"حرائق الزومبي" تهدد كندا... كيف ذلك؟
طقس العرب - حتى في أعماق فصل الشتاء القاسي في كندا، تظل نيران حرائق الغابات تشتعل، والتي بدورها شهدت أرقاماً قياسية في العام الماضي حيث تندلع حرائق تُعرف بـ "حرائق الزومبي" تحت طبقات كثيفة من الثلوج بمعدل غير مسبوق، مما يثير مخاوف بشأن ما قد يأتي في فصل الصيف المقبل.
ويمكن لقائدي السيارات المسافرين عبر طريق سريع الذي يمتد في مدينة فورت نيلسون في كولومبيا البريطانية، خلال فصل الشتاء، أن يرصدوا بسهولة - ويشموا - سحب الدخان الأبيض المتصاعد من الأرض المحيطة بهم.
دراسة... تزايد حرائق الزومبي في الشمال قد يكون نتيجة ارتفاع درجات الحرارة
دراسة حديثة تُسلط الضوء على احتمالية انتشار "حرائق الزومبي" في المناطق الشمالية مثل ألاسكا وكندا بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
حي أنه مع حلول فصل الشتاء تُطفأ معظم حرائق الغابات، ولكن "حرائق الزومبي" قد تتسرب تحت الأرض، وتعود إلى الاندلاع في فصل الربيع، وتشير الأبحاث إلى زيادة احتمالية وقوع هذه الحرائق بعد فصول صيف أكثر حرارة.
وتنشأ حرائق الزومبي في الغابات الشمالية، حيث تتغذى ألسنة اللهب على خث (المواد العضوية المتحولة إلى فحم) في عمق التربة.
وعلى الرغم من أن البرد الشديد والثلوج الكثيفة تمنع معظم الحرائق في النهاية، إلا أن الظروف المناسبة يمكن أن تخلق حرائق لا تنطفئ، مثل حرائق الزومبي، حيث تظل مغذاة بالوقود في التربة، وتعيش على الأكسجين المتاح تحت الثلج.
وتحت الدائرة القطبية الشمالية مباشرة، تنتقل هذه الحرائق النادرة، وتبقى تحت الأرض خلال الشتاء، لتعاود الاندلاع عندما يذوب الثلج، مما يسبب حرائق جديدة.
ومن الجدير بالذكر أن حرائق الزومبي تمتلك تأثيراً كبيراً، حيث تسببت إحداها في عام 2008 في حرق 38% من الأراضي المحترقة في ألاسكا، مما يعادل مساحة سان فرانسيسكو، وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Nature.
ويتوقع هذه الدراسة أن تصبح هذه الحرائق أكثر انتشارًا مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
وقالت ريبيكا شولتن، باحثة المناخ في الجامعة الحرة بأمستردام، والتي شاركت في إعداد الدراسة، لموقع "بزنس إنسايدر":
"قد نشهد المزيد من حرائق الزومبي في المستقبل. نرى ارتفاعًا تصاعديًا في درجات الحرارة الصيفية في المناطق الشمالية، وهذا يتماشى مع الزيادات السنوية في المناطق المحترقة".
حرائق الزومبي وارتفاع درجات الحرارة
اكتشف فريق شولتن أن حرائق الزومبي كانت، على نحو متوقع، أكثر انتشارًا بعد فصول الصيف الأكثر حرارة التي شهدت اندلاع حرائق كبيرة في مناطق واسعة.
حيث إنه كلما ارتفعت درجات الحرارة في الصيف، ازداد جفاف التربة والنباتات الجوفية، وهو ما تستهلكه حرائق الزومبي أثناء سباتها.
ودرس فريق شولتن التقارير المقدمة من مديري الإطفاء المحليين ورجال الإطفاء، بالإضافة إلى صور الأقمار الصناعية لألاسكا والأقاليم الشمالية الغربية الكندية التي التقطت بين عامي 2002 و2018. ووجدوا 74 حريقًا من حرائق الزومبي في تلك السنوات الستة عشرة وقالت شولتن:
"يمكننا تحديد حرائق الزومبي من الأقمار الصناعية؛ لأنها تبدو قريبة من ندبة الحريق القديمة".
تتطلب حرائق الزومبي موطنًا محددًا، حيث تحدث في القطب الشمالي والمناطق الفرعية للقطب الشمالي في أمريكا الشمالية وسيبيريا بسبب عمق طبقات التربة هناك، المعروفة باسم الخث، والتي تحتوي على كميات غنية من المواد العضوية، ويمكن لألسنة اللهب المشتعلة استهلاك هذه المواد، مما يجعلها قادرة على البقاء حتى عندما تنخفض درجات الحرارة المحيطة إلى 40 درجة فهرنهايت تحت الصفر.
تأثير حرائق الزومبي في ظل تغير المناخ
على الرغم من ندرتها، فإن حرائق الزومبي تظهر كمؤشر محتمل على تغيرات مستقبلية حيث تشير دراسة جديدة إلى أنها تمثل فقط 0.8٪ من المساحة المحترقة في المناطق الشمالية خلال السنوات الستة عشرة الماضية ومع ذلك، تزيد فصول الصيف الحارة وحرائق الغابات المتزايدة من احتمالات حدوثها.
إن التركيزات المتزايدة لثاني أكسيد الكربون وارتفاع درجات الحرارة يجعلان القطب الشمالي أكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية وما يجعل حرائق الزومبي خطيرة هو تفاقم المشكلة المناخية نفسها، حيث يعمل احتراق النباتات على إطلاق غازات الاحتباس الحراري، ويؤدي احتراق الخث تحت الأرض إلى إطلاق المزيد من غاز الميثان.
وهذه الحلقة المتصلة للانبعاثات والاحترار يمكن أن تزيد احتمالية حدوث المزيد من حرائق الزومبي، وهو ما يخلق دورة تسبب المزيد من الانبعاثات، وهكذا.
اقرأ أيضا:
أول حريق على كوكب الأرض .. متى وكيف حدث؟
حرائق الغابات تتسبب بمقتل 15 شخص على الأقل في الجزائر
المصادر: