اكتشافات غيرت العالم | تقنيات استخراج الماء
طقس العرب - كان الناس قبل اختراع تقنيات استخراج الماء وتسييرها في قنوات، تسير أميالاً لتصل إلى نهر أو بئر حتى تملأ دلواً بالماء، إلى أن ابتكر المسلمون تقنيات عبقرية لرفع الماء وحصره وتسييره في قنوات، وقد جمعوا ما توافر من ابتكارات سواء من معرفتهم الخاصة أو ما ورثوه من الحضارات الأخرى.
ابتكار تقنيات رفع الماء واستخراجه
بدأ الأمر بآلة بسيطة مازالت تستخدم عند المصريين وتسمى الشادوف، وتقوم على غرف الماء من النهر في دلو مربوط بسارية تدور حول محور.
ثم صنعت النواعير الكبيرة لرفع الماء من أنهار سريعة التدفق إلى أرض أعلى، حيث تدار النواعير بفعل قوة الماء المتدفق على غاروف مثبت على حافة الدلو، فتمتلئ الدلاء بالماء، وتحملها الناعورة عند دورانها إلى الأعلى حيث تفرغ في صهريج علوي موصول بالمجرى المائي، استعمل الفرس والرومان الناعورة، لكن المسلمين ادخلوا عليها تحسينات أدت إلى تطوير أدائها.
اسهامات المسلمين في ابتكار آلات لرفع الماء واستخراجه
أدرك المهندسون في العالم الاسلامي طاقة المياه لزيادة الانتاجية، ومنهم الجزري وتقي الدين بن معروف، و اللذان صمما عددا من الآلات المعقدة في هذا المجال، ومن أهم انجازاتهما طرق التشغيل الأوتوماتيكي لبعض الآلات، والتي أحدثت أثراً كبيراً في تاريخ التكنولوجيا.
- مضخة الجزري:
صمم الجزري خمس آلات لرفع الماء، اثنتان منها كانت تحسينا للشادوف، وواحدة حلت محل الطاقة الحيوانية بحيث تعمل بالطاقة المائية، أما الرابعة فتستخدم العمود المرفقي، والخامسة مضخة الجزري التي تدار بالماء.
(احدى آلات الجزري لرفع الماء والتي تعمل بالطاقة المائية، والحيوان هنا هو مجسم خشبي فقط ليتخيل الناس أن الحيوان هو الذي يدير الآلة الاتوماتيكية)
تمثل مضخة الجزري تغيرًا جذريًّا في تقنيات رفع الماء، إذ كانت تقوم عجلة تدور بقوة المياه بتدوير ترس عمودي يقوم بدوره بتدوير عجلة أفقية تتسبب في تذبذب مكبسين متقابلين، وتتصل أسطوانات المكبسين بأنابيب الامتصاص والتصريف؛ بحيث تقوم أنابيب الامتصاص بسحب المياه من حوض موجود بالأسفل في حين تصرف أنابيب التصريف المياه إلى نظام الإمداد الواقع على علو 12 مترًا فوق الآلة. وتعد هذه المضخة نموذجًا أوليًّا لمبدأ ازدواج الفعل (سحب الماء وتصريفه)، وكانت المضخة قادة على رفع 13.6 متر من الماء بمساعدة أنابيب التوصيل. كان هذا أكثر تطوراً من مضخات الشفط التي ظهرت في أوروبا في القرن الخامس عشر، والتي كانت تفتقر إلى أنابيب التوصيل.
(آلية عمل مضخة الجزري الترددية، المصدر: كتاب 1001 اختراع واختراع)
- مضخة تقي الدين سداسية الاسطوانات:
ألف المهندس البارع تقي الدين بن معروف كتاب "الطرق السنية في الآلات الروحانية" وخصص بعض فصوله للمضخات المائية، وتطرق للطوربين البخاري قبل استخدامه صناعيا في أوروبا بمئة عام.
وتشكل مضخته سداسية الاسطوانات لرفع الماء جزءا من تاريخ صناعة الورق وتشكيل الصفائح المعدني، ويكمن الذكاء في هذه الآلة في تزامن مكابس التحكم وتتابعها كلها، وذلك بسبب احكام ترتيب زوايا الحدبات الموزعة حول محور الدوران.
(آلية عمل مضخة تقي الدين بن معروف، المصدر: كتاب 1001 اختراع واختراع)
هذه الاكتشافات غيرت المجتمع في زمن ما قبل الاعتماد على الآلات، فلم يعد الناس يضطرون للمسير إلى خزانات الماء، أو ينتظرون دورهم لاستخدام الشادوف، بل أصبحت المياه تصلهم من خلال المضخات والأقنية.
وفي الختام - يزخر تاريخنا بأسماء الآلاف من العلماء العرب والمسلمين وانجازاتهم وما قدموه للبشرية من اختراعات وابتكارات استفادت منها جميع العلوم والمعارف وبعضها لازال يستخدم حتى الآن، نستعرض لكم طوال أيام شهر رمضان المبارك في السلسلة "اكتشافات غيرت العالم" بعض الاختراعات والابتكارات التي قدمها علماء المسلمين فغيروا بها وجه الحياة على مر العصور.