بسبب احترار البحر المُتوسط .. العواصف المتوسطية تزداد تكرارًا وشدة
طقس العرب - قال المُختصون الجويون في مركز طقس العرب الإقليمي إنه مع التغيرات المُناخية التي يشهدها العالم بفعل تزايد تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري، وباعتباره جزءًا من العالم وعرضة للتغيرات المُناخية، يشهد البحر الأبيض المُتوسط موجات حر بحرية تتسم بالشدة وطول فترة التأثير في السنوات الأخيرة وصولًا حتى هذا العام، الأمر الذي أدى لاعتبار البحر المُتوسط بؤرة ساخنة للتغير المُناخي والبيولوجي من منظمات الطقس العالمية.
موجات الحر البحرية تزداد تواترًا وشدة على البحر المُتوسط بسبب التغير المُناخي
وفي التفاصيل، أفاد المُختصون الجويون في مركز طقس العرب الإقليمي أن منطقة البحر الأبيض المُتوسط تشهد على مدار السنوات الأخيرة، وتحديدًا عامي 2023 و2024، موجات حر بحرية اتسمت بالشدة وطول فترة التأثير. ففي فصول الصيف السابقة وحتى صيف هذا العام، لاحظ المُختصون في طقس العرب أن موجات الحر التي يتعرض لها البحر الأبيض المُتوسط مُتكررة وقوية في آن واحد، ويُعزى ذلك إلى التغييرات التي تشهدها الأنماط الجوية في نصف الكرة الشمالي، والمُتمثلة باندفاع مُستمر لكُتل هوائية حارة صيفًا من القارة الإفريقية نحو جنوب القارة الأوروبية، وبذلك تكون عبرت مياه البحر المُتوسط.
العواصف المتوسطية في البحر المُتوسط تزداد تكرارًا وشدة بسبب التغيرات المُناخية
وفي دراسة أجراها فريق التنبؤات الجوية في مركز طقس العرب، تبين أن العواصف المتوسطية قد ازداد تكرارها وتناميها فوق مياه البحر الأبيض المُتوسط في السنوات الأخيرة. ومع زيادة درجة حرارة سطح مياه البحر المُتوسط بفعل موجات الحر، اكتسبت هذه العواصف قوة أكبر وزخمًا جويًا أعلى في السنوات الأخيرة، ولعل أقرب مثال لذلك عاصفة دانيال في سبتمبر 2023، التي ضربت ليبيا على سبيل المثال من الوطن العربي، وقبلها أثرت على اليونان بشكل مباشر.
واعتبر المُختصون الجويون الاحترار المُستمر لسطح مياه البحر الأبيض المُتوسط السبب الرئيسي لزيادة شدة وتكرار هذا النوع من العواصف، حيث تؤدي درجات الحرارة المُرتفعة لسطح المياه إلى زيادة عمليات التبخير، وبذلك يحتقن الغلاف الجوي بكميات كبيرة من بخار الماء، وعند نزول الأحواض العلوية الباردة من القارة الأوروبية نحو سطح المياه الدافئة وتوافر ظروف جوية لانفصالها عن الدورة العامة للتيار النفاث، فإنها تبدأ بالتغذي على دفء ورطوبة سطح المياه وتبدأ تكتسب خصائص تُشبه خصائص العواصف في المناطق المدارية والاستوائية (لكن على نطاق أصغر)، لاسيما من حيث الهيكل وكثافة السُحب والحركة الدورانية لها.
ظروف جوية مُواتية لتكرار تشكل العواصف المتوسطية التي لها تاريخ طويل في مياه البحر المُتوسط
ومع زيادة التسخين لسطح المياه وتكرار موجات الحر البحرية، أشار المُختصون في طقس العرب إلى أن العواصف المتوسطية يُمكن أن تزداد شدة وتواترًا مع الزمن نظرًا للتغيرات المُناخية التي يشهدها العالم، وبخاصة ارتفاع درجة حرارة المُسطحات المائية والتي يُعتبر البحر الأبيض المُتوسط أحدها وهو الأكثر عرضة للتغيرات المُناخية. وبالرغم من أن هذا النوع من العواصف قد حصل عدة مرات عبر التاريخ، فإنها قد تتكرر بشكل أكبر من السابق وتحمل شدة وزخمًا أعلى. وفي الخريطة التالية، نجد أن منطقة وسط البحر الأبيض المُتوسط هي الأكثر عرضة لتكون هذا النوع من العواصف.
وبالعودة إلى السجلات المُناخية، نرى أن منطقة البحر الأبيض المُتوسط قد شهدت هذا النوع من العواصف، وعلى سبيل المثال، ميديكين "ماكسيمو" الذي ضرب صقلية بشكل مباشر في يناير 1982، وميديكين شهر يناير/كانون الثاني 1995 بين إيطاليا واليونان وليبيا، ومن الأمثلة أيضًا ميديكين كاسيلدا عام 2020.
ما هي موجات الحر البحرية التي تؤثر بشكل مُباشر على البحر الأبيض المُتوسط؟
وعرّف مُختصون طقس العرب موجات الحر البحرية (Marine Heatwaves) على أنها فترات طويلة من درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير طبيعي في مياه المحيطات أو البحار. تحدث هذه الظاهرة عندما ترتفع درجات حرارة المياه السطحية عن المعدل الطبيعي بفارق ملحوظ، وتستمر لفترة طويلة تتراوح من عدة أيام إلى أسابيع أو حتى أشهر.
وتُعتبر موجات الحر البحرية ظاهرة خطيرة لأنها يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات واضحة وكبيرة على الأنماط الجوية فوق البحار والمُحيطات والتي تنعكس آثارها على الدول المُطلة، كما ينعكس أثر موجات الحر البحرية على النظم البيئية البحرية، مثل تدمير الشعاب المرجانية، تغير أنماط الهجرة للأسماك والكائنات البحرية الأخرى، وتعريض الحياة البحرية لمخاطر كبيرة، وغالبًا ما تتسبب التغيرات المناخية في زيادة تكرار وشدة موجات الحر البحرية.
والله أعلم.
اقرأ ايضًا:
رقم قياسي جديد: البحر الأبيض المتوسط يسجل أعلى معدل حرارة منذ عقود
ارتفاع حرارة البحر الأبيض المتوسط: هل يعيد التاريخ نفسه مع عاصفة دانيال؟