انحسار مياه البحر المتوسط عن شواطئ دول عربية.. هل له علاقة بزلزال تركيا المدمر؟

طقس العرب - أثار مشهد انحسار مياه البحر الأبيض المتوسط عدة أمتار عن شواطئ عدة دول عربية، مخاوف وتساؤلات عدة تم ربطها بتداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، وغذّت تلك المخاوف تصريحات تُركية متسرعة بحدوث تسونامي بعد وقوع الزلزال، تم التراجع عنها سريعاً.

 

وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد تراجع مياه البحر وانخفاض مستواه، بمحاذاة الخط الساحلي اللبناني، وفي شواطئ مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء بمصر، وشواطئ مدينة عكا بفلسطين.

 

 

 

سبب تراجع التصريحات المتخوفة من حدوث تسونامي بعد زلزال تركيا

يُعرف "التسونامي" بأنه أمواج عاتية تنشأ من تحرك مساحة كبيرة من المياه لعدة أسباب أحدها هو الزلازل، ولحدوث تسونامي بعد الزلزال يُشترط أن يكون مركز الزلزال في قاع البحر، وأن تكون حركة القشرة الأرضية أثناء الزلزال عمودية وليست أفقية، وبحسب الخبراء، فإن 85 في المائة من حركة القشرة الأرضية خلال زلزال سوريا وتركيا، كانت حركة أفقية، والبقية كانت حركة عمودية، وهو ما دفع تركيا إلى التراجع السريع عن التصريحات المتخوفة من حدوث "تسونامي.
 

و هناك سبباً آخر، أثار القلق من حدوث تسونامي، وهو مصدر الزلزال، حيث كان سبب الزلزال أحد الفوالق البعيدة عن البحر، ولكن لأن هذا الفالق يتقاطع مع آخر يمر عبر البحر، ظن المسؤولون الأتراك أنه يمكن أن يكون له تأثير في حدوث هزات ارتدادية مصدرها البحر، ولكن هذا لم يحدث.
 

وعلى الرغم من تراجع تركيا عن تلك التصريحات بعد تكشُّف مزيد من البيانات عن الزلزال، فإنها لا تزال تجد صدى، ويتم ربط مشاهد كانت تمر دون أن يلتفت لها أحد، مثل مشهد تغير لون البحر في محافظة الإسكندرية (شمال القاهرة) الذي تم ربطه هو أيضاً بحدوث الزلزال، والآن انحسار مياه البحر المتوسط عن بعض الشواطئ.

 

إذن لماذا أثارت الظاهرة قلقاً؟ وما سببها؟

 

سبب تراجع مياه البحر المتوسط عن بعض الشواطئ

مشهد انحسار مياه البحر يحدث نتيجة عوامل مثل المد والجزر، وهذا مشهد معتاد ويتكرر بحسب تأثيرات ظاهرة المد والجزر، لكن يبدو أن الخوف من تبعات زلزال تركيا جعل الناس يركزون مع أشياء لم تكن في السابق تلفت انتباههم.
 

وأوضحت المدربة الفلكية، وعضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، دلال اللالا، في تصريحات لـ"طقس العرب" أن انحسار مياه البحر يوم 2023.2.20 حدث طبيعي ناتج من ظاهرة متكررة وهي ظاهرة المد والجزر، والتي تتفاوت في الشدة من مكان لآخر ومن فترة لأخرى، حيث يتراوح من عدة سنتيمترات إلى عدة أمتار في الوضع الطبيعي.

وتحدث ظاهرة المد والجزر لمياه البحار والمحيطات بسبب تأثير جاذبية القمر وجاذبية الشمس على كوكب الارض، بحيث يرتفع مستوى مياه البحر عند حدوث المد، ويحدث العكس بانخفاض مستوى المياه في حالة الجزر.

 

وفي يوم 19-2-2023 وصل القمر لأقرب نقطة له من الأرض (نقطة الحضيض)، وكان في طور المحاق، أي أن الأرض والقمر والشمس على استقامة واحدة، ما أنتج المد العالي وهو زيادة عن المد المُعتاد، ويحدث مدان في كل يوم يتخللها جزران أيضا، هذا ما لوحظ على شواطئ بعض الدول من انحسار وتراجع لمياه البحر.

ولابد من التنويه أن عوامل أخرى كعوامل الطقس المرتبطة بسرعة الرياح وغيرها أيضا تعد عوامل مساهمة في قوة مقدار المد والجزر، ففي حال غياب الرياح النشطة التي تسبب حدوث الأمواج، يظهر الجرز بشكل أوضح ويكون انحسار مياه البحر أكبر.

 

لكن، هل لزلزال تركيا علاقة بهذا الانحسار للمياه؟

من جانبه، أوضح الدكتور مصدوق التاج أستاذ الجيولوجيا التركيبية وعلم الزلازل في الجامعة الهاشمية بالأردن، في تصريح لـ"طقس العرب"، أن هناك عامل آخر ساهم في انحسار المياه، حيث أن الزلزال الأخير الذي وقع مساء الإثنين (20 شباط) في جنوبي تركيا، ناتج عن صدع يتحرك جانبيا مع حركة عمودية للأسفل، أي أن الصفيحة الغربية تحركت قليلا للأسفل، ما قد تسبب في حركة مياه البحر وانحسارها عن المناطق الشاطئية باتجاه الشمال. 

 

وفي مصر، يقول عمرو زكريا، رئيس معهد علوم البحار المصري، لـ"الشرق الأوسط"، إن الانحسار في المياه، حدث بشكل تدريجي، حتى قبل الزلزال، وليس فجائياً؛ ولا ينكر رئيس معهد علوم البحار أن الانحسار الواقع حالياً يفوق ما هو معتاد في السنوات السابقة، لذلك فهو يخضع حالياً لدراسة مستفيضة من جانب باحثي المعهد، وسيتم إعلان نتائجها فور الانتهاء منها.

 

اقرأ أيضا: برق الزلازل.. وميض غامض من الضوء يظهر في السماء مع حدوث الزلزال القوية.. وهذا تفسير العلم للظاهرة الغامضة