في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني .. كيف تتعامل مع شعورك بالذنب اتجاه ضحايا غزة؟

كتبها طقس العرب بتاريخ 2023/11/28

طقس العرب - يتحد العالم اليوم ويرفع الراية للتضامن مع الشعب الفلسطيني في يوم "التضامن مع الشعب الفلسطيني" العالمي، المُقرر بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني منذ عام 1979.

وقد تم اختيار هذا التاريخ تحديدًا لما ينطوي عليه من دلالات هامة للشعب الفلسطيني، ففي ذات التاريخ من العام 1947 صدر قرار تقسيم فلسطين، ويعتبر هذا اليوم فرصة للتضامن مع الشعب الفلسطيني ولفت انتباه المجتمع الدولي إلى حقيقة أن القضية الفلسطينية لا تزال عالقة حتى اليوم ولم يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه بعد.

 

وفي هذا اليوم وهذه اللحظة، إذا كنت تتساءل بداخلك " لماذا أعيش أنا ويموت غيري؟" وتشعر بالذنب لما يحصل في الشعب الفلسطيني في وقتنا الراهن وفي غزة تحديدًا، فغالبًا أنت تعاني من عقدة الناجي.

 

 

عقدة الناجي

إذا كنتَ من بين الأفراد الذين يتابعون بقلق نشرات الأخبار والصور ومقاطع الفيديو التي تُظهر العدوان الوحشي لجيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وتعتريك مشاعر الحزن والتعاطف أثناء متابعتك لقصص الشهداء والمصابين، وتلمس المعاناة التي يعيشها الناجون بعد انقطاع المياه والكهرباء، وحتى حرمانهم من أبسط مقومات الحياة كالمأكل والمشرب والدواء، قد تجتاحك مشاعر الذنب بسبب وضعك الذي يُمكن أن يكون أفضل بكثير من واقع الآخرين. يمكن أن تصبح ممارسة حياتك اليومية أمرًا صعبًا، خاصةً عندما تتأكد من أن هناك من يعاني للحصول على أساسيات الحياة مثل المأوى والطعام والشراب والعلاج.

فإذا كنتَ تتسائل "لماذا أنا أعيش في رفاهية بينما يعانون الآخرون؟"، وتشعر بالذنب والخجل والندم وعدم الراحة، فقد تعاني من "عقدة الناجي" أو "متلازمة عقدة ذنب الناجي". يُشير هذا المصطلح إلى حالة نفسية تعاني منها الأفراد الناجين من تجارب قاسية، وقد اقترحه المحلل النفسي وليام نيدرلند خلال عمله مع ناجين من الهولوكوست.

تُظهر الأبحاث أن "عقدة الذنب" تُسبب مجموعة من الأعراض النفسية والجسدية للناجين، من بينها الاضطراب العاطفي، والنظرة الذاتية السلبية، وانخفاض احترام الذات، وظهور تساؤلات حول الوجود، والصداع والأرق والإرهاق، والتفكير المعارض للواقع مثل "يا ليتني فعلت.."، "يا ليتني أملك كذا وكذا".

 

 

الشعور بالذنب والعجز

يفسر الاستشاري النفسي، أحمد العيسى، سبب مشاعر الذنب المصاحبة لمتابعة الأخبار في غزة، قائلاً إن "الشعور بالذنب والعجز ينبع من المبادئ التي يعتنقها الشخص، وعند عدم رؤية تحقق هذه المبادئ، يظهر الشعور بالذنب والعجز، والذي يتفاقم مع الوقت، ويولد شعوراً بالإحباط. كلما استمرت مدة الحرب مع عدم القدرة على تقديم المساعدة للضحايا وتحقيق العدالة والأمان والسلامة، زاد تفاقم هذه المشاعر".

وأوضح العيسى أن "متابعة الأخبار، سواء كانت بنظرة إيجابية تنتظر الفرج والنصر للفلسطينيين، أم بنظرة سلبية تتابع تعداد القتلى والجرحى والنازحين، تؤثر بشكل كبير على الأفراد، مما يولد مشاعر الذنب ويقودهم للدخول في حالة من السلوك الوسواسي لمتابعة الأحداث لحظة بلحظة، ويشعرون بأن عليهم قضاء أكبر وقت ممكن في متابعة الأخبار".

وأضاف أن هذا السلوك القهري يؤثر على جوانب الحياة اليومية للأفراد، حيث يتأثر صحتهم النفسية وعلاقاتهم مع العائلة وزملاء العمل، ويصبحون أكثر عزلة، وهو سلوك غير فعال إذ يجعل المعاناة تمتد لتشمل الجميع، وليس فقط أهل غزة.

 

 

الذنب التضامني

ويعتبر "الذنب التضامني" إحدى أشكال عقدة الذنب، ويمكن أن يفسر المشاعر التي يمر بها العرب والمسلمون في تضامنهم مع أهل غزة. يشير تميم مبيض، باحث الدكتوراة في جامعة أوكسفورد، إلى أن الذنب التضامني يظهر عندما يكون الضحايا جزءًا من مجموعة لديها هوية جماعية مشتركة، مثل الدين المشترك أو القومية المشتركة. في هذه الحالة، يشعر الناجي أنه يجب عليه مشاركة مصير هؤلاء الأفراد من المجموعة التي ينتمي إليها.

ويوضح أن هذا الشعور بالذنب ينشأ من الاستمرار في مشاهدة معاناة المجموعة وعجزها عن تحقيق العدالة والسلام، ويدفع الفرد إلى التفكير في مدى مساهمته الشخصية أو المجتمعية في تحسين الوضع. يعتبر الذنب التضامني تفاعلًا نفسيًا طبيعيًا مع الأحداث الكارثية والمأساوية، ويمثل نوعًا من التحفيز للعمل والتأثير الإيجابي على المجتمع.

 

لا تقارن نفسك بأهل غزة

نظرًا لصمود وصبر شعب غزة على التحديات والهجمات التي يواجهونها، يظل التأثير النفسي الكارثي للحروب أمرًا لا يمكن تجاهله. يظهر تأثير الحروب على الصعيدين النفسي والجسدي من خلال زيادة معدلات الاكتئاب الحاد ونوبات الهلع واضطرابات القلق العام وغيرها. على الرغم من قوة العزيمة والصمود الذين يظهرونهم أهل غزة، إلا أن المتابعين من بعيد يجدون صعوبة في فهم تلك التجربة بشكل كامل.

يشدد الاستشاري النفسي أحمد العيسى على أن الحروب تترك أثرًا نفسيًا كبيرًا على الأطفال في غزة. يتعامل الأطفال في هذا السياق مع واقعهم بشكل مختلف، حيث يُرَبَوْن على فكرة أن الموت هو شهادة، وأن إسرائيل تُعَدُّ عدوهم اللدود. يؤكد العيسى أن تكرار الهجمات وفقدان الأحباء في القصف يؤثر بشكل كبير على نفوسهم، ويبني لديهم دروعًا نفسية تجعل تأثير أخبار الموت على حياتهم يختلف تمامًا عن تأثيره على من يعيشون في بيئات آمنة.

 

 

حدد أوقات متابعة الأخبار

الاستشاري النفسي أحمد العيسى يقترح تجنب متابعة الأخبار بشكل مكثف خلال فترات الحروب. يُشير إلى أن بعض الأشخاص قد يقضون أكثر من 10 ساعات يوميًا في متابعة التطورات، مما يعرضهم لتكرار المشاهد المؤلمة دون وجود آلية لتحويل تلك المشاعر أو مساعدة الضحايا. يُفضل أن يكون لديهم خطة لتوظيف تلك المشاعر السلبية بشكل إيجابي، سواء من خلال التواصل مع الضحايا أو المشاركة في جهود المساعدة والتضامن.

 

غيّر سؤالك

تقترح الطبيبة النفسية تالي برلينر تغيير السؤال من "لماذا يعانون هم وأنا لا؟" إلى "كيف يمكنني المضي قدماً واستغلال امتيازاتي؟"، مشيرة إلى أن إعادة صياغة التساؤلات تساعد في الخروج من دوامة الذنب وتحديد طريق جديد. يُشجع على وضع أسئلة تساعد في تحديد الحياة المرغوبة ونوع الأشخاص الذين نرغب في أن نصبحهم.

أكدت دراسة نُشرت في المكتبة الوطنية الأميركية للطب على أن مشاعر الذنب يمكن أن تدفع الناجين إلى إحداث تغييرات إيجابية جذرية في حياتهم، وتغيير نظرتهم للأمور التي مروا بها، بما في ذلك اعتبار نجاتهم لغرض معين، مما يشمل تبني قضايا الضحايا ومشاركة قصصهم، أو الانخراط في جهود تجعل العالم أكثر عدلاً.

 

قدم المساعدة

أحد النصائح الرئيسية للتغلب على عقدة الذنب هو توجيه مشاعر العجز والذنب نحو أفعال إيجابية وفعّالة. يُنصح بتقديم المساعدة للضحايا أو لأي شخص يحتاج إليها. يمكنك المشاركة في حملات التطوع للمؤسسات الخيرية التي تقدم المساعدات لضحايا غزة، والتبرع بالمال لدعم الجهود الإنسانية، ونشر الوعي حول قضيتهم باستخدام المنصات التي تتيحها لك مهاراتك ومواردك، أو حتى الدعاء لهم.

يكفي أن تقدم المساعدة بما تستطيع، حتى لو كانت جهودك بسيطة. الهدف هو الشعور بأنك قدمت شيئًا إيجابيًا يمكن أن يحقق فرقًا حتى بصورة صغيرة.

 

 


المصدر: الجزيرة + مواقع إلكترونية



تصفح على الموقع الرسمي



رمضان يقترب.. أيام قليلة تفصلنا عن بداية شهر رجب للعام 1446؟مربعانية الشتاء.. ماذا تعني في الموروث الجمعي في المشرق العربي؟مرصد الزلازل : لم يسجل أي هزة أرضية في الأردنالأردن | الأداء المطري حتى تاريخه هو الأضعف منذ عقود في المملكةكتلة هوائية باردة تترافق بانخفاض واضح على درجات الحرارة نهاية الأسبوعمركز طقس العرب يُصدر توقعات فصل الشتاء 2024/2025 في قطاع غزةالشاكر يُوضّح بالخرائط: ٣ اسباب رئيسية لضعف الموسم المطري وتفاصيل مقارنة الوضع الحالي مع السنوات السابقةتغيرات جوهرية على حالة الطقس ودرجات الحرارة تتجاوز الـ20°م في بغداد ثم تتبع بانخفاض حاد.بالفيديو | هل بالضرورة البداية الضعيفة للموسم المطري تعني أنه سيكون حتماً موسماً ضعيفاً؟