زراعة الأشجار ودورها في وقف تغير المناخ والتخفيف من عواقبه
طقس العرب - نظرًا لأن الأشجار لديها إمكانات كبيرة للتقليل من الكربون في الجو، وغالبًا ما يُنظر إليها على أنها تقنية طبيعية رائعة لحل مشكلة الاحتباس الحراري، سنتحدث هنا عن العالم السري للأشجار لفهم تأثيرها على تغير المناخ بشكل أفضل.
الأشجار وتأثيرها على تغير المناخ وإمكانية امتصاص الكربون
تساعد الأشجار على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، والذي يعد من غازات الدفيئة التي تساهم في زيادة الاحتباس الحراري، إذ تستخدم الأشجار وجميع النباتات طاقة ضوء الشمس للقيام بعملية التمثيل الضوئي - وهي عملية تستخدم ثاني أكسيد الكربون والماء لتوليد الطاقة لخلايا النباتات بالإضافة إلى إنتاج الاكسجين، وهكذا تساهم النباتات بالتقليل من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي.
كما تساعد الأشجار أيضًا في امتصاص التربة لثاني أكسيد الكربون وتخزينه هناك، وعلى الرغم من أن الكمية التي تمتصها التربة منخفضة بالمقارنة مع المحيطات التي تمتص حوالي 90 % من انبعاثات الكربون، إلا أن الأشجار مهمة للغاية للمساعدة في وقف تغير المناخ. لهذا السبب كلما زاد عدد الأشجار، كان ذلك أفضل.
زراعة الأشجار في المدن
بالإضافة إلى دور الأشجار في التقليل من نسبة الكربون في الجو، يعتبر موضوع تشجير المدن وأطرافها الخارجية مهم لزيادة المساحات الخضراء من حدائق ومتنزهات داخل التجمعات السكنية، خاصة في المناطق الصحراوية الشحيحة بالغطاء النباتي، لما لذلك من آثار إيجابية للحد من التلوث، وخفض درجات الحرارة، وتلطيف الطقس، كما أن وجود الأشجار على أطراف المدن يحميها من الأتربة والغبار.
كم عدد الأشجار التي يحتاجها العالم لوقف تغير المناخ؟
في دراسة عالمية نشرت في مجلة ساينس (Science) قام العديد من العلماء بتحليل حالة الغطاء الشجري العالمي باستخدام 80000 صورة أقمار صناعية عالية الدقة من Google Earth لقياس غطاء الأشجار، ثم مزجوا هذه النتائج مع حالة التربة والتضاريس ومتغيرات المناخ الأخرى باستخدام الذكاء الاصطناعي. وكانت النتيجة خريطة عالمية للأماكن التي يمكن أن تزرع فيها المزيد من الأشجار للمساعدة في وقف تغير المناخ.
ووجدت نتائج الدراسة أن ما يقرب من ثلثي الأراضي - 8.7 مليار هكتار - يمكن أن تزرع بالأشجار، من بين كل هذه المساحة، يوجد بالفعل 5.5 مليار هكتار بها أشجار و 1.5 مليار هكتار أخرى تمثل الأراضي الزراعية المستخدمة لزراعة الغذاء.
هذا يعني أن هناك 1.7 مليار هكتار إضافية من الأراضي العشبية أو التربة المتدهورة أو المناطق المزروعة بشكل خفيف يمكن زراعتها بالمزيد من الأشجار.
تمثل هذه المنطقة الضخمة الإمكانات الكبيرة التي يمكن أن توفرها زراعة الأشجار في المساعدة على وقف تغير المناخ. فالعالم بحاجة إلى زراعة مساحة مقدارها 1 مليار هكتار للحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050.
وعلى الرغم من الإمكانات الحالية، فإن الأمر سيستغرق ما بين 50 إلى 100 عام لجميع هذه الأشجار المزروعة لتكون قادرة على إزالة 200 مليار طن من الكربون. هذا هو السبب في أنه من الأهمية تقليل انبعاثات غازات الدفيئة أثناء تنفيذ مشروع التشجير.
فإذا عملنا الآن، سيؤدي ذلك إلى خفض ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بنسبة تصل إلى 25%، وهي مستويات شوهدت آخر مرة منذ ما يقرب من قرن من الزمان. والجيد أن زراعة الأشجار غير مكلفة بالمقارنة مع حلول وتقنيات أخرى، وهي متوفرة ويمكن لجميع الناس المشاركة فيها بسهولة.
كما أن زراعة الأشجار سيساعد في إثراء الحياة البرية والتنوع البيولوجي مع الحد من تلوث المياه وتدهور التربة وانتشار الأوبئة.
هل زراعة الأشجار هي أفضل طريقة لمكافحة تغير المناخ؟
كشفت دراسة من جامعة كاليفورنيا، أن الأراضي العشبية والمراعي هي أحواض كربون أفضل من أشجار الغابات في كاليفورنيا. يحدث هذا لأن الأراضي العشبية أقل تأثراً بالجفاف وحرائق الغابات لأنها تحبس معظم الكربون تحت الأرض، بينما تخزنه أشجار الغابات في الغالب في الكتلة الحيوية الخشبية والأوراق.
نتيجة لذلك، عندما تحترق الأشجار تطلق الكربون مرة أخرى إلى الغلاف الجوي، بينما يميل الكربون الذي تثبته الأراضي العشبية إلى البقاء في الجذور والتربة. يشير هذا إلى أن الأراضي العشبية أقل عرضة لظواهر الطقس والجفاف والحرائق، وبالتالي فهي أكثر قدرة على التكيف مع تغير المناخ من الأشجار.
وهذا يعني أن الحفاظ على الأراضي العشبية وتعزيز ممارسات المراعي التي تساهم في امتصاص الكربون أمر مهم للغاية لتحقيق أهداف الحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
علاوة على ذلك، تشير دراسات أخرى إلى أن الغابات تؤدي إلى ارتفاع نسبة أشعة الشمس التي تنعكس مباشرة إلى الفضاء دون أن تصل إلى الأرض وتسخنها، مقارنة بالأراضي الزراعية. لذلك من الأهمية دراسة الموقع أو نوع الأرض لتحديد ما إذا كانت زراعة الأشجار هي أفضل استخدام للتربة.
في النهاية، سواء تم اختيار الأراضي لزراعة الأشجار أو لإثراء الأراضي الزراعية والتربة، يبقى الحد من انبعاثات غازات الدفيئة واستعادة الأغطية الحرجية الأصلية من الاستراتيجيات الحاسمة للتخفيف من آثار تغير المناخ، بالإضافة إلى فوائد زراعة الأشجار في المدن وعلى أطرافها، وهو أمر يمكن لأي شخص المساهمة فيه في سبيل أرضنا ومناخنا.