تأثير درجات الحرارة الباردة على صحة وأمراض القلب
طقس العرب - تعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم، حيث تشكل نسبة تقدر بحوالي 30% من إجمالي حالات الوفاة سنويًا.
وتعود هذه الأمراض إلى عدة أسباب وعوامل، والتي قد تزيد من خطر التعرض للجلطات القلبية أو تؤثر على أداء عضلة القلب. وتشمل هذه العوامل التغيرات في الطقس والتقلبات المناخية. فقد تم تأكيد وجود ارتباط بين تغيرات الطقس وزيادة حدوث أعراض لدى مرضى القلب والأوعية الدموية خلال فصل الشتاء مقارنة بفصل الصيف. ويعتمد هذا الارتباط على مجموعة من التغيرات والعوامل التي تحدث في الجسم وتختلف من موسم إلى آخر.
تتضمن هذه العوامل عدة جوانب، من بينها النشاط الجسدي، واحتمالية التعرض للعدوى، وتأثير التلوث الهوائي. بالإضافة إلى ذلك، يتأثر مستوى مختلف المركبات في الجسم، مثل مركبات تسبب تجلط الدم والكوليسترول، والهرمونات والمركبات التي تؤثر على تمدد أو انقباض الأوعية الدموية، بتغيرات المواسم.
استجابة جسم الإنسان للتغيرات في درجات الحرارة
يستجيب جسم الإنسان لتغير درجات الحرارة بطرق متعددة. عندما تكون درجة الحرارة المحيطة أعلى من درجة حرارة الجسم أو أقل منها، يبدأ الجسم في إجراء تغيرات لتقليل فقدان الحرارة أو زيادتها. يتم ذلك من خلال عمليات مثل فقدان الحرارة عبر التبخر وانتقال الحرارة من الأجسام الساخنة إلى الأجسام الباردة.
وفي حالة انخفاض درجة حرارة الجو لأقل من 37 درجة مئوية، يحدث نقل للحرارة من جسم الإنسان إلى الجو المحيط به. لذلك، يعمل ارتداء الملابس على تقليل فقدان الحرارة من الجسم. بالإضافة إلى ذلك، يزيد وجود الهواء والرياح من معدل فقدان الحرارة، حيث يتيح تحرك الهواء المستمر تغيير الهواء القريب من الجسم - الذي استمد جزءًا من حرارة الجسم - بشكل متكرر، مما يزيد من فقدان الجسم للحرارة.
يقوم الجسم بحماية نفسه من فقدان الحرارة بشكل كبير ويسعى للحفاظ على استقرار حرارة الجسم الداخلية بمستوى مناسب لضمان قيام الأعضاء بوظائفها الحيوية. يتم ذلك من خلال استجابتين رئيسيتين:
- الاستجابة العضلية: حيث يحدث تقلص العضلات لتوليد حرارة.
- الاستجابة الوعائية: حيث تتضيق الأوعية الدموية لتقليل فقدان الحرارة من خلال الجلد.
الأوعية الدموية ودرجات الحرارة
تستجيب الأوعية الدموية، خاصة تلك المتواجدة في الأطراف، بالتضيق عند التعرض للجو البارد، مما يؤدي إلى تقليل تدفق الدم إلى الأطراف والجلد بشكل عام. يقوم الدم بنقل الحرارة من مركز الجسم أو القلب، وعند التعرض للجو البارد، يلاحظ الشخص برودة اليدين والقدمين.
تزيد درجة إنتاج الطاقة في الجسم خلال الطقس البارد، حيث يحدث ذلك من خلال الارتجاف والارتعاش. يولد الارتجاف حركات لا إرادية في العضلات، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج الطاقة. يحتاج الارتجاف إلى تدفق أعلى من الأكسجين وزيادة عمل عضلة القلب لضمان توفير كمية كافية من الدم للعضلات لإنتاج الطاقة ورفع حرارة الجسم.
يشكل القلب عنصرًا أساسيًا في المحافظة على درجة حرارة الجسم المناسبة. يؤثر وجود مشكلات أو أمراض مزمنة في القلب بشكل مباشر على كيفية استجابة الجسم لتغييرات الطقس والظروف الجوية.
الطقس البارد و أمراض الشريان التاجي
الحفاظ على درجة حرارة الجسم في فصل الشتاء يشكل تحديًا للأفراد الذين يعانون من أمراض القلب. يتطلب الطقس البارد جهدًا إضافيًا من عضلة القلب لضمان تدفق الدم بشكل أكبر، بهدف الحفاظ على حرارة الجسم. يعاني مرضى القلب التاجي من تضيق أو انسداد في الشرايين التاجية، التي تمد عضلة القلب بالدم. يمكن أن يؤدي قلة تدفق الدم إلى عضلة القلب إلى تشويش في وظائفها، مما يسبب ألمًا في الصدر وضيقًا في التنفس، ويمكن أن يؤدي إلى ظهور أعراض مثل الذبحة الصدرية والجلطة القلبية.
لدى مرضى الشريان التاجي، يمكن أن يؤدي التعرض للطقس البارد إلى زيادة المجهود الذي يتطلبه الحصول على الدفء، مما يشكل تحديًا إضافيًا لهم. البرد، والحاجة إلى مجهود أكبر للحفاظ على درجة الحرارة، والنشاط البدني المتزايد، بالإضافة إلى المشي السريع في مواجهة الرياح الباردة، وارتفاع معدل التنفس، كلها عوامل تستلزم جهدًا إضافيًا من القلب. يُشير الأبحاث إلى أن غالبية حالات الذبحة الصدرية تحدث في فصلي الخريف والشتاء بنسبة أعلى مقارنة بالصيف، وكذلك ارتفاع حالات الجلطة القلبية خلال فصل الشتاء، وخاصة بين الذكور وكبار السن. في بعض الحالات، يمكن أن يترافق وجود أمراض الشريان التاجي مع ضعف في عضلة القلب، مما يزيد من خطر حدوث حالات تجمع للسوائل في الرئتين، مما يستدعي الحاجة إلى العناية الطبية والمتابعة الدقيقة.
ويجب الإشارة بشكل خاص إلى كبار السن والأشخاص المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية، حيث تتزايد تحديات الحفاظ على دفء أجسامهم خلال فصل الشتاء. يعود ذلك إلى زيادة الجهد المطلوب من عضلة القلب المتضررة بالفعل للحفاظ على درجة حرارة الجسم. قد يكون لديهم قلة في الدهون في الجسم، خاصةً كبار السن ذوي الوزن المنخفض، مما يزيد من فقدانهم للحرارة ويقلل من قدرتهم على الحفاظ على الحرارة. يعاني البعض منهم من عدم الإحساس بالبرودة في أطرافهم بسبب أمراض مزمنة أخرى مثل السكري، الذي يؤثر على الإحساس في الأعصاب الطرفية، مما يجعلهم أكثر عرضة لتثلج الأطراف والتقرحات الناجمة عن البرد وغيرها من المشكلات. وجود أمراض أخرى قد يزيد من تعقيد المشكلة ويقلل من قدرتهم على التعبير عن إحساسهم بالبرودة، لذلك يتعين الانتباه الخاص لهؤلاء الأفراد.
عوامل أخرى مرتبطة مع الطقس البارد
تؤثر على مرضى القلب إضافة إلى برودة الطقس خلال الشتاء والهواء البارد المحيط والرياح التي تأخذ من الدفء المحيط بالجسم فإنه تزداد فرصة التقاط العدوى والإصابة بها، خصوصاً الأنفلونزا الموسمية. يمكن أن تكون الأنفلونزا بحد ذاتها حالة حرجة لمرضى القلب، حيث تزيد الانفلونزا المسببة لارتفاع حرارة الجسم الجهد على عضلة القلب، وتسبب إرهاق عام مضاعف على جسم المريض، مما يمكن أن يسبب تفاقم في أعراض قصور القلب والأمراض القلبية التاجية.
احتياطات الطقس البارد لمرضى القلب:
- تجنب التعرض المطول للطقس البارد: قلل من وقتك في الهواء البارد قدر الإمكان، وابق دافئًا عند الخروج، وارتدي الملابس الدافئة والمناسبة.
- تجنب الإرهاق الزائد: تجنب إجراء الأنشطة البدنية الشاقة خلال الطقس البارد، وتجنب رفع الأشياء الثقيلة أو إزالة الثلوج بشكل مفرط.
- التدفئة بشكل معتدل: تجنب تسخين الغرفة إلى درجات حرارة مرتفعة جدًا. ارتدي طبقات متعددة من الملابس لتتمكن من التحكم في درجة حرارتك بشكل فعال.
- الاهتمام بصحة القلب: خذ لقاح الإنفلونزا لتقليل فرص الإصابة بالأمراض الناتجة عن الطقس البارد، وتجنب الإجهاد الزائد.
- رعاية كبار السن: تأكد من راحة كبار السن وتوفير بيئة دافئة لهم، وكن حذرًا إذا كانوا غير قادرين على التعبير عن احتياجاتهم.
باتباع هذه الاحتياطات، يمكن لمرضى القلب الحفاظ على صحتهم وتقليل مخاطر التعرض لمشاكل قلبية خلال فصل الشتاء.
المصدر: الطبي