الأعاصير ومواسمها واستراتيجيات للحفاظ على السلامة
طقس العرب - إن الأعاصير هي من أكثر الظواهر الجوية تميزا وتأثيرًا على الكوكب، حيث تتسبب في تدمير ضخم وخسائر بشرية ومادية جسيمة، وإن فهم هذه العواصف القوية، وتوقع مواسمها يمكن أن يكون أمرًا حيويًا للحفاظ على السلامة العامة والممتلكات وفي هذا المقال، سنلقي نظرة عامة على الأعاصير ومواسمها، وسنستكشف الاستراتيجيات والتدابير الواجب اتخاذها للوقاية من هذه الظاهرة الطبيعية القوية.
ما هو الإعصار؟
يمكن اعتبار الإعصار عاصفة مدارية عندما تصل سرعة الرياح المستمرة إلى ما بين 63 إلى 118 كيلومترًا في الساعة، وبناءً على هذا المعيار، يُصنف الإعصار ضمن فئة العواصف المدارية وفقًا لتعاريف المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
كيف ينشأ الإعصار؟
تُعتبر الأعاصير من أعنف الظواهر الجوية على وجه الأرض، ووفقًا لوكالة "ناسا" (NASA)، حيث يعتمد تكوينها على مكونين أساسيين فقط، وهما الحرارة والماء.
تنشأ الأعاصير عادة فوق المياه الدافئة عند خط الاستواء، حيث يقوم الهواء بامتصاص الحرارة والرطوبة من سطح المحيط، وينجم عن ذلك ارتفاع الهواء الساخن إلى مستويات أعلى من المنطقة ذات الضغط المنخفض، مما يؤدي إلى تكوين دوامات من الهواء.
وبمجرد ارتفاع هذا الهواء الساخن إلى ارتفاع كاف في الغلاف الجوي، يبدأ في التبريد والتكثف داخل السحب، مما يتسبب في تكوين دوامة من الهواء والسحب التي تتطور تدريجيًا إلى عاصفة رعدية.
بناءً على هذا السيناريو، يصبح من الضروري التركيز على التحكم في درجة حرارة مياه المحيطات للحد من تكوين الأعاصير، خاصة في المحيط الأطلسي حيث تتزايد هذه الظاهرة بشكل لافت.
قوة الأعاصير
وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة "بي ناس" (PNAS) في مايو 2020، لخص باحثون من مراكز مختلفة متخصصة في علوم المناخ والمحيطات في الولايات المتحدة إلى أن الاحتباس الحراري يُسبب زيادة في عدد العواصف المدارية وتزايد تواترها، ولاحظ الباحثون أن الاحتباس الحراري يُسبب أيضًا ظاهرة تعرف باسم "عواصف الزومبي"، وهذه العواصف تتلاشى مؤقتًا، ثم تعود لتشتد مجددا.
على سبيل المثال، في عام 2020، شهدت واحدة من هذه العواصف، حيث ضرب إعصار "بوليت" من الفئة الأولى برمودا في سبتمبر 2020، ثم تطور إلى الفئة الثانية قبل أن يفقد قوته، ويتلاشى بعد نحو 5.5 يوم ولكن لم تكن هذه هي نهاية الإعصار، إذ استعاد قوته، وتم تصنيفه كعاصفة مدارية على بعد حوالي 480 كيلومترًا من جزر الأزور، ويُتوقع أن تزيد ظاهرة عواصف الزومبي بشكل أكثر تواترًا مع ارتفاع درجة حرارة مياه البحار.
الأنماط المناخية التي تؤثر في الأعاصير
أشار جيري بيل، المتخصص في الأعاصير الموسمية الرئيسية في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي "نوا" (NOAA) في واشنطن العاصمة، إلى وجود نوعين من الأنماط المناخية البارزة التي تسيطر على أنماط الرياح والضغط في المحيط الأطلسي.
الأولى تعرف باسم دورة "النينيو" أو "النينا"، وهي دورة مناخية تنشأ في المحيط الهادي، وتمتلك تأثيرات كبيرة على الحالة الجوية عالمياً، وتشهد دورة النينا بداية عندما تنتقل المياه الدافئة في المحيط الهادي من الجهة الغربية للجزء الشرقي للمنطقة الاستوائية على طول خط الاستواء، ثم تظهر على سواحل أميركا الجنوبية.
أما النمط المناخي الثاني، فيُعرف بالتذبذب المناخي متعدد العقود في المحيط الأطلسي (AMO)، والذي يمتد على فترة تتراوح بين 25 إلى 40 عاماً، ويتعلق بارتفاع درجات حرارة مياه المحيط الأطلسي وتأثير الرياح الموسمية الأفريقية المكثفة.
متى يبدأ موسم الأعاصير في المحيط الأطلسي؟
بصفة رسمية، يبدأ موسم الأعاصير في المحيط الأطلسي في الأول من يونيو، ويستمر حتى 30 نوفمبر أما في شرق المحيط الهادي، فيبدأ موسم الأعاصير في 15 مايو، وينتهي في 30 نوفمبر ومع ذلك، تتجلى غالبية العواصف الشديدة في الفترة بين أغسطس وأكتوبر في المناطق الساحلية.
خلال عام 2021، شهدنا سلسلة من العواصف، منها على سبيل المثال العاصفة الاستوائية "آنا" التي ضربت شمال شرق برمودا في 22 مايو وكذلك العاصفة الاستوائية "بيل" التي ظهرت في 14 يونيو جنوب شرق هاليفاكس بمقاطعة نوفا سكوشا. ولم ننسَ العاصفة الاستوائية "كلوديت" التي ظهرت على ساحل الخليج في 17 يونيو، ولا يمكن تجاهل إعصار "داني" الذي وصل إلى اليابسة شمال هيلتون هيد مباشرة بجزيرة ريتشاردز في ساوث كارولينا في 28 يونيو، وفي الثاني من يوليو، شهدنا إعصارًا من الفئة الأولى يحمل اسم "إلسا" شرق الكاريبي.
استراتيجيات للحفاظ على السلامة خلال الإعصار
للتحضير ومواجهة هذه العواصف الخطيرة، يجب على السكان الذين يعيشون في المناطق المعرضة للأعاصير اتخاذ إجراءات وقائية مثل إعداد حقيبة الطوارئ، وتعزيز هياكل المنازل لتحمل الرياح القوية، ومتابعة التنبؤات الجوية والتعليمات الرسمية المقدمة من قبل السلطات المحلية والوطنية.
في هذا السياق، يعتبر التوعية بالأعاصير والتحضير لها جزءًا حيويًا للحفاظ على السلامة الشخصية والممتلكات خلال موسم الأعاصير في المحيط الأطلسي، وتبدأ رحلة الحفاظ على سلامتك خلال موسم الأعاصير بخطوة بسيطة للغاية، وهي "إعداد خطة".
حيث تساعدك هذه الخطة في تحديد إجراءاتك خلال العاصفة، مثل معرفة ما إذا كان آمنًا البقاء في المنزل، أو إذا كان من الأفضل مغادرته لمكان آخر، وتوجيهك إلى الطرق الصحيحة للسلامة، وفي حالة وجودك في منطقة تتعرض للعاصفة، يجب عليك أيضًا معرفة أماكن إقامة آمنة. يجب تحديد مكان اجتماع محدد مسبقًا يمكن لأفراد عائلتك التجمع فيه، وقد يكون استخدام الرسائل النصية أفضل من استخدام الهواتف المحمولة؛ نظرًا لازدحام خطوط الهاتف خلال العاصفة وبالنسبة للحيوانات الأليفة، يجب تقييدها خلال العاصفة.
استراتيجيات الحفاظ على الممتلكات خلال الإعصار
عادةً ما تسبب الأعاصير سقوط الأشجار على الممتلكات، ومن ثم يتعين على أصحاب المنازل الواقعة ضمن مناطق معرضة للأعاصير اتخاذ إجراءات احترازية دورية لحماية ممتلكاتهم، ويمكن أن تشمل هذه الإجراءات تقليم الأشجار أو إزالتها، وضمان تثبيت مزاريب المطر في مكانها والتحقق من خلوها من أي كسور، بالإضافة إلى فحص سلامة الأسقف والأبواب والنوافذ، بما في ذلك باب المرآب وبعض الأشخاص قد يختارون أيضًا بناء "غرف آمنة"، وهي غرف محصنة تم تصميمها لتحمل الأعاصير الشديدة.
ما هي إمدادات الطوارئ التي يحتاجها الأشخاص عند وقوع الإعصار؟
الأشخاص الذين يعيشون في مناطق تعرض للأعاصير يجب عليهم الاستعداد بامتلاك مخزون من الإمدادات الأساسية للطوارئ ويجب أن تتضمن هذه الإمدادات مواد غذائية غير قابلة للفساد، وزجاجات مياه بسعة غالون للفرد يوميًا لمدة لا تقل عن 3 أيام.
وزيادة على ذلك، يُفضل أيضًا أن يكون لديهم راديو يعمل بالبطاريات، ومصباح يدوي مع بطاريات احتياطية، وحقيبة إسعافات أولية، وصافرة، وقناع ضد الغبار، ومناشف رطبة، وأكياس قمامة وأربطة بلاستيكية للصرف الصحي، ويمكن أيضًا تضمين مفتاح لإيقاف تشغيل الأنابيب المكسورة، وخرائط، وفتاحة علب الطعام، وشواحن للهواتف المحمولة ضمن الإمدادات الأساسية للطوارئ.
أعرف أيضا:
5 أعاصير هامة نشطت في بحر العرب خلال أكتوبر من الأيام الماضية
دراسة : الأعاصير الأطلسية تشتد بشكل سريع بسبب التغير المناخي
المصادر: