دراسة علمية : تطور ظاهرة اللانينا وارتباطها بانهيار الدوامة القطبية الستراتوسفيرية خلال فصل الشتاء
طقس العرب - مع دخول نصف الكرة الشمالي فصل الخريف من الناحية الفلكية، نسلط الضوء في مركز "طقس العرب"، على الظواهر الجوية المتوقعة خلال موسم الشتاء الحالي 2024/2025، والتي تشير أهمها إلى تطور ما يعرف بظاهرة اللانينا الاستوائية في المحيط الهادي، فما هي التأثيرات المحتملة خلال الموسم الحالي مع تطور هذه الظاهرة؟
وقال المتنبئون الجويون في طقس العرب، أن البيانات الأرشيفية تشير إلى نشاط ظاهرة اللانينا في كثير من المواسم الشتوية السابقة خلال العقود الأخيرة، وهذا يسمح لنا بتحليل البيانات السابقة لمعرفة كيف تتطور أنماط الطقس الشتوية عادة في ظل ظاهرة اللانينا.
كيف تؤثر ظاهرة اللانينا على الطقس في نصف الكرة الشمالي؟
ظاهرة اللانينا هي ظاهرة استوائية، تنشط في مياه الجزء الاستوائي من المحيط الهادي وتتمثل ببرودة سطح المياه في تلك المنطقة، حيث تؤثر بشكل كبير على أنماط هطول الأمطار والضغط في المناطق الاستوائية، مما يؤدي إلى تغيير نظام التغذية الراجعة بين الغلاف الجوي والمحيط، ويظهر تأثير ظاهرة اللانينا عالميًا من خلال هذا النظام مما يؤدي إلى تغيير أنماط درجات الحرارة وتساقط الثلوج في فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي.
عادة ما تخلق ظاهرة اللانينا نظام ضغط مرتفع فوق شمال المحيط الهادئ، وهذا يعزز تطور منطقة من الضغط المنخفض فوق ألاسكا وغرب كندا ويدفع التيار النفاث إلى الأسفل بين نظامي الضغط، مما يعني هطول أكثر للأمطار على شمال الولايات المتحدة وطقس أدفأ من المعتاد على الولايات الجنوبية، بينما يؤدي اندفاع التيار النفاث القطبي إلى الشمال إلى نشوء ضغط جوي مرتفع فوق القارة الأوروبية يعمل كحاجز صاد المنخفضات الجوية القادمة من شمال أوروبا وتركز هطول الأمطار والثلوج على دول شمال القارة الأوروبية.
تطور ظاهرة اللانينا وارتباطها بانهيار الدوامة القطبية الستراتوسفيرية خلال فصل الشتاء
عادة ما تعني الدوامة القطبية القوية دورانًا قطبيًا قويًا، وهذا عادة ما يحبس الهواء البارد في المناطق القطبية مما يؤدي إلى ظروف جوية أكثر اعتدالًا في معظم أنحاء الولايات المتحدة و أوروبا، وعلى النقيض من ذلك ضعف الدوامة القطبية يؤدي أن انفلات التيار النفاث القطبي و صعوبة احتواء الهواء البارد مما يعني اندفاعه من المناطق القطبية إلى الولايات المتحدة وأوروبا وربما ألى العروض الدنيا في بعض الحالات.
ولهذا السبب ننظر إلى سرعة الرياح داخل الدوامة القطبية الستراتوسفيرية لتحديد قوتها، فكلما كانت الدوامة القطبية أقوى كلما كانت الرياح التي تنتجها في الستراتوسفير أقوى، بينما عندما تكون الدوامة القطبية ضعيفة تصحب برياح أضعف في الستراتوسفير، لذا ومن خلال النظر إلى التوقعات الحالية لسرعة الرياح المتوقعة في الستراتوسفير نشاهد احتمالية حدوث احترار مؤقت مما يعني ضعف في الدوامة القطبية ودورانها.
ماذا يمكن أن يجلب ضعف الدوامة القطبية من أنماط طقس حول العالم؟
يقول الخبراء في طقس العرب، أن ضعف الدوامة القطبية يرتبط بالطقس البارد والثلوج في جميع أنحاء شرق الولايات المتحدة وأوروبا، لكن لا يعني ضعف الدوامة القطبية إلى وجود احترار ستراتوسفيري وعادة اذا أردنا مشاهدة احترار ستراتوسفيري قوي يجب أن ترتفع درجة الحرارة والضغط في طبقة الستراتوسفير بشكل كبير مما يؤدي إلى انهيار الدورة القطبية في الأعلى، وتشير البيانات الجوية ان ضعف الدوامة القطبية قد يؤد في كثير من الأحيان إلى تمتدد اليار النفاث القطبي لأجزاء واسعة في القارة الأوربية خاصة وسطها وغربها مما يؤدي إلى برودة كبيرة في الأجواء وموجات من الثلوج في بعض الأحيان.
كيف تؤثر ظاهرة اللانينا وضعف الدوامة القطبية على المنطقة العربية؟
عادة وبحسب الاحصائيات المناخية، يرتبط تطور ظاهرة اللانينا وضعف الدوامة القطبية على فترات أكثر استقراراً في المنطقة العربية خاصة شرق المتوسط وشبه الجزيرة العربية، تتمثل بضعف هطول الأمطار وأجواء أكثر برودة مع وجود احتمالية لوجود حالات متطرفة وهطول الثلوج احياناً في المناطق الجبلية العالية، بينما يختلف الأمر في وسط المتوسط حيث يؤثر انهيار الدوامة القطبية على اندفاع الرياح القطبية نحو وسط وغرب القارة الأوروبية امتداداً إلى دول وسط المتوسط والمغرب العربي، مما يعني هطول أمطار أعلى من المعدل وربما الثلوج فوق المرتفعات العالية، ولكن لا يمكن إهمال العوامل الأخرى المتمثلة بسلوك معامل شمال الأطلسي ومعامل تذبذب القطب الشمالي والتي تلعب دور مهم بتوجيه التيار النفاث القطبي والتي تعتبر سريعة التغير في كثير من الأحيان.
ما علاقة تطور ظاهرة اللانينا بانهيار الدوامة القطبية؟
احصائياً، تبلغ احتمالية حدوث حدث الاحترار الستراتوسفيري (SSW) في شتاء اللانينا ما يزيد نسبته عن 60% وقد أثبتت الدراسات ذلك في بعض المواسم الشتوية التي ترافقت مع حدوث ظاهرة اللانينا، لكن وعلى الرغم من ذلك لا يمكن الاعتماد بشكل تام على العامل الاحصائي وإغفال عوامل الطقس الأخرى والتي لها تأثير كبير على الأنماط الجوية حول العالم.
شاهد أيضاً :