لأول مرة في العالم.. ألمانيا تطلق قطارات تعمل بالهيدروجين وتنتج الماء كمخلفات
طقس العرب - أطلقت ألمانيا خطًا جديدًا للسكك الحديدية يعمل بالكامل بالهيدروجين، في سابقة هي الأولى عالميا، ما يشكّل تقدمًا مهمًا نحو التوقف عن استخدام الكربون في تشغيل القطارات، و"يُجنّب إنتاج "4400 طنّ من ثاني أكسيد الكربون كلّ عام".
وسيحلّ أسطول من 14 قطارًا قدّمته شركة "ألستوم" الفرنسية، محل القطارات الحالية العاملة بالديزل على سكك تمتدّ مئة كيلومتر تقريبًا تربط بين مدن كوكسهافن وبريمرهافن وبريمرفورد وبوكستهود.
وتمّ تصميم هذه القطارات في مدينة تارب في جنوب فرنسا، وتجميع قطعها في سالزغيتر في وسط ألمانيا. وكلّف الأسطول 93 مليون يورو، وسُمّيت القطارات "كوراديا ايلينت" Coradia iLint.
كيف تعمل قطارات الهيدروجين؟
تحصل في قطارات الهيدروجين عملية مزج الهيدروجين والأكسيجين من الهواء المحيط، بفضل خلية وقود مثبّتة في السقف. وتُنتج هذه العملية التيار الكهربائي اللازم لتشغيل القطار، مع كون الماء هو المنتج الثانوي (المخلفات) الوحيد لهذه العملية.
ويمكن للقطارات التي تعمل بالهيدروجين تحقيق سرعات تصل إلى 140 كم في الساعة، وإدارة مسافات تصل إلى 1000 كم دون التزود بالوقود، وهو ما يزيد بعشر مرات عن القطارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية. التزود بالوقود سريع أيضا ويتم في أقل من 20 دقيقة.
وأصبحت قطارات الهيدروجين وسيلة واعدة لإزالة الكربون من قطاع السكك الحديدية واستبدال الديزل الذي لا يزال يشغّل 20% من النقل في ألمانيا.
المزيد من قطارات الهيدروجين في دول أوروبية
وقّعت المجموعة الفرنسية أربعة عقود من أجل توفير عشرات القطارات بالهيدروجين في ألمانيا وفرنسا وايطاليا، في غياب أي مؤشر إلى تراجع الطلب. ويعتبر مدير المشروع في "ألستوم" ستيفان شرانك أن في ألمانيا وحدها، "قد يتمّ استبدال بين 2500 و3000 قطار ديزل بقطارات هيدروجين".
ويؤكّد ألكساندر شاربانتييه، الخبير في السكك الحديدية في شركة "رولان بيرجيه" للاستشارات الإدارية، لوكالة فرانس برس "بحلول العام 2035، قد يعمل بين 15% و20% من السوق الأوروبي الإقليمي بالهيدروجين".
ودخل أيضًا منافسو "ألستوم" السباق للعمل على مشاريع مشابهة. إذ كشفت شركة سيمنز الألمانية عن نموذج أولي لقطار "دويتشه بان" في أيار/مايو الماضي، بهدف بدء تشغيله اعتبارًا من العام 2024.
عوائق وتحديات
رغم الآفاق الجذابة التي تطرحها هذه الشركات، "هناك عوائق فعلية" تقف أمام هذه المشاريع، بحسب شاربانتييه، إذ إن قطاع النقل بأسره، أكان بريًا أم جويًا، بالإضافة إلى الصناعات الثقيلة، يعوّل على تكنولوجيا استخدام الهيدروجين لتخفيف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وتبقى البنى التحتية المناسبة لاستيعاب تقنيات الهيدروجين في ألمانيا - وفي سائر أنحاء أوروبا - غير كافية، رغم إعلان برلين في العام 2020 عن خطة بقيمة سبعة مليارات يورو لتُصبح الرائدة في مجال الهيدروجين، وتتطلّب استثمارات هائلة.
ويوضح شاربانتييه "لهذا السبب، لا نتوقع أن يحصل استبدال قطارات الديزل بقطارات هيدروجين بنسبة 100%".
وتصنيع الهيدروجين قد يتطلّب تفاعلات كيميائية تستخدم الكربون. لذلك، يعتبر الخبراء أن "الهيدروجين الأخضر" وحده، والذي يُصنّع من خلال طاقات متجددة، مستدام.
وتوجد طرق أخرى لتصنيع الهيدروجين شائعة أكثر، لكنها مصنوعة من الوقود الأحفوري وبالتالي تتسبب بانبعاث غازات الدفيئة. ويشتقّ الهيدروجين "بنسبة 95% من تحويل المواد الأحفورية التي يأتي نصفها تقريبًا من الغاز الطبيعي".
غير أن أوروبا تواجه بالأساس ضغوطا في تخزين الغاز الطبيعي الروسي، على خلفية المواقف الأوروبية حيال موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا. ومن أجل تلبية حاجاتها، ستلجأ ألمانيا إلى كندا لشراء الهيدروجين.
وعلى هامش زيارة المستشار أولاف شولتس لكندا وقعت برلين اتفاقًا مع تورونتو لاستيراد كميات كبيرة من الهيدروجين المتجدد المصنوع في كندا اعتبارًا من العام 2025.