ظاهرة "النينو" تلتهم الحلويات.. قفزة متوقعة بأسعار السكر وغيره من الحلويات
طقس العرب - من منا لا يستمتع بطعم الشوكولاتة؟ إنها ليست مجرد حلوى لذيذة، بل تعتبر من مصادر السعادة والطاقة، وتتميز بفوائد صحية عديدة ومع ذلك، أصبحت الشوكولاتة المستخرجة من حبوب الكاكاو تدفع اليوم جزءًا من ثمن باهظ يُدفع بفعل تغيرات المناخ.
فعلى إثر التغيرات المناخية، مثل ارتفاع معدلات الاحتباس الحراري وتغير نظام هطول الأمطار، تأثرت نباتات الكاكاو، التي تعتمد على ظروف معينة من الحرارة والرطوبة والأمطار للنمو والازدهار، وهذا التأثير قلل إنتاج الكاكاو، وأثر في جودته في بعض المناطق.
بناءً على ذلك، يتوقع أن يكون لتغير المناخ تأثيرات أكثر صرامة على إنتاج الكاكاو، مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة صناعة الشوكولاتة وتقليل إتاحتها في المستقبل، مما ينعكس ذلك في ارتفاع مستويات أسعارها إلى مستويات قياسية.
تأثير تغيرات المناخ على صناعة الشوكولاتة
وفقًا لبعض الدراسات، يُتوقع أن تتقلص الظروف المناخية المناسبة لزراعة الكاكاو بشكل كبير بحلول العام 2050، نتيجة لتغيرات المناخ وارتفاع درجات الحرارة وزيادة حدة الجفاف، وهذا التطور يشكل تهديدًا كبيرًا لمستقبل إنتاج هذا المحصول؛ وبالتالي يُهدد صناعة الشوكولاتة التي تعتمد على الكاكاو.
وفي هذا السياق، أكد رئيس أبحاث سوق السلع الزراعية في رابوبانك، الموجود في هولندا، كارلوس ميرا، أن:
"النينيو، التي تعتبر ظاهرة مناخية، قد تكون لها تأثير كبير على صناعة الحلويات، حيث يظهر أنها تستهلك أو تزيل كميات كبيرة من السكر في جميع أنحاء العالم"
وأضاف ميرا مشدداً أن:
"من المرجح أن تكون أسعار السكر قد انتقلت بالفعل إلى المستهلكين، ولكن يتوجب علينا توقع زيادة كبيرة في أسعار الشوكولاتة على مستوى البيع بالتجزئة، ويُعتبر النينيو شيئاً يجب مراقبته بشدة".
لماذا الكاكاو تحديداً؟
الجواب: تعتبر زراعة الكاكاو من بين المحاصيل الأكثر تأثرًا بتغير المناخ على الصعيدين الإنتاجي والجودة، وتتأثر هذه الزراعة بثلاثة عوامل مناخية أساسية، تنعكس تأثيراتها على إنتاجية وجودة واستدامة الكاكاو، مما ينعكس بدوره على تكاليف صناعة الشوكولاتة. تلك العوامل تتمثل في:
- درجة الحرارة
تحتاج أشجار الكاكاو إلى درجات حرارة متوسطة تتراوح بين 24 و30 درجة مئوية حيث لا تتحمل الحرارة الزائدة أو الانخفاض الحاد فيها، وتتأثر بظاهرة النينو التي ترفع درجات الحرارة، وتسبب جفافًا وحرائق في بعض المناطق.
- التربة
تُفضل أشجار الكاكاو التربة الطينية الرملية ذات التصريف الجيد والخصوبة العالية والحموضة المنخفضة، وتتأثر الأشجار بالتربة المالحة أو المتدهورة أو الملوثة بالمبيدات أو المعادن الثقيلة.
- الأمطار
تحتاج أشجار الكاكاو إلى هطول أمطار سنوي يتراوح بين 1000 و2000 ملم، موزعة بالتساوي على مدار العام، ويؤثر الجفاف أو الفيضانات أو الرياح القوية التي تسبب تساقط الأزهار والثمار سلبًا على الأشجار.
وفي هذا السياق، يُؤكد الخبير البيئي تحسين شعلة أن التغيرات المناخية تؤدي دورًا حيويًا في التأثير في إنتاج محاصيل استراتيجية مثل الكاكاو، ويشير إلى أن التغيرات الجذرية في المناخ يمكن أن تؤثر في نمو المحاصيل وإنتاجها، وقد يؤدي حتى إلى القضاء على تلك المحاصيل في بعض الدول، مما يستدعي إعادة تحديد الخريطة الزراعية على الصعيد العالمي.
ما هي ظاهرة النينو؟
الجواب: ظاهرة النينو، التي ظهرت مجدداً في بداية هذا العام، تمثل نمطًا مناخيًا طبيعيًا ينشأ عند ارتفاع درجات حرارة سطح المحيط الهادئ الشرقي بمقدار يزيد عن 0.5 درجة مئوية فوق المتوسط على المدى الطويل، وتلك الزيادة يمكن أن تفسح المجال لزيادة العواصف وظاهرات الجفاف.
وعادةً ما تصل تأثيرات ظاهرة النينو إلى ذروتها خلال ديسمبر، ولكن يستغرق وقتًا لانتشار تأثيرها في جميع أنحاء العالم.
ويعزى التأثير المتأخر هذا إلى الاعتقاد بأن عام 2024 قد يكون العام الأول الذي تتجاوز فيه البشرية عتبة الاحتباس الحراري الحرجة، وذلك بسبب الجفاف المرتبط بظاهرة النينيو في مناطق متعددة من جنوب شرق آسيا والهند وأستراليا وبعض مناطق أفريقيا.
وقد أدى ذلك إلى دعم ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل السكر والقهوة والكاكاو هذا العام، وفقًا لتوقعات رابوبانك في تقريرها السنوي لعام 2024، ويتوقع البنك الهولندي تراجع التضخم العالمي في أسعار الغذاء بشكل حاد بعد سنوات من الارتفاع.
وفي حين حذر من تأثير سلبي محتمل على العديد من المحاصيل في العام المقبل بسبب ظاهرة النينو، أشار إلى إمكانية تحقيق فوائد لبعض المحاصيل في المناطق مثل الولايات المتحدة وجنوب البرازيل والأرجنتين.
اقرأ أيضا:
شبح النينو مستمر الأشهر القادمة و الظواهر المتطرفة في تزايد مقلق
الطهي النظيف.. أداة فاعلة لتقليل الانبعاثات والحد من التغير المناخي
المصادر: