الاحتباس الحراري العالمي يلعب دورًا مهمًا في روسيا

كتبها طقس العرب بتاريخ 2024/02/24

طقس العرب - على الرغم من أن الحكومات في مختلف أنحاء العالم ربما تتسابق لتجنب التأثيرات الكارثية المحتملة لتغير المناخ، إلا أن اقتصاديات الاحتباس الحراري العالمي تلعب دورها بشكل مختلف في روسيا.

فعلى سبيل المثال، في بيفيك، وهي مدينة ساحلية صغيرة تقع على المحيط المتجمد الشمالي في أقصى شمال روسيا، يُنظر إلى المناخ الدافئ على أنه نعمة. يستفيد سكان بيفيك من طفرة الشحن البحري في القطب الشمالي، حيث يُعتبر المناخ الدافئ فرصة لتعزيز الاقتصاد المحلي وتطوير البنية التحتية، بالإضافة إلى تحسين شروط الحياة للمجتمع المحلي.

 

الاحتباس الحراري العالمي يلعب دورًا مهمًا في روسيا

قبل أن يفتح ارتفاع درجات الحرارة آفاقا اقتصادية جديدة، كانت مدينة بيفيك والمجتمعات التابعة لها مهجورة في الغالب، وكانت واحدة من العديد من المواقع الاستيطانية الجليدية الراكدة للإمبراطورية السوفياتية. خلال العهد السوفياتي، شهدت المدينة انخفاضًا كبيرًا في عدد السكان، حيث انخفض من نحو 25 ألف نسمة إلى نحو 3 آلاف نسمة.

 

ولكن مع تزايد الاحتباس الحراري العالمي، بدأت عجلة الحظ تدور مرة أخرى، حيث ارتفع عدد السكان بمقدار 1500 نسمة، وهذا الأمر أظهر -على الأقل في بعض المناطق الصغيرة- استراتيجية الكرملين في التكيف مع التغيرات، وذلك من خلال الإنفاق حيثما كان ذلك ضروريًا وتحقيق الربح في كل فرصة ممكنة.

تتوسع الأراضي الصالحة للزراعة، حيث بدأ المزارعون في زراعة الذرة في أجزاء من سيبيريا التي لم تُزرَع من قبل. وتنخفض فواتير التدفئة في فصل الشتاء، وبدأ الصيادون الروس في العثور على كميات متواضعة من سمك البلوق في المناطق المذابة في المحيط المتجمد الشمالي بالقرب من ألاسكا.

 

إحدى الفوائد التي لم يتنبه لها سكان بيفيك هي أنهم لم يشعروا بتغير في المناخ، حيث يبدو الطقس باردًا وكما كان دائمًا بالنسبة لهم، على الرغم من أن متوسط درجة الحرارة أصبح أكثر دفئًا بمقدار 2.1 درجة فهرنهايت مما كان عليه قبل 20 عامًا.

ولكن، لا تظهر التوقعات أكثر إشراقًا في أي مكان مما هي عليه في أقصى شمال روسيا، حيث أتاح ارتفاع درجات الحرارة سريعًا العديد من الفرص الجديدة، مثل مشاريع التعدين والطاقة.

انحسار جليد القطب الشمالي جعل الشحن التجاري في الممرات الشمالية الغربية والشمالية الشرقية في قبضة الدب الروسي. فلم تعد الناقلات وسفن الشحن القادمة من الشرق وجنوب شرق آسيا بحاجة إلى كاسحات جليد لتشق لها طريقها إلى أوروبا عبر طريق الحرير الأبيض.

 

لفهم مدى أهمية هذه الممرات الجديدة، يُمكن التفكير في الطريق التقليدي من روتردام في هولندا إلى شنغهاي في الصين. في أوائل القرن التاسع عشر، كان على السفن أن تسافر حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، وكانت المسافة تبلغ نحو 26 ألف كيلومتر. ولكن مع افتتاح قناة السويس في مصر عام 1869، أصبح من الممكن تجنب الرحلة الطويلة والشاقة حول أفريقيا، مما جعل الرحلة أقصر بنسبة 23%.

وعبر القطب الشمالي الروسي، هناك ائتلاف تجاري من الشركات التي تُدعمها الحكومة الروسية، يقوم بخطة لاستثمار 735 مليار روبل (نحو 10 مليارات دولار) على مدى خمس سنوات لتطوير الممر الشمالي الشرقي، وهو ممر ملاحي يمتد بين المحيط الهادي والمحيط الأطلسي يُطلق عليه الروس "طريق بحر الشمال". تهدف هذه الخطة إلى جذب الشحن بين آسيا وأوروبا، مما يعمل على تخفيف الاعتماد على قناة السويس، بالإضافة إلى تعزيز مشاريع التعدين والغاز الطبيعي والسياحة.

 

كلما انحسر الجليد في القطب الشمالي، زادت منطقية هذه الأفكار التجارية. فعلى سبيل المثال، يختصر هذا الممر الملاحي ما يقارب 24% من الرحلة عبر طريق بحر الشمال من بوسان في كوريا الجنوبية إلى أمستردام. وبالتالي، يساهم في توفير الوقت وتقليل تكاليف الوقود بشكل كبير، مما يجعله مسارًا مائيًا ذا أهمية استراتيجية بالغة.

 

على الرغم من أن حركة المرور قليلة في الوقت الحالي، إلا أنه من المتوقع في المستقبل القريب أن تتسنى للسفن الإبحار في هذا الطريق دون الحاجة إلى مساعدة كاسحات الجليد، حيث ستوفر البحار الخالية من الجليد والأكثر دفئًا مسارًا آمنًا لمرور أعداد كبيرة من السفن التجارية.

لم يسبق لهذا الطريق التجاري المحيطي، المليء بالمفارقات والذي يحمل أهمية استراتيجية كبيرة، أن سُلكته أي دولة من قبل. والآن، تشدد روسيا قبضتها عليه، وتسميه الصين "طريق الحرير القطبي"، وتعتبره روسيا ممرًا مائيًا داخليًا خاصًا بها. يمتد الطريق من مضيق بيرنغ في الشرق إلى بوابة كارا في الغرب، يغطي نحو 5600 كيلومتر، ويُستخدمه أغلبية المجتمع الدولي كممر دولي.

 

سلَّمت الحكومة الروسية شركة الطاقة النووية الحكومية "روس آتوم"، التي تنسق الاستثمار في خطوط الشحن، مسؤولية الإشراف على هذا المسار. وفرضت قيودًا على حركة مرور السفن الحربية الأجنبية، حيث يجب أن تقتصر دون إخطار لمدة تصل إلى 45 يومًا وتتطلب إذنًا صريحًا من الحكومة الروسية.

كانت البداية في عام 2017 عندما قطعت ناقلة نفط روسية القطب الشمالي دون الحاجة إلى كاسحات جليد، وأتمت رحلتها بين آسيا وأوروبا في مدة قصيرة تبلغ 19 يومًا فقط. هذه المدة أقل بكثير من الـ48 يومًا التي يستغرقها السفن عادة للانتقال من الصين إلى أكبر ميناء في أوروبا، في روتردام.

 

يذيب المناخ الدافئ القمم الجليدية، ويجعل هذه المنطقة من المحيط متاحة لأول مرة في تاريخ البشرية، مما يسهل نقل الوقود الأحفوري الذي تسبب في ذوبان الجليد في المقام الأول. ومع فقدان المزيد من الغطاء الجليدي، سيكون هذا الطريق العابر للقطب متاحا بشكل أكبر خلال المزيد من الأشهر بدلاً من شهرين فقط في السنة.

وارتفعت حركة السفن في القطب الشمالي الروسي بنحو 50% في عام 2020، رغم أنها لا تزال تمثل 3% فقط من حركة المرور عبر قناة السويس. ومع ذلك، فإن تجربة التشغيل في فبراير/ شباط 2021 باستخدام سفينة تجارية معززة بشكل خاص قدمت دليلاً على أنه يمكن عبور الممر في فصل الشتاء. لذلك، من المتوقع أن ترتفع حركة المرور بشكل حاد عندما يُفتح الطريق على مدار العام، حسبما أفاد يوري تروتنيف نائب رئيس الوزراء لوسائل الإعلام الروسية.

 

إقرأ أيضًا: كنوز القطب الشمالي المُتجمدة .. ما موقف روسيا؟

 


المصدر: aljazeera



تصفح على الموقع الرسمي



السعودية | موسم الرياض 2024 يحقق إنجازًا جديدًا بوصول عدد الزوار إلى 6 ملايينالملك سلمان يوافق على استضافة 1000 معتمر من 66 دولةالسعودية | تشمل جدة والرياض .. تغيرات جذرية على الطقس وعودة مرتقبة للأمطار في مناطق واسعة الأسبوع القادمالأردن | موجة برد سيبيرية تندفع إلى المملكة الأسبوع القادم مسبوقة ببعض الأمطارالصحة العالمية: تمنح الترخيص لأول لقاح لجدري القرود للأطفالالسعودية | موجة برد شديدة مُبكرة من أصول قطبية تهوي بدرجات الحرارة لمستويات تُقترب من الصفر المئوي الأسبوع القادم.. تفاصيل10 دولة تمنحك الجنسية عند شراء العقاراتبالفيديو | بركان في آيسلندا يثور للمرة السابعة خلال عامفي اليوم العالمي للتلفاز.. كيف تطورت النشرات الجوية عبر الزمن؟