كيف يؤثر دخان الحرب في غزة على المناخ والصحة
طقس العرب - تعدّ الحروب إحدى أكثر الأحداث تأثيرًا على البشرية، وعلى كوكب الأرض بأسره فهي لا تقتصر على الدمار المباشر للممتلكات وفقدان الأرواح، بل تترك آثارها الوخيمة على البيئة والصحة العامة أيضًا، وفي هذا السياق، ندخل عالمًا معقدًا حيث يتلاقى النزاع والمناخ والصحة إن الدخان الناتج عن الحروب، كما يحدث في غزة وغيرها من المناطق المضطربة، يمثل جانبًا مظلمًا يجب علينا التعرف عليه وفهمه بشكل أفضل.
يُعَد دخان الحرب أحد الجوانب القليلة المنسية عند مناقشة تأثيرات النزاعات المسلحة فالأضواء غالبًا ما تكون مسلطة على الانفجارات العنيفة والأزمات الإنسانية، ولكن نادرًا ما يُرَكَّز على الجانب البيئي والصحي لهذه الظاهرة المأساوية، وإن هذا المقال سيسلط الضوء على كيفية تأثير دخان الحرب في غزة، وكيف يمكن لهذا التأثير الوخيم أن يمتد إلى البيئة والصحة العامة على الصعيدين المحلي والعالمي، وسنلقي أيضًا نظرة على تأثيره الصحي على السكان، مع التركيز على المشكلات الصحية الناجمة عن تلك الظروف البيئية القاسية.
إن هدف هذا المقال هو رفع الوعي بتلك القضية الهامة وتسليط الضوء على الحاجة الماسة للتفكير في الحلول المستدامة للحد من تأثيرات النزاعات المسلحة على المناخ والصحة.
التهديدات الثلاثة الرئيسية لدخان الحروب
تأثير الجسيمات الدقيقة
يعتبر الدخان الناتج عن الحروب مصدرًا رئيسيًا للجسيمات الدقيقة، والتي تُعَدُّ إحدى أخطر التهديدات للصحة، وتتألف هذه الجسيمات من جزيئات صلبة وسائلة صغيرة للغاية تعلق في الهواء، ولا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، وتمتاز هذه الجسيمات بقدرتها على اختراق العينين والوصول بسهولة عبر الممرات التنفسية للتجمع في أعماق الرئتين، ويمكن أن تكون هذه الجسيمات سببًا في تهييج نوبات الربو وزيادة احتمالية حدوث الأزمات القلبية والدماغية، وتزيد خطر الوفاة.
تأثير أول أوكسيد الكربون
يُعَدُّ غاز أول أكسيد الكربون واحدًا من التهديدات الثانوية المرتبطة بدخان الحروب، ويمتاز هذا الغاز بأنه عديم اللون والرائحة، ويصل تركيزه العالي أثناء الاحتراق وقربه واستنشاق أول أوكسيد الكربون يقلل من قدرة الجسم على إيصال الأكسجين إلى أعضائه، مما يسبب أعراضًا مثل الصداع والغثيان والدوار، وفي حالة ارتفاع تركيز الغاز، يمكن أن يكون له آثار خطيرة تصل حتى إلى زيادة مخاطر الوفاة المبكرة.
تأثير أوكسيد النيتروجين
غاز أوكسيد النيتروجين، الذي يكون لونه بنياً ضارباً إلى الحُمْرة وله رائحة كريهة، ويُعَدّ تهديدًا آخر يُرتبط بالدخان الناتج عن الحروب حيث أظهرت البحوث أن هذا الغاز يمكن أن يُثير التهاب القصبات، ويزيد حدة السعال والصفير ونوبات الربو وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتسبب في تدهور وظائف الرئة وزيادة احتمالية حدوث أمراض قلبية الوعائية، مما يزيد احتمالية الدخول إلى قسم الطوارئ.
أزمة المناخ والجفاف في غزة... تحديات بيئية متزايدة
أكدت عبير البطمة، مديرة شبكة المنظمات البيئية الفلسطينية، أن الهجمات المستمرة على قطاع غزة تجمع بينها وبين تأثيرات أزمة المناخ العالمية والجفاف، مما يزيد تعقيدات التصدي للتغير المناخي، ويسفر عن تبعات بيئية خطيرة على المدى البعيد.
تلك الأقوال جاءت خلال مقابلة أجرتها وكالة الأناضول مع عبير البطمة في إسطنبول، وتناولت المقابلة الهجمات المتواصلة على قطاع غزة منذ ثلاثة أسابيع وتأثيرها في جهود مواجهة تغير المناخ في غزة.
مع استمرار الهجمات التي بدأت في السابع من أكتوبر، تعرضت غزة لدمار هائل، مما سلط الضوء على الأزمة البيئية والتأثيرات الصحية العامة في المنطقة، وقد واجه سكان غزة الذين عانوا تأثيرات تغير المناخ لعدة سنوات صعوبات في الوصول إلى مصادر المياه بسبب الهجمات المتكررة.
لاحظت بطمة أن تراكم وتأثير الأزمات في فلسطين ليسا مقتصرين على الأزمة المناخية وحدها، بل هما أزمتان سياسية وبيئية تتداخلان، فعندما يتزامن التغير المناخي مع الهجمات، يكون لذلك تأثير كبير على الأراضي الزراعية.
وأشارت إلى أن الأراضي الزراعية تجف نتيجة عدم توفر المياه اللازمة لري المحاصيل المزروعة، مما يجبر الناس على التوقف عن زراعة أراضيهم. وبالنتيجة، شهد إنتاج القمح انخفاضًا بنسبة 10% بين عامي 2010 و2020.
وأكدت بطلة أن الهجمات الأخيرة سيكون لها تأثير بيئي خطير على المدى البعيد، حيث ستؤثر في التربة والمياه والبيئة البحرية والهواء، وسيكون لها تأثير سلبي على صحة الإنسان.
وأوضحت أن المياه قطعت واستنزفت موارد المياه الصالحة للشرب في قطاع غزة، مما يجبر الناس على الاعتماد على المياه المالحة للشرب.
وختمت بالقول إنه من الصعب مكافحة تأثيرات التغير المناخي ما دامت هناك قيود تفرض على الموارد المائية، وأن الشعب الفلسطيني يسعى جاهدًا للعثور على حلول مبتكرة للتكيف مع تغير المناخ ولهم الحق في الاستفادة من مواردهم المائية الخاصة.
ما هي أبرز المخاطر الصحية المرتبطة بالدخان في غزة؟
إذا تعرض الشخص لكميات كافية من الدخان في الهواء المحيط به، قد يترتب عنها مجموعة من الأعراض الفورية التي تشمل:
- الصداع
- صعوبة التنفس
- الأزيز في الصدر
- السعال
- تهيج الأنف والحلق
- سيلان الأنف
- حرقان وحكة في العيون
- تهيج الجيوب الأنفية
- نوبات الربو
- آلام في الصدر
- زيادة في ضربات القلب
- التعب
- الدوار
الفئات الأكثر عرضة للمخاطر الصحية الناتجة عن الدخان
بغض النظر عن العمر وتراكيز الدخان، تظل الفئات الأكثر عرضة للمخاطر الصحية نتيجة للدخان، وتتمثل بما يلي:
- كبار السن
- النساء الحوامل
- الأطفال الصغار
- مرضى القلب والأوعية الدموية
- مرضى الجهاز التنفسي
- مرضى السكري
- مرضى الكوفيد طويل الأمد
الإرشادات للحماية من مخاطر الدخان
للحماية من آثار الدخان الضارة، يُفضل اتباع الإرشادات التالية:
- البقاء على اطلاع تابع الأخبار والتقارير، على نحو خاص تلك المتعلقة بجودة الهواء والتحذيرات الصحية المتعلقة بالدخان.
- البقاء في الداخل إذا كانت الظروف تستدعي ذلك، حاول البقاء في الأماكن المغلقة وإغلاق النوافذ والأبواب لمنع دخول الدخان.
- التهوية بحذر إذا سمحت الظروف، قم بفتح النوافذ للتهوية لفترة وجيزة؛ ومن ثم إغلاقها مجددا.
- اتباع توصيات الطبيب إذا كنت تعاني أمراضاً مزمنة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية أو الرئة، اتبع توصيات الطبيب بشأن تناول الأدوية والاهتمام بصحتك.
اعرف أيضا:
في اليوم الدولي لمنع استخدام البيئة في الحروب والصراعات .. البيئة ضحية غير معلنة للحروب
الاسعافات النفسية الأولية لأهل غزة... كيفية تقديم الدعم النفسي للاشخاص الذين تعرضو للحروب
المصادر:
مصدر الصور: