بريطانيا... آيس كريم الفانيليا مصنوع من البلاستيك المعاد تدويره
طقس العرب - في عالم مليء بالتحديات البيئية والمشاكل البلاستيكية المتزايدة، تبرز أحيانًا قصص نجاح مبهرة لأفراد ملهمين يقررون تغيير العالم بإبداعهم وفي بريطانيا، توجد مصممة شابة تمتلك رؤية استثنائية تجاه التلوث البلاستيكي، وحيث إنها تريد أن تحقق الاستدامة، وتقدم للعالم أكثر من مجرد حل بيئي؛ إنها تريد تحويل نفايات البلاستيك إلى طعام يتذوقه الجميع، وتتجلى هذه الفكرة الرائعة في صناعتها لآيس كريم بنكهة الفانيليا من البلاستيك المعاد تدويره.
آيس كريم الفانيليا البلاستيكي
المصممة البريطانية إليونورا أورتولاني تقول بأنها أول من قام بتحقيق إنجاز فريد ومبتكر وهو إعادة تدوير البلاستيك وتحويله إلى آيس كريم بنكهة الفانيليا، وعلى الرغم من أنه لم يتذوقه أحد بعد، تعتقد أن مذاقه سيكون مماثلًا تمامًا لآيس كريم الفانيليا العادي.
كان هذا المشروع الجريء جزءًا من رحلة إليونورا أورتولاني، مصممة طموحة تدرس في مدرسة سنترال سانت مارتينز للتصميم، حيث قررت أن تبدأ شيئًا لم يجرؤ عليه أحد من قبل على الأقل وفقًا لمعرفتها؛ حيث إنها اقتحمت عالمًا مختلفًا تمامًا، وقامت بتحويل كمية صغيرة من البلاستيك المعاد تدويره إلى نكهة آيس كريم لا تُصدق وأطلقت على مشروعها الجريء عنوان "Guilty Flavors"، الذي استلهمته من خيبتها الشديدة تجاه عمليات إعادة تدوير البلاستيك السائدة التي تحول البلاستيك إلى منتجات يصعب تدويرها مجددًا، بسبب مزجها بالراتنجات والمواد الأخرى التي تجعل المشكلة تزيد تعقيدًا، حيث خطرت الفكرة على بالها بالتزامن مع الأخبار التي تشير إلى وجود ديدان قادرة على هضم أكياس البلاستيك مؤخرًا، وبدأت إليونورا تتساءل إذا كان هناك طريقة تمكن البشر على مواجهة هذه التحديات، ويستطيعوا أن يتخلصوا من البلاستيك على نحو دائم.
إليونورا أورتولاني واكتشاف الفانيلين البلاستيكي
قالت إليونورا أورتولاني، في حديثها مع مجلة Dezeen:
"كان من غير الممكن لي أن أتصور يومًا ما أنني سأصنع فعليًا طعامًا من البلاستيك". "وكان من الصعب بالنسبة لي أن أجد شخصًا مهتمًا بالعمل معي على هذا المشروع."
ولكن في نهاية الأمر، استطاعت إليونورا أورتولاني العثور على المساعدة التي كانت تبحث عنها عن طريق جوانا سادلر، العالمة في مجال الأغذية والباحثة في جامعة لندن متروبوليتان، والتي تنتمي إلى جامعة إدنبرة.
حيث ساعدتها سادلر في تصنيع الفانيلين الاصطناعي من البلاستيك والفانيلين هو مادة تُستخدم كبديل أقل تكلفة لنكهة الفانيليا، وتجدها في منتجاتنا اليومية في محلات السوبر ماركت حيث يتم إنتاج الفانيلين والبلاستيك من نفس المادة الخام، وهي النفط الخام وهذا ما جعل الأمر ممكنًا، إذ يتطلب الأمر إنزيمًا لتفكيك الروابط القوية للجزيئات في بنية البلاستيك، وأنزيما آخر لتحويل هذه الجزيئات إلى الفانيلين.
