زلزال وفيضانات وحرائق .. أبرز ما حصل في عام 2023
طقس العرب - لا يخفى أن أحد أبرز الكوارث الطبيعية التي شهدتها منطقتنا خلال عام 2023 كان زلزال تركيا وسوريا الذي وقع في فجر السادس من فبراير/شباط الماضي، حيث بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر. عقب ذلك زلزال آخر بقوة 7.7 درجات في فترة ما بعد الظهر نفسه، مما أدى إلى تفاقم الكارثة وارتفاع عدد الضحايا إلى أكثر من 50 ألف شخص بشكل إجمالي، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الجرحى وتشريد ملايين الأشخاص من المناطق المتضررة.
زلازل 2023 الكارثية
في الثامن من سبتمبر/أيلول الماضي، تعرض المغرب لزلزال آخر بلغت قوته 6.8 درجات، حيث كان مركز الزلزال على بُعد حوالي 75 كيلومترًا جنوب غرب مدينة مراكش قرب بلدة إغيل في جبال الأطلس. هذا الزلزال تسبب في وفاة قرابة ثلاثة آلاف شخص، وفقًا للتقارير.
ووفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركي، لم يشهد المغرب أي زلزال بقوة 6 درجات أو أكثر في مسافة 500 كيلومتر من مركز هذا الزلزال منذ عام 1900.
من المغرب إلى تركيا، وصولاً إلى أفغانستان التي شهدت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي زلزالًا آخر أودى بحياة أكثر من 2400 شخص في مناطق يرتفع فيها احتمالات وقوع الزلازل. تلك المناطق تقع على طول "الحزام الألبي"، وهو حزام زلزالي وجبلي يمتد لأكثر من 15 ألف كيلومتر على طول الهامش الجنوبي لقارتي آسيا وأوروبا.
يمتد الحزام الألبي من سومطرة، ثم يعبر شبه الجزيرة الهندية، ومن ثم جبال الهيمالايا والمناطق الواقعة خلفها، ومن ثم جبال إيران والقوقاز وتركيا، وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط، وحتى المحيط الأطلسي. يعتبر هذا الحزام مسؤولًا عن 17% من الزلازل الكبرى في العالم.
كوارث التغير المناخي في عام 2023
بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية التي تم ذكرها سابقًا، شهد عام 2023 حوادث أخرى قاسية يعتقد العلماء أنها مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بتغير المناخ. يستمر ارتفاع متوسط درجات الحرارة بشكل متسارع، حيث سُجلت بعض المصادر البحثية عام 2023 كأحد أعظم الأعوام حرارةً في تاريخ القياس.
وفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، يُظهر أن التغير المناخي يؤثر بشكل كبير في العديد من المتغيرات المتعلقة بالمياه، مثل كميات هطول الأمطار وشدة الرياح، مما يزيد من تكرار وشدة الفيضانات.
بالإضافة إلى ذلك، يسهم ذوبان الأنهار والصفائح الجليدية في ارتفاع مستويات سطح البحر على مستوى عالمي. فقد ارتفعت مستويات المحيطات والبحار بحوالي 20 سنتيمترًا مقارنةً بما كانت عليه في عام 1900. وهذا يُعتبر أعلى معدل ارتفاع خلال قرن واحد خلال الألفية الماضية، مما يُسهل اندفاع مياه البحار إلى المدن أثناء حدوث الفيضانات.
الاحتباس الحراري
يُسبب احترار الغلاف الجوي للأرض زيادة في نسبة الرطوبة في الهواء، مما يزيد من احتمالية هطول الأمطار. ومع ذلك، يترتب على هطول الأمطار في هذه الحالة بعض الجوانب السلبية، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة أيضًا إلى زيادة جفاف التربة، مما يقلل من قدرتها على امتصاص مياه الأمطار ويُسهم في انتشار المياه إلى مناطق أبعد من المعتاد.
تجلى ذلك في العديد من الفيضانات الكارثية في عام 2023، حيث برزت فيضانات ليبيا التي أسفرت عن وفاة أكثر من 11 ألف شخص.
كما شهدت 16 مدينة على الأقل في شمال شرق الصين هطول أمطار وفيضانات قياسية ابتداءً من 29 يوليو/تموز الماضي، ناتجة عن إعصار دوكسوري، وشهدت بكين أشد هطول للأمطار في قرن ونصف.
وبالأسف، لم تتوقف الأمطار الغزيرة والأعاصير، بل ازدادت كثافة خلال شهر أغسطس/آب الماضي، مما تسبب في انهيارات طينية وفيضانات مفاجئة في جميع أنحاء الصين.
