رصد وتصوير "سديم الجبار" من سماء الأردن

كتبها الجمعية الفلكية الأردنية بتاريخ 2024/10/28

د. عمار السكجي - سديم الجبار Orion Nebula هو من المع السدم في السماء، ويمكن رؤيته بالعين المجردة في سماء الليل وخاصة ليالي الشتاء الصافية،  ويعتبر حاضنة نجمية في العديد من الثقافات المختلفة وينتمي الى مجرة درب التبانة، ويبعد عن الأرض حوالي 1300 سنة ضوئية أي حوالي 12 مليون مليار كيلومتر، وهو اقرب منطقة كبيرة لتشكل النجوم، وله اهمية فلكية وخاصة في الدراسات والأبحاث المتعلقة بتطور وتشكل النجوم، وهو من بين أكثر المعالم السماوية التي تمت دراستها بشكل مكثف، وينسب اكتشاف سديم الجبار الى عالم الفلك الفرنسي نيكولا دي بيريسك في  عام 1610، بالإضافة إلى أنه رصد من قبل العديد من الفلكيين، ودونه ميسييه في كتالوجه الشهير في عام 1774 وصنفه ب M42

 

في عام 1993، رصد تلسكوب هابل الفضائي HST  لأول مرة سديم الجبار، وقدم صور ايقونية عن هذا السديم، بالاضافة الى نماذج تفصيلية من ثلاثة ابعاد، ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا السديم هدفًا متكررًا لدراسات تلسكوب هابل الفضائي، واشهرها الصورة التي نشرها هابل في 2005 التي تعتبر من اكثر الصور تقصيلا للسدم في ذلك الوقت، وقد صور التلسكوب الفضائي جيمس ويب JWST سديم الجبار في 2023 ووجد بعض الكواكب المتجولة أو الشاردة FFP التي لا تنتمي إلى نظم نجمية وهي كبيرة بحجم المشتري، بالاضافة الى الصور الاخرى التي قدمها جيمس ويب وفيها تفاصيل مذهلة، حيث اظهرت هذه السحابة المكونة للنجوم من الغازات والغبار تفاصيل جديدة عن تشكل النجوم، وقد نحتاج الى سنوات عديدة لدراستها وفحصها، والبيانات مذهلة وستكون بمثابة معايير لأبحاث الفيزياء الفلكية لعقود قادمة.

 

 

 اضافة الى البيانات الطيفية لمكونات سديم الجبار التي قدمها التلسكوب الفضائي جيمس ويب، التي تقدم فهما اوسع واعمق لفيزياء السدم على المستوى الذري،  حيث ان مجموعة البيانات الطيفية تغطي مساحة أصغر من السماء بالمقارنة بالصور، لكنها تحتوي على قدر اكبر من المعلومات، واذا كانت الصورة تساوي ألف كلمة، فإن الطيف يساوي ألف صورة، وان صور الاشعة تحت الحمراء التي التقطها التلسكوب الفضائي جيمس ويب في شهر أيار الماضي ، فيها تفاصيل ووضوح للمنطقة الداخلية لسديم الجبار وهي أقرب منطقة ضخمة لتكوين النجوم ومنطقة تفكك ضوئي كثيفة شديدة الإشعاع PDR .

 

يوجد في مركز سديم الجبار أربع نجوم ضخمة وفتية وتأخذ شكلا هندسيا مرتبة في نمط شبه منحرف، وقد اكتشفها العالم الفلكي جاليليو جاليلي في  1617 ، وحسب "محاكاة حاسوبية" حديثة يعتقد ان يكون عنقود سديم الجبار موطنا لثقب اسود تزيد كتلته عن 100 مرة من كتلة الشمس،  وهنا الثقب الأسود قد يكون الاقرب الى الارض من الناحية النظرية،  وسديم الجبار هو جزء من سديم أكبر بكثير يعرف باسم سحابة الجبار الجزيئية.

 

وسديم الجبار يقع في "كوكبة الجبار" التي كانت تعرف قديما عند العرب باسم الجوزاء وهي واحد من أشهر الكوكبات النجمية في الثقافات الانسانية واكثرها وضوحا في السماء، ويظهر في وسط كوكبة الجبار ثلاثة نجوم شديدة اللمعان تسمى "حزام أو نطاق الجبار" كما هو موضح في الصورة التي رصدناها وصورنا السديم حيث استغرق العمل ساعات، وسماها العرب "النطاق والنظام والمنطقة" ، وهي بالعربية والإنجليزية نفس اللفظ؛ لأن أصل التسمية عربي، وتبدو هذه النجوم الثلاثة قريبة من بعضها ظاهريا عند رؤيتها من الأرض، وتستخدم في الملاحة حيث ان الخط الواصل بينهما يمتد إلى  نجمي الشعرى اليمانية والدبران من اليسار واليمين، ويبدو ظاهريا ان الخمس نجوم وكانها على استقامة واحدة.

 

تضم كوكبة الجبار العديد من النجوم الساطعة والأجرام السماوية، ومن أبرزها: نجم منكب الجوزاء، ونجم رجل الجبار، وحزام الجبار، وسديم الجبار ( الصورة أعلاه)، والمرزم، والسيف أو الركبة اليمنى، و نير السيف، والميسان او الهقعة وغيرهما من النجوم والسدم. وتشهد منطقة كوكبة الجبار زخات شهب سنوية وهي بقايا مذنب هالي، وتسمى زخات شهب الجباريات نسبة إلى ان مركز الاشعاع الشهابي يشاهد في هذه الكوكبة ظاهريا، وتكون ذروة شهب الجبارات سنويا في شهر أكتوبر، بمعدل 20 شهاب في الساعة.

 

لقد كانت كوكبة الجوزاء وهو الاسم القديم عند العرب تشمل كوكبة الجبار الحالية بالإضافة إلى أجزاء من كوكبة التوأمان الحالية، وذكرها العرب في تراثهم وكتبهم، حيث ذكرها عبد الرحمن الصوفي في كتابه صور الكواكب الثمانية والأربعين، وكانت تحت اسمي الجبار والجوزاء.

 

تظهر كوكبة الجبار في سماء الشتاء في الاردن في هذه الأيام في جهة الشرق الساعة العاشرة مساء تقريبا، ويرتفع في السماء الى اقصى ارتفاع الساعة 3:45 صباحا حسب توقيت الاردن، متجها نحو الغرب بطريقة معكوسة، ويبقى في السماء طوال ليالي الشتاء، لكن بأوقات شروق وغروب مختلفة،  ويشاهد بوضوح بالعين المجردة من سماء الاردن وسماء شمال الكرة الأرضية حسب المعايير الرصدية المعيارية.

 

ولرؤية سديم الجبار في سماء الاردن، في البداية يجب تحديد كوكبة الجبار، ومن ثم البحث عن حزام الجبار وهي  نجوم ثلاثة لامعة تشكل خط مستقيم، سوف ترى أسفل حزام الجبار غيمة سديمية وهي سديم الجبار، وتشاهد في الاردن في هذه الأيام بالعين المجردة بسهولة في أيام الشتاء في حالة صفاء الجو والمعايير الرصدية المعيارية.   



تصفح على الموقع الرسمي



الأردن | الأداء المطري حتى تاريخه هو الأضعف منذ عقود في المملكةالشاكر يُوضّح بالخرائط: ٣ اسباب رئيسية لضعف الموسم المطري وتفاصيل مقارنة الوضع الحالي مع السنوات السابقةمرصد الزلازل : لم يسجل أي هزة أرضية في الأردنبالفيديو | هل بالضرورة البداية الضعيفة للموسم المطري تعني أنه سيكون حتماً موسماً ضعيفاً؟أسباب تأخر الأمطار وتفاصيل توقعات نشرة فصل الشتاء 2024/2025الأردن | في ثالث أيام مربعانية الشتاء… كيف هي الأجواء المتوقعة في المملكة يوم غد الإثنين 23-12-2024رغم قدرات الذكاء الاصطناعي الهائلة.. لماذا يبقى التنبؤ بالطقس لفترات طويلة تحديًا كبيرًا؟هل تشهد الشمس توهجًا فائقًا كل قرن؟ وما تأثيره على الأرض؟رمضان يقترب.. أيام قليلة تفصلنا عن بداية شهر رجب للعام 1446؟