وتقول الدكتورة جوانا سادلر، أخصائية التكنولوجيا الحيوية في جامعة إدنبرة:
"بمجرد تفكيك المواد البلاستيكية، في هذه الحالة PET، بمجرد تفكيكها إلى وحدات البناء الخاصة بها، والتي نطلق عليها اسم المونومرات، يمكنك تحويلها إلى العديد والعديد من الأشياء المختلفة."
هل تذوق أحد آيس كريم البلاستيك؟
على الرغم من أن رائحة المادة الناتجة تشبه رائحة الفانيلين تمامًا، إلا أن أورتولاني وأي شخص آخر لم يتذوقوها بعد، ويعود السبب في ذلك إلى أن هذا المنتج هو الأول من نوعه في العالم، فإنه يُعتبر مكونًا جديدًا بالكامل، ويخضع لدراسة وتقييم شامل من قبل هيئات سلامة الغذاء، وتطمح المصممة إلى أن يثير هذا الإنجاز مناقشة هامة حول مسائل إعادة التدوير وكيفية نظرنا إلى المنتجات الصناعية والطبيعية.
كيف كانت ردود الفعل على مشروع آيس كريم البلاستيك؟
وتشير الدكتورة جوانا سادلر إلى أنها تلقت ردود فعل قوية بسبب بحثها حول تحلل البلاستيك وإعادة تدويره لاستخدامه كمواد خام، واضحة بأن منتجات مثل آيس كريم المصنوع من البلاستيك لن تكون متاحة في متاجر البقالة المحلية في المستقبل القريب، وتضيف قائلة:
"لقد تلقيت بريدًا إلكترونيًا من العديد من الأفراد يقولون لي إنه من غير المسؤول تشجيع الناس على تناول البلاستيك. وأعتقد أنه ربما يكون هناك مفهوم خاطئ حول ما هو عليه بالفعل في نهاية العملية، وهو أنه لم يعد بلاستيكًا. ولكن أعتقد أنه جزء من ذلك، ومن المهم حقًا أن نأخذ جانب السلامة منه على محمل الجد حقًا، ونوضح تمامًا أن هذا المنتج يجب أن يمر بنفس العمليات التنظيمية وعمليات المعايير الغذائية تمامًا مثل أي مكون غذائي آخر وفقًا للمعايير الصحية. ووفقًا لذلك، ستكون المنتجات آمنة للاستهلاك بمجرد انتهاء هذه العمليات، وستقترب من المنتجات الاستهلاكية الأخرى."
وفي الوقت الحالي، تأمل إليونورا أورتولاني أن يساهم مشروع "Guilty Flavors" في إثارة نقاش حيوي حول التلوث البلاستيكي فيما قالت أورتولاني:
"إذا أخبرتك أن هناك مكونًا في هذا الآيس كريم يأتي من النفايات البلاستيكية، فقد تشعر بالاشمئزاز. ولكن بمجرد أن تدرك أن كل شيء في نهاية الأمر يندرج تحت نفس النظام البيئي، يصبح الأمر منطقيًا تمامًا. علينا تغيير تفكيرنا بشكل جذري حيال كيفية تناولنا للطعام وكيف نتصوره. لا أقول إنه يجب علينا أن ننظر إلى مستقبل الغذاء على أنه شيء اصطناعي أو معالج بشكل تام، ولكنه مسألة تحقيق توازن بالنسبة لي."
مع التفاقم المستمر لمشكلة تراكم النفايات البلاستيكية وتزايد تأثيرات تغير المناخ، يظل الباحثون والعلماء ملتزمين بالبحث عن حلول مبتكرة لمعالجة التحديات البيئية الملحة ومشروع Guilty Flavors يعد مثالًا بسيطًا ومميزًا على النهج المستقبلي الضروري لمعالجة القضايا البيئية اليومية، وإنها بداية لرحلة يمكن أن تحمل معها إمكانية تحقيق المزيد من الإنجازات في سبيل تقليل التلوث البلاستيكي والمساهمة في جعل عالمنا مكانًا أكثر استدامة.
اعرف أيضا:
اكتشاف غير متوقع في السحب يفاجئ العلماء
كيف يمكن لـ"أكياس من التراب" أن تساعد في مواجهة تغير المناخ
المصادر: