دراسة ترصد ظاهرة نادرة: لب الأرض الداخلي يعكس دورانه.. ما تأثير ذلك؟
طقس العرب - كشفت دراسة حديثة، أن اللب الداخلي لكوكب الأرض يقوم في الوقت الحالي بتغيير اتجاه دورانه المعتاد بالنسبة لحركة سطح الأرض، في ظاهرة قد تحدث مرة كل بضعة عقود.
وأشارت الدراسة التي نشرت في مجلة “نيتشر جيوساينس” (Nature Geoscience) العلمية، أن نواة الأرض (اللب الداخلي للأرض) قد تكون توقفت عن الدوران لتبدأ بالتحرك في الاتجاه المعاكس، مبيّنة أنه بينما قد تثير هذه الدراسة قلقًا من تأثيرات هذه الظاهرة على كوكب الأرض، فإنها أكدت أنه لا داعي للقلق، إذ ربما تحدث هذه الظاهرة منذ أزمان بعيدة.
لغز اللب الداخلي الصلب للأرض
في عام 1936، اكتشفت عالمة الزلازل الدنماركية إنجي ليمان، أن اللب الخارجي السائل للأرض يغلف جزءا معدنيا صلبا، وقد حير هذا العلماء منذ ذلك الحين، فمن الغريب أن تكون هناك كرة حديدية صلبة تطفو في وسط الأرض، ويعتقد العلماء أن النواة تبلورت وتصلبت من مصهور معدني في مرحلة ما من تاريخ نشأة كوكب الأرض، وذلك بعد أن برد الجزء الداخلي للكوكب بشكل كاف.
ولدراسة اللب الداخلي، لا يمكن أخذ عينات من النواة الداخلية مباشرة، لذلك يتم الاستناد إلى المعلومات المتوافرة من تحاليل دقيقة للموجات الزلزالية الناجمة عن الزلازل الأرضية عندما تمر عبر مركز الكوكب.
لكن هذه الموجات خلقت أيضا لغزا، إذا كان هذا اللب خاملا، فيجب أن تكون بيانات الموجات الزلازل شبه المتطابقة غير متغيرة، إلا أنها في الواقع تتغير بمرور الوقت!
فكان أحد التفسيرات، أن النواة الداخلية تدور، ما يؤدي إلى انحراف في هذه الموجات، كما وجدت أدلة تشير إلى أن دوران اللب الداخلي يمكن أن يُسرع ويتباطأ.
لماذا يحدث هذا التذبذب؟
إحدى الفرضيات هي أن هناك قوتان تتصارعان في التأثير على اللب الكروي الصلب، وهما: المجال المغناطيسي للأرض، الناتج عن تيارات الحديد الدوامة في اللب الخارجي السائل، والذي يجذب اللب الداخلي الصلب، مما يؤدي إلى دورانه.
يتم مواجهة هذه القوة بواسطة الوشاح، وهي الطبقة الواقعة فوق اللب الخارجي وتحت قشرة الأرض، والتي تتفاعل مع مجال الجاذبية وتبطئ دوران النواة.
ومن خلال دراسة الموجات الزلزالية المسجلة منذ ستينات القرن الماضي إلى يومنا هذا، يرى الدكتور سونغ ويي يانغ ، عالم الزلازل بجامعة بكين والمؤلف المشارك للدراسة ، أن هذا الشد والجذب الهائل يتسبب في دوران اللب الداخلي ذهابا وإيابا في دورة مدتها 70 عاما تقريبا.
وقال الدكتور يانغ، إن دوران اللب الداخلي تباطأ حتى بدا أن دورانه قد توقف في مرحلة ما بين عامي 2009 و 2011، والآن يتحرك تدريجيًا في الاتجاه المعاكس، حيث بدأ اللب الداخلي الآن في الدوران تدريجيا غربا بالنسبة لسطح الأرض، ومن المرجح أن يتسارع الدوران ثم يتباطأ مرة أخرى، لتصل إلى توقف آخر في عام 2040 ويعكس دورانه.
ما تأثير ذلك؟
ووفقًا للدراسة، هذا الإيقاع الذي يستغرق نحو 7 عقود، يمكن أن يكون له تأثير ملموس على الأجزاء العميقة للأرض، أما بالقرب من سطح الأرض، فسيحدث اضطراب طفيف في المجال المغناطيسي للكوكب، وإحداث تغيير طفيف جدا في طول اليوم، والذي من المعروف أنه يزيد وينقص بجزء من ميلي ثانية كل ست سنوات، مستبعدة في الوقت ذاته أن يكون لتلك التغييرات تأثير ملحوظ على الحياة فوق سطح الأرض.
هي نتائج الدراسة مؤكدة؟
أثارت هذه الدراسة اتجاهات بحثية متعددة ولكن نتائجها مازالت غير مؤكدة، وقد أثارت جدلا في الأوساط العلمية.
من جهته قال هرفوي تكالسيتش ، الجيوفيزيائي في الجامعة الوطنية الأسترالية ، الذي لم يشارك في الدراسة، إن "النواة الداخلية لا تتوقف تماما، ونتائج الدراسة تعني أن اللب الداخلي أصبح الآن أكثر تزامنا مع بقية الكوكب مما كان عليه قبل عقد من الزمان عندما كان يدور بشكل أسرع قليلا".
وأضاف: "لا شيء كارثي يحدث"، وأن الأمر بحاجة للمزيد من الدراسة، واتفق سونغ ويانغ على الحاجة إلى مزيد من البحث.
وأوضح قائلا: "نحن نستخدم طرق الاستدلال الجيوفيزيائي لاستنتاج الخصائص الداخلية للأرض ، ويجب توخي الحذر حتى تؤكد النتائج متعددة التخصصات فرضياتنا وأطرنا المفاهيمية".
وتابع: "يمكنك التفكير في علماء الزلازل مثل الأطباء الذين يدرسون الأعضاء الداخلية لأجسام المرضى باستخدام معدات غير كاملة أو محدودة. لذلك، وعلى الرغم من التقدم، لا تزال صورتنا عن الأرض الداخلية ضبابية، وما زلنا في مرحلة الاكتشاف".
يُشار إلى أن اللب الداخلي الصلب للأرض حجمه مقارب لكوكب المريخ، ويتكون في الغالب من الحديد والنيكل، ويقع على عمق 5 آلاف كيلومتر تحت سطح الأرض، ويقدر أن درجة الحرارة فيه مقاربة لدرجة الحرارة على سطح الشمس، وهي حوالي (5400 °س).
اقرأ أيضا:
لماذا لب الأرض ساخن جداً؟ وكيف بقي ساخنا حتى الآن؟
اكتشاف بنية جديدة غامضة داخل نواة الأرض
ماذا سيحدث إذا توقفت الأرض عن الدوران؟ وهل يمكن أن تتوقف فعلاً؟