كيف يهدد الجفاف العالم؟
طقس العرب - الجفاف هو تدهور مستمر في الظروف المناخية، والذي يؤدي إلى نقص في توفر المياه العذبة للزراعة والشرب والاستخدامات الصناعية، ويعتبر الجفاف تحديًا كبيرًا يواجه العالم اليوم، وهو تأثير مباشر للتغير المناخي الذي يُعزى في الغالب إلى الأنشطة البشرية مثل انبعاثات الغازات الدفيئة وتغيرات استخدام الأراضي.
الجفاف
الجواب: الجفاف هو ظاهرة تمتد على فترات طويلة في الدورة الطبيعية للمناخ، وقد تصيب أي منطقة في العالم؛ حيث إنها كارثة تتطور ببطء، وينعدم هطول الأمطار خلالها، مما يؤدي إلى نقص في موارد المياه، ويمكن أن يتسبب الجفاف في تأثيرات خطيرة على الصحة والزراعة والاقتصاد والطاقة والبيئة.
يعاني حوالي 55 مليون شخص حول العالم سنوياً من آثار الجفاف، وهي ظاهرة تهدد بشدة الماشية والمحاصيل في جميع أنحاء العالم، ويترتب على الجفاف تهديداً لسبل العيش وزيادة خطر الأمراض والوفيات، مما يعزز من التهجير الجماعي، ويؤثر نقص المياه على حوالي 40% من سكان العالم، ويتوقع أن يكون هناك 700 مليون شخص معرضين لخطر التهجير؛ بسبب الجفاف بحلول عام 2030.
ويزيد ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ من جفاف المناطق لتصبح مناطق جافة، ويجعلها أكثر انتشاراً، وفيها ترتفع معدلات التبخر بسرعة مع ارتفاع درجات الحرارة، مما يزيد خطورة الجفاف، ويطيل مدة فتراته.
ونتيجة لهذا التأثير، تشهد معظم الكوارث المرتبطة بالمخاطر الطبيعية، مثل الفيضانات والجفاف والأعاصير المدارية وموجات الحرارة والعواصف الشديدة، والنسبة تصل إلى 80-90 في المائة من مجموع الحوادث خلال العقد الأخير.
الجفاف حول العالم... ما هي أكثر المناطق المعرضة للجفاف؟
جفاف نهر الراين في أوروبا
نهر الراين يُعَدّ واحدًا من أهم وأكثر الأنهار شهرةً في أوروبا، حيث يمتد على مسافة إجمالية تبلغ 1.233 كيلومترًا وتعود أهمية هذا النهر الكبير إلى دوره البارز حيث يعتبر ممرا تجارياً وثقافياً أساسياً على مرّ العصور ومنذ قرون طويلة، تُستَخدَم هذا النهر لنقل البضائع والأفراد بين مناطق مختلفة ومع ذلك، يشهد الشريان الرئيسي لهذا النهر في القارة العجوز نقصًا مُلموسًا في مستويات المياه، مما يُشكِّل تهديدًا كبيرًا للاقتصاد الأوروبي، مُهَدِّدًا بانهيارٍ جديد.
على مدى الست سنوات الأخيرة، شهدت المنطقة صيفًا بعد صيف تأثرت فيها بمشكلة الجفاف، وهذا التحدي البيئي أدى إلى إصابة صناعة نقل المواد الخام إلى حد بعيد، حيث لم تكن السفن قادرة على الإبحار بكفاءة تامة خلال أشهر الصيف وفي الواقع، في بلدية كوب بألمانيا، يكاد منسوب المياه يتجاوز متراً ونصفاً فقط عندما يكون عمق النهر عادة حوالي مترين خلال هذا الوقت من العام.
الجفاف في البرازيل
تواجه غابة الأمازون المطيرة في البرازيل موجة جفاف شديدة يمكن أن تؤثر في ما يقرب على نصف مليون شخص بنهاية هذا العام، وفقًا لإعلان السلطات يوم الثلاثاء، ويبذل الكثيرون جهدًا كبيرًا للوصول إلى الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمياه، حيث تعتبر الممرات المائية وسيلة نقل رئيسية في هذه المنطقة، بينما وصلت مستويات الأنهار إلى مستويات منخفضة غير مسبوقة وتأثر صيد الأسماك أيضًا بشدة بسبب هذا الجفاف، والذي يعتبر مصدرًا رئيسيًا للعيش للعديد من المجتمعات الموجودة على ضفاف النهر.
ومن الجدير بالذكر أنه تم الإعلان عن حالة الطوارئ البيئية في ولاية أمازوناس منذ أسبوعين كاستجابة لهذا الجفاف الطويل، وتم إطلاق خطة استجابة تبلغ قيمتها 20 مليون دولار، وصرحت وكالة الدفاع المدني في الولاية أنها ستقوم بتوزيع إمدادات غذائية ومياه، بالإضافة إلى مستلزمات النظافة الشخصية.
