بالحقائق والأرقام.. تعرف على الوضع المائي ومظاهر أزمة المياه في العالم العربي
طقس العرب - يُصادف يوم 22 مارس/آذار من كل عام اليوم العالمي للمياه، وفي كل عام يحمل هذا اليوم جرس إنذار للدول العربية، لتعيد ترتيب أوضاعها تجاه قضية المياه، التي تُعد واحدة من أخطر القضايا التي تواجه المنطقة.
وفي هذه المناسبة الدولية لليوم العالمي للمياه، نستعرض حقيقة الوضع المائي في المنطقة العربية لتنبه المواطن العربي بخطورة القضية، ولكي يعلم أن ثمة واجبا عليه القيام به من أجل الحفاظ على هذا المورد الشحيح، والذي سيزيد الطلب عليه عام 2040 بنسبة 50%، في حين سيزيد الطلب على الطاقة في العام نفسه بنحو 25% فقط، وهو ما يعكس أهمية المياه في المرحلة القادمة.
مظاهر أزمة المياه في المنطقة العربية
تقع المنطقة العربية ضمن حزام الأراضي القاحلة والجافة، وتعاني معظم الدول العربية من ندرة مياه شديدة لوقوعها في منطقة شحيحة الأمطار ، إذ لم يتجاوز متوسط حصة الفرد من المياه المتجددة في عام 2020 حوالي 650 متر مكعب سنوياً ، متراوحاً بين 5 متر مكعب سنويا في الكويت، و 2472 متر مكعب سنويا في موريتانيا.
وفيما يلي تصنيف الدول العربية من حيث وفرة المياه بحسب التقرير العربي الموحد 2021:
- دول الندرة المطلقة للمياه: التي تقل فيها حصة الفرد عن 500 متر مكعب سنويا، وهي 13 دولة بما يشمل دول مجلس التعاون من الخليج العربية واليمن والأردن وفلسطين وجيبوتي والجزائر وليبيا وتونس.
- دول الندرة المائية: التي تتراوح حصة الفرد فيها بين 500- 1000 متر مكعب سنويا، وهي ست دول: الصومال ولبنان وسورية ومصر والسودان والمغرب.
- ولم تزد حصة الفرد عن حد الندرة المائية المقدر بحوالي 1000 متر مكعب سنويا إلا في ثلاث دول فقط، وهي: العراق وموريتانيا وجزر القمر.
أسباب تفاقم أزمة المياه في الدول العربية
تتفاقم أزمة المياه في الدول العربية عاما بعد عام نتيجة لعدة عوامل من أهمها :
- النمو السكاني ونمو الطلب على المياه مع ثبات كميات المياه المتجددة سنويا.
- تغير أنماط استهلاك الماء والغذاء نتيجة النمو الحضري وتحسن مستويات المعيشة.
- التوسع المستمر في الزراعة المروية والهدر الكبير في مياه الري بسبب انتشار الري التقليدي بالغمر.
- محدودية النجاح في تنويع النشاط الاقتصادي للسكان وتوجيهه نحو أنشطة غير زراعية.
- استمرار ضعف المؤسسات المنوطة بإدارة الطلب على المياه وترشيد استخدامها وتطبيق مبادئ الإدارة المتكاملة ومقتضياتها.
- ومن المرجح أن تزداد أوضاع المياه في الدول العربية سوء بسبب التأثيرات المتوقعة لتغير المناخ.
- التحديات المتزايدة التي تواجهها بعض الدول العربية فيما يخص حقوقها في مياه الأنهار المشتركة مع دول الجوار، خصوصاً على أنهار النيل ودجلة والفرات
لهذا ، يقدر أن يتراجع متوسط حصة الفرد من المياه السنوية المتجددة إلى حوالي النصف في كل 30 سنة تقريبا ، حيث هبط هذا المتوسط من حوالي 1350 متر مكعب سنويا في عام 1990 ، إلى حوالي 650 متر مكعب سنويا في عام 2020، ومن المُتوقع أن يهبط إلى حوالي 300 م3 / سنة بحلول عام 2050.
اقرأ أيضا: في اليوم العالمي للمياه 2022 - ما هي المياه الجوفية؟ وما أهميتها؟
مصادر المياه في الدول العربية
يقدر متوسط حجم مياه الأمطار التي تتلقاها الدول العربية سنوياً بحوالي 1692 مليار متر مكعب، يتبقى منها بعد فواقد التبخر حوالي 710 مليار متر مكعب، تمثل متوسط حجم المياه المتجددة سنوياً، وتتوزع هذه الكمية كما يلي :
- المياه الزرقاء أو المياه التقليدية : ويقدر متوسط حجمها سنويا بحوالي 267 مليار متر مكعب، وتتكون من:
- مياه الأنهار والبحيرات ومياه الخزانات الجوفية المتجددة، أو الخزانات المفتوحة التي تتغذى مباشرة من الأمطار والسيول والأنهار، ويقدر حجمها السنوي بحوالي 220 مليار متر مكعب.
- مياه الخزانات الجوفية غير المتجددة أو الخزانات المغلقة التي تجمعت فيها المياه منذ آلاف السنين (المياه الاحفورية)، ويقدر حجم الاستخدام السنوي منها بحوالي 47 مليار متر مكعب، ويتزايد الضخ منها سنويا لتغطية العجز وتلبية الطلب المتزايد.
- المياه الخضراء : وهي مياه الأمطار التي تتخلل نطاق التربة وتخزن فيه ليستفيد منها الغطاء النباتي لاحقا، وذلك في المراعي والأراضـي الزراعة والغابات، ويقدر متوسط حجمها السنوي بحوالي 443 مليار متر مكعب.
- المياه غير التقليدية: بالإضافة إلى المياه الزرقاء والمياه الخضراء ، تنتج الدول العربية سنوياً حوالي 75 مليار متر مكعب من المياه غير التقليدية، منها:
- 29 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعي.
- حوالي 25 مليار متر مكعب من مياه الصرف الصحي والصناعي، ويُقدر أن حوالي 14 مليار متر مكعب فقط من مياه الصرف الصحي والصناعي يتم جمعها، ويعالج منها حوالي 10 مليار متر مكعب ويُعاد استخدام حوالي 4 مليار متر مكعب منها فقط.
- حوالي 21 مليار متر مكعب من مياه التحلية.
مقدار الهدر المائي في المنطقة العربية
لا يقتصر الهدر في المنطقة العربية على المياه، ولكنه يشمل مجالات اقتصادية أخرى، مثل الغذاء، والمحاصيل الزراعية (عند جمعها وتعبئتها)، والطاقة، ولكن بالنسبة للمياه فتعد طرق الري التقليدية في المنطقة العربية أحد أهم أسباب هدر المياه.
وتشير الأرقام الخاصة باستخدام المياه في المنطقة العربية -بين الأنشطة المختلفة- إلى أن قطاع الزراعة يستحوذ على 84% من المياه المستهلكة، في حين يستحوذ الاستهلاك المنزلي على نسبة 9%، وتنصرف نسبة 7% للنشاطين الصناعي والتجاري.
وتذهب التقديرات إلى أن نسبة الهدر في المياه المستخدمة في نشاط الزراعة تتراوح بين 25 و30%، بسبب نظم الري التقليدية، وكذلك ري المحاصيل أكثر من مرة، أو زيادة مقننات أكثر من اللازم في المرة الواحدة.
ما خيارات الدول العربية لمواجهة شح المياه؟
بذلت الدول العربية على مدار العقود الثالثة الأخيرة جهودا حثيثة، على المستويات الوطنية والإقليمية، لمواجهة أزمة المياه، ومن أهمها:
- مواجهة الطلب المتزايد على المياه بتكثيف برامج التوعية والترشيد.
- التوسع في نظم الري الحديث، واستخدام سلالات من البذور قليلة الاستهلاك للمياه.
- زيادة تخزين المياه ببناء السدود.
- التوسع في التحلية ومعالجة واعادة استخدام مياه الصرف.
ورغم هذه الجهود فإن كثيرا من الدول العربية تلجأ لتغطية العجز المائي من خلال الاستخدام الجائر للخزانات الجوفية.
وتغطي الدول العربية قسما من عجزها المائي من خلال استيراد بعض السلع الغذائية الرئيسة، حيث يقدر أن حجم المياه الافتراضية التي تم استيرادها في عام 2019 في صورة سلع زراعية بلغ حجمها حوالي 344 مليار متر مكعب.
تأثيرات جائحة كورونا على المنطقة العربية الشحيحة بالمياه
في دراسة لمنظمة الأسكوا بعنوان "آثار جائحة كوفيد-19 على المنطقة العربية الشحيحة بالمياه"، تمت الإشارة إلى أن هناك زيادة متوقعة في استهلاك المياه بنسبة 5%، بسبب متطلبات غسل اليدين كإجراء وقائي من الإصابة بكورونا.
وتوضح أن ذلك سيزيد أعباء الأسر العربية بنحو ما بين 150 و250 مليون دولار شهريا، وليس هذا فحسب، بل هناك نحو 74 مليون نسمة معرضين بشكل كبير للإصابة بكورونا، بسبب عدم امتلاكهم المرافق اللازمة لغسل اليدين.
كما أشارت الدراسة إلى أن هناك 87 مليون نسمة معروضين للإصابة بكورونا بسبب عدم توفير مصدر محسن لمياه الشرب في منازلهم، كما يتوقع أن يتعرض نحو 26 مليون نازح للإصابة بكورونا بسبب عدم توفير خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الشخصية في أماكن تواجد النازحين.
مصدر الأرقام: التقرير العربي الموحد 2021