الاسعافات النفسية الأولية لأهل غزة... كيفية تقديم الدعم النفسي للاشخاص الذين تعرضو للحروب
طقس العرب - تعيش غزة، تحت ظروف صعبة ومعاناة طويلة من الحروب والتوترات المستمرة حيث يواجه سكان غزة تحديات نفسية هائلة نتيجة للأحداث الصادمة والضغوط النفسية التي يتعرضون لها، ويعد تقديم الإسعافات النفسية الأولية أمرًا مهماً لمساعدة هؤلاء الأشخاص على التعامل مع تداعيات الحروب والضغوط النفسية التي تنتج عنها.
ما هي الإسعافات النفسية الأولية؟
الإسعافات النفسية الأولية يمكن تعريفها على أنها الدعم والرعاية الإنسانية التي تُقدَّم للأفراد الذين تأثروا بأحداث مؤلمة، مثل الكوارث الطبيعية، حوادث السير، الحرائق، الحروب، والعنف، حيث يمكن أن يفقدوا أحباءهم، أو يشهدوا الموت والإصابات والدمار الذي ينجم عن تلك الأحداث، وتتفاوت ردود الأفعال تبعًا لطبيعة الحدث وخصوصيات الشخص، مثل تجربته السابقة مع الأحداث المؤلمة وحالته الصحية وعمره، فضلاً عن العوامل الثقافية والاجتماعية، وتشمل هذه الردود العواطف المختلفة مثل الخوف، والارتباك، والقلق، والانعزال.
كيفية التعامل مع ضحايا الحروب
مساندة ضحايا الحروب وتقديم الدعم النفسي لهم، حتى وإن كانت بأبسط الوسائل مثل قضاء الوقت معهم والاستماع إلى تجاربهم، تعتبر وسيلة فعالة لمساعدتهم على تخطي مشاعر الحزن والعجز والتقليل من الألم النفسي الذي يعانونه.
من بين الإرشادات الهامة للتعامل مع ضحايا الحروب تشمل:
- الإصغاء الجيد دون مقاطعة: يجب منح الأفراد الفرصة للتعبير عن مشاعرهم والاستماع إليهم بعناية دون مقاطعة. يجب أن يشعروا بأنهم يمكنهم التحدث بحرية عن تجاربهم ومشاعرهم.
- تقديم الدعم والاهتمام: يجب إبداء الاهتمام بالأفراد وطمأنتهم بأن أوضاعهم تهمك وتثير اهتمامك ان هذا يساعدهم على الشعور بالدعم النفسي والعاطفي.
- الاحترام وتجنب الحكم: يجب احترام مشاعر الأفراد وتجنب إطلاق الأحكام عليهم لأن كل شخص يتعامل مع التجارب المؤلمة بشكل مختلف، ويجب أن يتم احترام تلك الاختلافات.
- منح الوقت: يجب منح الأفراد الوقت الكافي للحديث والتعبير عما يرغبون في مشاركته.
- تجنب اللوم والانتقاد: يجب تجنب لوم الأفراد أو انتقاد ردود أفعالهم تجاه التجارب المؤلمة التي مروا بها. الأهم هو فقط الاستماع وتقدير مشاعرهم.
- تجنب تقديم النصائح والحكم: يجب تجنب تقديم النصائح والحكم أثناء الحديث عن تجارب الأفراد، وفي هذه المرحلة، يحتاجون فقط إلى من يستمع إلى مشاعرهم دون تقديم نصائح.
التعاطي بعناية مع ضحايا الحروب يمكن أن يكون له تأثير كبير في مساعدتهم على تجاوز التحديات النفسية التي تنشأ نتيجة لتلك التجارب الصعبة.
يعاني ضحايا الحروب في العديد من الأحيان من تأثير مرير للأحداث التي مروا بها، وخاصة إذا كانوا قد تعرضوا لصدمة نفسية، فقد تُسْتَفَزّ ذكرياتهم المؤلمة من خلال مواقف محددة مثل الأصوات العالية أو الأحداث الصاخبة، مما يعيد إحياء أوجعهم مجددا لذا، يصبح من الضروري فهم تلك المحفزات واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من تعرض ضحايا الحروب لهذه المواقف قدر الإمكان.
تقديم الدعم النفسي والاجتماعي:
يجب توفير الدعم النفسي لضحايا الحروب الذين يعانون حاجة ماسة إليه، ويجب ألا نسمح لهم بالانعزال عن الآخرين، وعلينا احترام مساحتهم الشخصية؛ حيث إن الانعزال والابتعاد عن الآخرين قد لا يساهم في تحسين وضعهم، بل ربما يزيد معاناتهم وتجدد ذكرياتهم المؤلمة.
يمكن تحقيق تفاعل فعّال مع ضحايا الحروب وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي من خلال الإجراءات التالية:
- قضاء وقت كاف معهم
- المساعدة على عودتهم إلى ممارسة حياتهم اليومية.
- تشجيعهم على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والتواصل مع الآخرين لتجنب الانسحاب الاجتماعي.
- تقديم المساعدة على المهام اليومية؛ نظرًا لصعوبة أداء ضحايا الحروب لهذه المهام؛ بسبب الإرهاق النفسي الشديد الذي يعانونه.
- وقد تكون المساعدة المادية ضرورية لضحايا الحروب الذين يواجهون صعوبات مادية نتيجة فقدانهم للممتلكات وسبل عيشهم.
إعادة بناء الثقة وبث الطمأنينة والأمل
ضحايا الحروب قد يفقدون الثقة بمن حولهم، وتتغير نظرتهم إلى العالم بشكل سلبي لذلك، يجب علينا إعادة بناء هذه الثقة وإعادة إحياء الأمل في نفوسهم ليستطيعوا المضي في الحياة على نحو إيجابي.
تقديم النصائح التالية يمكن أن يكون له تأثير إيجابي عند التعامل مع ضحايا الحروب بطريقة تساعد على استعادة الثقة والأمان وبث الطمأنينة في نفوسهم:
- ضمان البقاء بجوار الشخص المتضرر، حتى يمر بمحنته، ويتمكن من العودة إلى حياته الطبيعية، مما يجعله يشعر بأنه ليس وحيدًا في هذا العالم.
- التحدث عن المستقبل بإيجابية والتخطيط له، ومنح الأمل في تحسين الظروف.
- مساعدة الشخص على بناء الثقة بنفسه من خلال التركيز على نقاط قوته ودعمها.
- إنشاء روتين يومي واضح للشخص، بدءًا من تحضير الإفطار معًا وانتهاءً بالذهاب إلى النوم، مما يمنحه شعورًا بالاستقرار والأمان.
- تخصيص مهام للشخص ليقوم بها يمكن أن يساعد على استعادة ثقته بنفسه
الأمور التي ينصح بتجنبها عند التعامل مع ضحايا الحروب:
- عدم تجديد الذكريات المؤلمة: ينبغي تجنب إثارة أو تذكير ضحايا الحروب بأحداث مأساوية في ماضيهم، حيث يمكن أن يسبب ذلك تجديدًا للألم والصدمة.
- عدم تركهم ينعزلون: لا يجب ترك ضحايا الحروب ينعزلون بأنفسهم، بل يجب تشجيعهم على المشاركة في الحياة الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين لتجنب الانسحاب الاجتماعي.
- تجنب الضغوط: يجب تجنب ممارسة الضغوط على ضحايا الحروب للتحدث عن تجاربهم أو التعبير عن مشاعرهم إذا لم يكونوا مستعدين لذلك، ويجب الاحترام والصبر في هذا الصدد.
- عدم تقديم التقدير والاهتمام: ينبغي تجنب تجاهل ضحايا الحروب أو عدم تقدير معاناتهم وتجاربهم، ويجب أن يشعروا بأن هناك من يهتم بهم، ويقدر ما مروا به.
- عدم تقديم الدعم المادي: إذا كان ذلك ممكنًا، يجب تجنب عدم تقديم الدعم المادي لضحايا الحروب الذين يعانون صعوبات مادية نتيجة للصراعات والفقدان والدعم المادي يمكن أن يكون ضروريًا لمساعدتهم على استعادة استقرارهم.
تقديم الإسعافات النفسية الأولية لسكان غزة هو أمر ضروري لمساعدتهم على التعامل مع تأثيرات الحروب والتوترات المستمرة، وتحتاج الجهات المعنية إلى التفهم والتواصل الفعال، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي وتعزيز الوعي بأهمية الصحة النفسية، ويمكن أن يلعب الدعم المجتمعي والمتابعة الدور الأساسي في مساعدة أهل غزة على بناء قدرتهم على التكيف والتعافي من الصدمات.
اعرف أيضا:
بعد العدوان على غزة.. كيف نتجنب الاحتراق النفسي أثناء الأزمات والحروب؟
تأثير حرب غزة على نفسية الأطفال... صدمات تستمر طويلاً
المصادر: