة فوق شمال وغرب أوروبا، إضافةً إلى شمال شرق أمريكا الشمالية وروسيا، حيث ستتعرض الدول المذكورة آنفاً لموجات قطبية شديدة البرودة وثلوج كثيفة بسماكات كبيرة، لاسيما في أمريكا الشمالية.
شكل المنظومة الجوية في نصف الكرة الشمالي يتخذ ملامح أقرب للشتوية
وأشار المُختصون الجويون في مركز طقس العرب الإقليمي إلى أن شكل الأنظمة الجوية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية يتخذ ملامح أقرب للشتوية خلال الفترة القادمة، حيث عزز المرتفع الجوي فوق القطب من اندفاع الكتل الهوائية الباردة للغاية القادمة من القطب الشمالي نحو شمال المُحيط الأطلسي، والتي تتفاعل مع الأنظمة الجوية الدافئة والرطبة الموجودة في المحيط، مما يؤدي إلى تشكل منخفضات جوية عميقة ذات تأثيرات واسعة النطاق. ومن المتوقع أن تنتقل هذه المنخفضات عبر المحيط الأطلسي باتجاه شمال غرب أوروبا على شكل عواصف مطرية ضخمة، مما يتسبب في اضطرابات جوية وأنماط طقس متطرفة تستمر لعدة أيام في الفترة القادمة.
العواصف الأطلسية تؤثر بشكل مُباشر على أوروبا باضطرابات جوية حادة
ومع اندفاع الكُتل الهوائية وتشكيل عواصف أطلسية مصحوبة بجبهة هوائية باردة، تتسبب العواصف في هبوب رياح عاتية وأمواج عالية، علاوةً على هطول شديد الغزارة للأمطار وتساقط الثلوج فوق القمم الجبلية العالية، خاصة في آيسلندا. كما تنخفض درجات الحرارة لما دون الصفر المئوي في عدة مناطق من شمال غرب القارة وسط أجواء قاسية البرودة. وفي السياق، تتسبب هذه العواصف في ارتفاع الأمواج بشكل كبير على سواحل المحيط الأطلسي، مما قد يؤدي إلى حدوث فيضانات ساحلية في بعض المناطق المنخفضة.
ونتيجة لتموج التيار النفاث القطبي، تصل العواصف المطرية نحو وسط وجنوب أوروبا، مما ينتج مزيدًا من الأمطار الغزيرة والعواصف الرعدية الشديدة، كما يترافق هذا النوع من الحالات الجوية بتيارات هوائية صاعدة قوية، مما ينتج عواصف بَرَدية استثنائية تترافق بحبات بَرَد ذات أحجام كبيرة، مما يُلحق الضرر بالممتلكات العامة.
ومع عبور الهواء البارد فوق سطح مياه البحر الأبيض المتوسط، الذي يعاني من الاحترار، وتزامناً مع امتداد الرطوبة المدارية، تشتد الفعالية الجوية على وسط وجنوب أوروبا، وتحديداً في دول البلقان مثل إيطاليا واليونان. تتشكل سحب رعدية شاهقة الارتفاع مصحوبة بأمطار ذات معدل غزارة مرتفع، مما يرفع من مخاطر تشكل السيول وحدوث الفيضانات.
ما أثر الاحترار المفاجئ على الأنماط الجوية في الوطن العربي
وفي هذا السياق، وردت العديد من التساؤلات لمركز طقس العرب حول تأثير ذلك على الوطن العربي، وقال المُختصون الجويون والخبراء المُناخيون إنه عندما يحدث الاحترار وينكسر التيار النفاث القطبي بهذا الشكل فإن دقة التنبؤات الجوية تنخفض على المدى المتوسط والبعيد بسبب كثرة التغيرات التي تطرأ على الغلاف الجوي. وقسم المُختصون في مركز طقس العرب الإجابة على التساؤلات إلى جزئين، الجزء الأول يخص المغرب العربي والجزء الآخر يخص الشرق الأوسط بما فيها بلاد الشام.
أما عن المغرب العربي، فقال المُختصون إن العواصف المطرية التي تؤثر على جنوب القارة الأوروبية نتيجة انكسار التيار النفاث تتسبب باضطرابات جوية على دول المغرب العربي تتمثل بهطول أمطار غزيرة يصحبها تساقط البرد ونشاط الرياح السطحية في الأيام القادمة.
أما عن بلاد الشام ومصر والعراق، تستمر التقلبات الجوية دون وجود أي فعاليات جوية هذا الأسبوع، ويستمر الطقس مُستقراً لكنه متقلب من ناحية درجات الحرارة، فيما يستمر الطقس مُستقراً في معظم أنحاء الجزيرة العربية باستثناء أجزاء من جنوب وشرق الامارات وجنوب غرب المملكة العربية السعودية.
للمهتمين والمختصين: ما هو الاحترار الستراتوسفيري المفاجئ؟
والاحترار الستراتوسفيري المفاجئ (Sudden Stratospheric Warming - SSW) هو ظاهرة جوية تحدث في طبقة الستراتوسفير، حيث ترتفع درجات الحرارة فجأة وبشكل كبير، وقد يصل الارتفاع إلى عشرات الدرجات المئوية خلال أيام قليلة. هذه الظاهرة تؤثر بشكل مباشر على الدوامة القطبية، مما يؤدي إلى اضطرابها أو حتى انهيارها، وتسبب تغيرات كبيرة في أنماط الطقس في المناطق الواقعة تحتها.
الدوامة القطبية الستراتوسفيرية (Stratospheric Polar Vortex) هي منطقة واسعة من الضغط الجوي المنخفض والرياح القوية التي تدور حول القطب الشمالي في طبقة الستراتوسفير من الغلاف الجوي. وتؤثر الدوامة القطبية الستراتوسفيرية على أنماط الطقس في نصف الكرة الشمالي، بما في ذلك أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا. في بعض الأحيان، يمكن أن تتعرض الدوامة للاضطراب أو التفكك بسبب (ظاهرة "الاحترار الستراتوسفيري المفاجئ")، مما يؤدي إلى تدفق هواء بارد من القطب الشمالي نحو خطوط العرض الوسطى، وهو ما قد يسبب موجات برد شديدة.
والله أعلم.