في مثل هذه الأيام عام 2001.. أمطار طوفانية تودي بحياة مئات الأشخاص بالجزائر
طقس العرب - وائل حكيم - نوفمبر 2001 تاريخ مأساة حُفرت في ذاكرة الجزائريين بعد فيضانات جارفة فاجأت الكثيرين أثناء خروجهم من منازلهم صباح يوم السبت 10 نوفمبر 2001، متوجهين للدراسة والعمل، فقد جرفت المياه كل ما هو أمامها من بشر وسيارات وممتلكات!
وللأسف راح ضحيتها 733 مواطنًا أغلبهم بالجزائر العاصمة، عدا عن مئات المفقودين والخسائر المادية الهائلة.
وبحسب شاهدي العيان؛ نور الدين صحراوي وهو مواطن جزائري من سكان الجزائر العاصمة عاش أحداث الكارثة، فإنه بين الساعة السابعة من مساء يوم الجمعة 9 نوفمبر وحتى الساعة الواحدة ظهرًا من يوم السبت 10 نوفمبر، هطل ما يزيد عن الـ 260 ملم من الأمطار فوق الجزائر العاصمة، أي ما يقارب 3 أضعاف معدل أمطار الجزائر العاصمة خلال شهر نوفمبر كاملًا، فخلال 18 ساعة من الهطول، اشتد المطر ساعات صباح يوم السبت، لتُسجل على إثرها محطة بوزريعة 111 ملم خلال ساعتين فقط، ولهذا لم تكن الأرض قادرة على استيعاب كل هذه الأمطار فحولتها لسيل جارف قادم من أعالي العاصمة نحو المنحدرات والمناطق المنخفضة، فكانت الضربة قوية بأحياء باب الواد المنخفضة جارفة معها السيارات بركابها نحو البحر.
إن تشكل المنخفضات الجوية في منطقة البحر المتوسط ليس شيئًا غريبًا ، لكن ما حدث أثناء تشكل المنخفض الجوي هو ما جعل الحالة استثنائية وعنيفة وكارثية.
فالنظام الجوي المتطرف الذي تسبب بالكارثة بدأ بمنخفض جوي عميق وقوي فوق منطقة اسكندنيفيا تحرك بثبات تجاه جنوب أوروبا وغرب المتوسط ترافق بتدفق رياح قطبية باردة على كل طبقات الجو، ما أدى إلى انخفاض الضغط الجوي من قيمة 1006 هيكتو باسكال نهار الجمعة 9 نوفمبر إلى 997 هيكتو باسكال خلال نهار الجمعة 10 نوفمبر، بالتزامن مع دفء في مياه البحر المتوسط.
وقد أدى الانخفاض الحاد في قيم الضغط الجوي لعملية حمل ديناميكي للرطوبة نحو الطبقات الجوية العالية المُبردة بالهواء القطبي، ما أدى بالتالي لهطول غزير جدًا للأمطار.
إضافة لما ذكر سابقا، تَدَخًّلَ عامل الطاقة الكامنة الحرارية (cape) بتقوية الحالة الجوية والطاقة الحرارية تكون على شكل كامن موجود داخل بخار الماء في كتلة من الهواء، عندما يتم تحريرها الى الخارج" بسبب التكثف" تكون على شكل طاقة حرارية محسوسة ترفع حرارة الهواء مقارنة مع الهواء المحيط مما يعمل على شدة عدم استقراريته وتغذية السحب الرعدية والعواصف الرعدية (تقوية حركته العمودية كثيرا) ، ويعود السبب ان عملية التكثف تطلق طاقة حرارية محسوسة وعملية التبخر تعمل على امتصاص الحرارة ، وهو ما حصل خلال حالة نوفمبر 2001 حيث سبق النزول القطبي ارتفاع في الحرارة السطحية فوق شمال الجزائر كانت وقود اشتعال الحالة.
وما زاد تعقيد توقع الحالة الجوية ومعرفة الأماكن الأكثر تهديدًا بالسيول هو أن الحالة الجوية تدخلت فيها العوامل المحلية والتي تمثلت بالتضاريس، حيث سجل الجزء الغربي من العاصمة ذو الطابع الجبلي كمية أمطار كانت ضعف ما سجله القسم الشرقي من العاصمة ذو الطابع السهلي، كما ساهم القرب عن البحر في زيادة شدة الهطول.
كارثة 2001 أو كارثة باب الواد، كما يسميها الجزائريون، رغم ما حملت معها من مآسي وأحزان إلاّ أنها درس ليس فقط للجزائر لوضع حلول تأول لتفادِ تكرار المأساة أو على الأقل التقليل من أضرارها، بل هي درس لنا كمتنبئين جويين، فالحالة حملت في طياتها ظروف وعوامل نادرًا ما اجتمعت في حالة جوية واحدة، فأصبحت حالة 2001 موضوع بحث غني لنا فيه الكثير من العبر والدروس.