في هايتي، أثر الطقس المضطرب على سبع مقاطعات من عشر، مما أدى إلى نزوح أكثر من 13 ألف شخص في يونيو/حزيران 2023. كما تعرضت عدة بلدان لفيضانات كبيرة ناجمة عن أمطار غزيرة وارتفاع منسوب ثلاثة أنهار، أسفرت عن وفاة أكثر من 50 شخصا.
يُمكن أن تُعتبر الفيضانات أحد أبرز الكوارث الطبيعية التي تكررت بشكل متكرر في عام 2023، حيث شهدت عدة دول حول العالم مثل البرازيل وغانا والهند والمملكة المتحدة وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية والإكوادور والكونغو الديمقراطية وموزمبيق وزامبيا فيضانات عارمة خلال هذا العام.
الفيضانات كانت تحدث دائمًا، ولكن التغير المناخي ساهم في زيادة تكرارها وشدتها ومدتها، وتأثير ذلك امتد أيضًا إلى كوارث طبيعية أخرى. يرتبط ارتفاع درجة حرارة سطح المياه في البحار والمحيطات حول العالم بزيادة في قوة وتكرار الأعاصير نتيجة للتغير المناخي.
يعتمد إعصار على حرارة المحيط لاستمرار وتكوين الطاقة اللازمة لتغذية دورانه، مما يزيد من سرعة الرياح. لذلك، يُؤكد العلماء في هذا المجال أن ارتفاع درجات الحرارة الناتج عن تغير المناخ يجعل الأرض عُرضة لأعاصير أكثر قوة وسرعة.
هذا التأثير واضح في بيانات الأعاصير العالمية، حيث ارتفع عدد الأعاصير من الفئات 4 و5 (تلك التي تتميز بسرعة رياح تتجاوز 200-250 كيلومترًا في الساعة) من متوسط 10 أعاصير في السنة خلال السبعينيات إلى 18 إعصارًا في السنة خلال التسعينيات.
هذا التأثير بدا واضحًا في العديد من الكوارث الطبيعية التي وقعت في عام 2023، مثل إعصار أوتيس الذي ضرب الساحل المكسيكي في 25 أكتوبر الماضي برياح بلغت سرعتها 250 كيلومترًا في الساعة، متجاوزًا إعصار باتريشيا كأقوى إعصار وصل إلى اليابسة على الإطلاق، وأسفر ذلك عن دمار هائل في مدينة أكابولكو المكسيكية، حيث دمر نحو 80% من الفنادق و96% من الشركات.
إلى جانب ذلك، شهدت بعض الدول، مثل الولايات المتحدة، موسم عواصف استثنائي، حيث أعلنت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي عن عام 2023 كأحد أكثر الأعوام تكلفة بسبب إدارة الكوارث الطبيعية. وسُجلت ما لا يقل عن عشرات الأعاصير في الولايات المتحدة خلال عام 2023، وتجاوز متوسط الوفيات بسبب العواصف في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023، ليصل إلى 76 حالة وفاة، مما جعل 2023 واحدًا من أعلى الأعوام تسجيلًا لعدد الوفيات بسبب العواصف في الولايات المتحدة.
حرائق الغابات في عام 2023
عام 2023 شهد حوادث كارثية من حرائق الغابات، حيث اندلعت حرائق هائلة في الجزائر خلال شهر يوليو/تموز الماضي. شهدت البلاد نحو 100 حريق في 16 ولاية، أسفرت عن مقتل 34 شخصًا على الأقل، بينهم 10 جنود، وتسببت الأحوال الجوية الحارة والرياح الشديدة في تفاقم الحرائق، حيث وصلت درجة الحرارة إلى 48 درجة مئوية.
يؤدي التغير المناخي إلى زيادة تردد الموجات الحارة وموجات الجفاف حول العالم، مما يؤثر على النباتات ويزيد احتمال نشوب الحرائق. تظهر دراسات سابقة أن حرائق الغابات في الأمازون، على سبيل المثال، ناتجة عن تأثير مشترك للجفاف المتزايد بسبب التغير المناخي والأنشطة البشرية التي تؤثر على تلك الغابات.
في أوروبا، سجلت اليونان أقوى موجة انبعاثات للغازات الدفيئة ناجمة عن حرائق الغابات على الإطلاق خلال 2023، وشهدت هاواي في المحيط الهادئ أحد أشد حرائق الغابات فتكًا في الولايات المتحدة منذ أكثر من قرن. في تشيلي، اندلعت حرائق الغابات بشكل غير مسبوق في يناير 2023، مما أسفر عن مئات الحرائق وتدمير ملايين الأفدن، وأدى إلى وفاة 24 شخصًا وفرض حالة الطوارئ في عدة مناطق.
المصدر: مواقع إلكترونية