الجفاف وآثاره على البيئة والإنسان
يُعتبر الجفاف واحدًا من أكبر التحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه العالم في العصر الحديث وهو ظاهرة طبيعية تحدث بشكل طبيعي في مناطق محددة، لكنها يمكن أن تتفاقم وتصبح كارثية عندما تتداخل مع عوامل أخرى مثل التغير المناخي وسوء إدارة الموارد المائية، والتي من الممكن أن تؤثر بشكل سلبي على البيئة والإنسان
تأثيرات الجفاف على البيئة
أفادت صحيفة أوجلوبو البرازيلية مؤخراًً بأنه تم اكتشاف أكثر من 100 دولفين نهري وردي ميت في بحيرة تيفي، وفقًا للتقرير الصادر عن معهد ماميروا، وهو معهد بحثي يتخذ من المنطقة الأمازونية في البرازيل موقعًا لأبحاثه، ويتم تمويله عن طريق وزارة العلوم البرازيلية.
وأفادت الصحيفة أيضا بأن ارتفاع عدد الدلافين الميتة يعود إلى الظروف غير الاعتيادية التي شهدتها منطقة الأمازون، حيث تعرضت لفترة جفاف تاريخية بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة في بحيرة تيفي، وأشار معهد أبحاث البرازيل ماميراوا إلى أن التحقيقات لا تزال قائمة إلى حين تحديد الأسباب الدقيقة لنفوق هذا العدد الكبير من الدلافين، ولكن يعتقد الخبراء أن الجفاف وارتفاع درجات الحرارة في البحيرة لهما تأثير كبير على الحياة النهرية.
ومن الجدير بالذكر أن نهر الأمازون يُعد أكبر ممر مائي في العالم، والذي يمر حاليًا بفترة جفاف، وهو ما يؤثر في الحيوانات النهرية إلى حد بعيد، وتحاول جهود إنقاذ الحياة النهرية ونقل بعض الدلافين من البحيرات الجانبية للنهر إلى المجرى الرئيسي للنهر حيث تكون المياه أبرد، لكن هذه العملية تواجه صعوبات كبيرة بسبب المسافات البعيدة والتضاريس الصعبة.
وتحظر مستويات المياه المنخفضة أيضًا نشاطات النقل وصيد الأسماك في النهر، مما يؤثر في الاقتصاد المحلي، ومن المتوقع أن تستمر موجات الجفاف الشديدة في المنطقة في الأسابيع المقبلة، مما يزيد مخاطر نفوق المزيد من الحيوانات.
تأثيرات الجفاف على الإنسان
يسبب الجفاف نقصاً في المياه والغذاء، مما يترتب على ذلك آثار سلبية على صحة الأفراد المتأثرين به، ويمكن أن يزيد خطر الإصابة بالأمراض والوفاة، ويُمكن أن يكون للجفاف آثار صحية حادة ومزمنة على البشر، ومنها:
- سوء التغذية بسبب نقص الغذاء، والذي يسبب أمراضاً متعددة أبرزها فقر الدم الناتج عن نقص الحديد.
- زيادة خطر الإصابة بالأمراض المعدية مثل الكوليرا والإسهال والتهاب الرئة، نتيجة سوء التغذية الحاد، ونقص المياه ونقص الإصحاح، بالإضافة إلى التهجير.
- الإجهاد النفسي والاجتماعي واضطرابات الصحة العقلية نتيجة للظروف الصعبة التي يمر بها الأشخاص المتضررون من الجفاف.
- تعطيل الخدمات الصحية المحلية نتيجة لنقص إمدادات المياه وفقدان القوة الشرائية، وقد يضطر العاملون في مجال الهجرة والصحة إلى مغادرة المناطق المحلية.
- يمكن للجفاف الشديد أن يؤثر أيضًا على نوعية الهواء من خلال زيادة انتشار حرائق الغابات والعواصف الترابية، مما يزيد المخاطر الصحية للأشخاص الذين يعانون بالفعل من أمراض الرئة مثل الربو أو الانسداد الرئوي المزمن، أو أمراض القلب.
يعتبر الجفاف من التحديات الكبيرة التي تتطلب تعاوناً عالمياً وجهداً مشتركاً للحفاظ على موارد المياه وتطوير استراتيجيات مستدامة للتعامل معه، وإذا تم التصدي لهذا التحدي بفعالية، يمكن للبشرية أن تحقق تقدمًا في تقليل تأثيرات الجفاف وتحقيق استدامة الموارد المائية في المستقبل.
اعرف أيضا:
الجفاف في أمريكا يكشف آثار أقدام عملاقة لديناصورات تعود إلى 113 مليون سنة
المصادر: