قراءة علمية: مسارات غير عادية للمنخفضات الجوية في بلاد الشام و استمرار غياب الأنظمة الشتوي المعتادة
طقس العرب - تُشير آخر القراءات الجوية بأنه يُتوقع أن تتأثر بلاد الشام بما فيها المملكة بأنظمة جوية غير عادية من حيث المسارات و التأثير خلال الأسبوع الأول من كانون ثاني، تتمثل بأحوال جوية غير مُستقرة تجلب الأمطار و يتركز تأثيرها بالمقام الأول على المناطق الجنوبية و الشرقية و هو ما يعني استمرار تميّز هذه المناطق دون غيرها بِمُعدلات أمطار أعلى بكثير لمثل هذا الوقت من العام و ذلك على حساب المطقتين الشمالية و الوسطى التي تعيش على وقع مطري ضعيف للغاية حتى اللحظة و الله المُستعان.
و يظهر ذلك جلياً من خلال بيانات إدارة الأرصاد الجوية الأردنية و التي تُبيّن بأن الأداء المطري للموسم المطري الحالي و حتى تاريخه يُعاني من نقص كبير في كميات الأمطار المُفترض أن تكون هاطلة لمثل هذا الوقت من العام في معظم المناطق الزراعية (بما فيها الأغوار الشمالية) و المناطق التي تتركز بها السدود في الأردن (شمال و وسط المملكة)، فمثلاً سجّلت محطة إربد 42 ملم من الأمطار مُنذ بداية الموسم المطري و بأداء بلغ 30% بالمُقارنة مع المُعدل المُفترض البالغ 135 ملم و كذلك الحال في عجلون الذي بلغ 57%. و لكن الأمر مُغاير تماماً بحسب نتائج تحليل ذات البيانات و التي تُشير بأن المنطقتين الجنوبية و الشرقية تشهدا موسماً مطرياً مُميزاً للغاية بحمد الله، فقد سجلت محطة معان أداءً بلغ 430% عن المُعدل المُفترض و بواقع 51 ملم من الأمطار، ذات القيمة تتجاوز المُعدل الموسمي كاملاً، أي بعبارة أخرى أن ما هطل على معان خلال الأسابيع الماضية يتجاوز ما يهطل في ذات المنطقة على مدار أكثر من خمسة شهور (المعدل الموسمي).
و قال المُختصون في مركز طقس العرب، بأن هذا التوزيع في الأداء المطري في مُختلف مناطق المملكة و تميز بوادي المملكة دون غيرها، مردُّه إلى سلوك و مسارات غير عادية للمُنخفضات الجوية في طبقات الجو العُليا نحو المنطقة، فتارةً عبر الأراضي العراقية و تارةً أخرى اتخذت شمال الأراضي المصرية مساراً لها، و يعززها منخفض البحر الاحمر الحراري و ضخ رطوبة مدارية قادمة من بحر العرب عبر الهضبة الأثيوبية، و هو ما أدى إلى نشوء أحوال جوية غير مُستقرة شملت أنحاء واسعة من المملكة العربية السعودية و دول خليجية أخرى، في حين تأثرت الأردن و بخاصة الأجزاء الجنوبية و الشرقية منها بتبِعات ثانوية لهذه الحالات خلال الأسابيع الماضية، و هو أقرب للنمط الخريفي منهُ للشتوي.
و على غرار ذلك، تُشير مُخرجات المُحاكاة الحاسوبية لحركة الكتل و الأنظمة الجوية، بأنه يُتوقع انحدار كتلة هوائية باردة و رطبة في طبقات الجو العليا نحو شمال مصر و تتحرك نحو الشرق لاحقاً خلال الأسبوع، و تستثير بدورها منخفض البحر الأحمر بالتمدد نحو الشمال فتتولد معه حالة من عدم الاستقرار الجوي تؤثر على جنوب الأردن مع ساعات مُنتصف ليل الأحد/الإثنين و نهار الإثنين (للمزيد من التفاصيل)، و تتجدد يومي الثلاثاء و الأربعاء مُرفقة بفرصة هطول الأمطار بمشيئة الله في مناطق عِدّة من المملكة، تتركز في شرق المملكة، و لا يُستبعد أن تكون بعض من هذه الزخات غزيرة أحياناً و مصحوبة بحدوث الرعد، و قد تؤدي إلى تشكل السيول في بعض المناطق.
أي أن النظام الذي يؤثر على الأردن متداخل للغاية و ناتج عن التقاء امتداد منخفض البحر الاحمر و تصادفه مع تواجد الكتلة الهوائية الباردة في طبقات الجو العُليا بالتزامن مع سيطرة الرياح الشرقية الناتجة عن المُرتفع الجوي السيبيري.
نسأل الله أن يرزقنا الغيث و ألا يجعلنا من القانطين