دراسة جديدة تُفسر فقدان حاسة الشم لدى المصابين بفيروس كورونا
طقس العرب - يُعد فقدان حاسة الشم أحد الأعراض الأكثر انتشارا بين المصابين بفيروس كورونا (قبل ظهور المتحور أوميكرون)، حيث كانت من بين أكثر 10 أعراض شيوعًا، لكن ذلك تغير منذ الانتشار السريع لأوميكرون، والذي شهد انخفاضا واضحا في معدل فقدان حاسة الشم إلى حوالي واحد من كل خمسة أشخاص ثبتت إصابتهم. لكنه يبقى العرض الأكثر غرابة لعدوى فيروس كورونا، وموضوع بحث لدى العلماء.
وفي دراسة جديدة تم نشرها في 2 فبراير في مجلة Cell، وجدت أن الإصابة بفيروس كورونا المستجد، تقلل بشكل غير مباشر من عمل المستقبلات الشمية (OR)، والبروتينات الموجودة على أسطح الخلايا العصبية في الأنف التي تكتشف الجزيئات المرتبطة بالروائح.
بقيادة باحثين من كلية الطب بجامعة نيويورك وجامعة كولومبيا، تلقي الدراسة الجديدة الضوء أيضًا على تأثيرات كوفيد-19 على أنواع أخرى من خلايا الدماغ، وعلى التأثيرات العصبية الأخرى المستمرة لعدوى فيروس كورونا، مثل "ضباب الدماغ"، والصداع، والاكتئاب.
أظهرت التجارب أن وجود الفيروس بالقرب من الخلايا العصبية في الأنسجة الشمية أدى إلى اندفاع الخلايا المناعية والخلايا الدبقية الصغيرة (microglia) والخلايا التائية، التي تستشعر العدوى وتقاومها. هذه الخلايا تطلق بروتينات تسمى السيتوكينات التي غيرت النشاط الجيني للخلايا العصبية الشمية، على الرغم من أن الفيروس لا يمكن أن يصيبها، كما يقول مؤلفو الدراسة، لكن تستمر الإشارات المناعية بطريقة تقلل من نشاط الجينات اللازمة لبناء المستقبلات الشمية.
يعتبر ضعف حاسة الشم من أكثر التأثيرات التي نراها مع التهابات الجهاز التنفسي العلوي الموسمية، حيث تؤدي الأعراض الشائعة لاحتقان الأنف وسيلان الأنف إلى ضعف تدفق الهواء وتقليل توصيل الروائح إلى منطقة الأنف المسؤولة عن الرائحة، لكن الباحثين في هذه الدراسه بينوا أن أحد الأعراض الفريدة لعدوى فيروس كورونا هو فقدان حاسة الشم دون انسداد الأنف الذي يظهر مع عدوى أخرى مثل نزلات البرد.
في معظم الحالات، يستمر فقدان حاسة الشم لبضعة أسابيع فقط ، ولكن بالنسبة لأكثر من 12% من مرضى COVID-19 ، يستمر ضعف حاسة الشم في شكل انخفاض مستمر في القدرة على الشم أو تغييرات في كيفية إدراك الشخص نفس الرائحة (باروسميا).
للحصول على تفسير لذلك، استكشف المؤلفون للدراسة العواقب الجزيئية لعدوى فيروس كورونا في الهامستر الذهبي وفي الأنسجة الشمية المأخوذة من 23 تشريحًا بشريًا. يمثل الهامستر نموذجًا جيدًا ، كونه من الثدييات التي تعتمد على حاسة الشم أكثر من البشر ، وهي أكثر عرضة لعدوى تجويف الأنف.
في نسيج العصبونات الشمية لدى كل من الهامستر والبشر، اكتشف فريق البحث انخفاضًا مستمرًا وواسع النطاق في تنظيم بناء المستقبلات الشمية. وتشير أعمال أخرى نشرها هؤلاء المؤلفون إلى أن الخلايا العصبية الشمية موصولة إلى مناطق دماغية حساسة، وأن تفاعلات الخلايا المناعية المستمرة في التجويف الأنفي يمكن أن تؤثر على العواطف، والقدرة على التفكير بوضوح (الإدراك)، وهذا يتوافق مع الأعراض طويلة المدى لعدوى كوفيد.
أظهرت التجارب التي أُجريت على الهامستر، أن تقليل تنظيم مستقبلات العصبونات الشمية استمر بعد أن تعافت التغييرات قصيرة المدى التي قد تؤثر على حاسة الشم بشكل طبيعي. يقول المؤلفون إن هذا يشير إلى أن COVID-19 يسبب اضطرابًا طويل الأمد في تنظيم الكروموسومات للتعبير الجيني ، وهو ما يمثل شكلاً من أشكال "الذاكرة النووية" التي يمكن أن تمنع استعادة النسخ حتى بعد التعافي من الفيروس.
في الخطوة التالية ، يبحث الفريق فيما إذا كان علاج الهامستر من كوفيد طويل الأمد بالستيرويدات يمكن أن يحد من ردود الفعل المناعية الضارة (الالتهاب) لحماية البنية النووية. آملين أن يجد الباحثون نتائج تنفع المرضى الذي اصيبوا بضعف أو فقدان حاسة الشم بعد التعافي في الفيروس.
المصدر: ScienceDaily