لماذا يستطيع الببغاء التحدث؟
طقس العرب - تعتبر القدرة على التحدث وتقليد الأصوات إحدى السمات البارزة في عالم الطيور، ومن بين هذه الطيور التي تتمتع بقدرة استثنائية على التحدث، تبرز الببغاوات كأحد أشهر الأنواع التي تمتلك هذه القدرة الرائعة، وفي هذا المقال، سنتناول لمحة عن سبب قدرة الببغاء على التحدث والعوامل التي تسهم في هذه القدرة.
قدرة الببغاوات على التواصل مع البشر
بخلاف القطط التي تتفوق في التواصل مع البشر باستخدام لغة الجسد والملامح الوجه كوسيلة رئيسية للتعبير عن احتياجاتها ومشاعرها، فإن الببغاوات قامت بتطوير نظام تواصل فريد للتفاعل مع البشر، وهذا التواصل لا يشمل تواصلها مع أفرادها في الطبيعة.
في حالة الببغاوات، يُنتِج الصوت بصورة معقدة بشكل أكبر من القطط، وبفضل الصندوق الموسيقي الذي يمتلكونه في القصبة الهوائية، يمكنهم تقليد تقريبًا أي صوت، وعلى الرغم من عدم وجود أحبال صوتية مثل البشر، فإنهم يمتلكون هذا العضو الخاص الذي يساعدهم على إعادة إنتاج مجموعة واسعة من الأصوات.
التقليد لديه دور بارز في حياة الببغاوات، حيث يمكنهم تقليد الأصوات المحيطة بهم والتعبير عن بيئتهم على نحو دقيق، وهذا يظهر بوضوح في حالات وجود أعداد كبيرة من الببغاوات في الحدائق أو المناطق الطبيعية، حيث يمكن رؤية تفاعلهم المبهج والتنوع الصوتي الذي يخلقونه.
الببغاوات أساتذة التقليد وأصوات الاتصال
إن القدرة على التقليد والقدرة على إعادة إنتاج الأصوات لها أساس للوقاية الطبيعية وأساس تواصلي آخر محدد مع الإنسان في ذلك الطائر الذي تربطه بنا علاقة وثيقة وبالإضافة إلى دورها الملهم في التواصل مع البشر، حيث تفهم الببغاوات الأليفة، أي التي تتعايش بشكل وثيق مع البشر، أن التحدث سمة مهمة بالنسبة لنا.
إنهم يفهمون أن هذه طريقة للتواصل، وأن هذه الأنواع من الأصوات الغريبة التي نصدرها لها قيمة كبيرة لعلاقتنا الاجتماعية، ومن الملاحظ أن الببغاوات يمكنها تعلم ما نعرفه بـ "الكلمات السيئة" بسهولة أكبر، حيث تميزها ككلمات خاصة، وتدرك أنها مميزة عن باقي الكلمات.
أعاد إريك جارفيس، عالم الأعصاب والخبير في التعلم الصوتي بجامعة ديوك، نشر دراسة حديثة في مجلة Plos One لشرح السبب وراء وجود جزء مخصص للتعلم الصوتي في دماغ الطيور، ويتضح أن لدى جميع الطيور المتعلمة صوتيًا جزءًا في دماغها يسمى "نظام الأغنية". ومع ذلك، في حالة الببغاوات، يتميز نظام الأغنية بالتألف من طبقتين - الجزء الأول هو "الجوهر" الداخلي الذي يشترك فيه جميع الطيور المتعلمة صوتيًا، والطبقة الثانية هي "الصدفة" الخارجية، وهي فريدة من نوعها بالنسبة للببغاوات، ويُعتقد أن اكتشاف "الصدفة" يمكن أن يكون المفتاح لفهم كيفية تمكين الببغاوات من محاكاة الأصوات بشكل كبير، على الرغم من أن البحث لم يكتشف بالضبط كيف تعمل هذه الطبقة حتى الآن.
وقد تبين أن لدى دماغ الببغاوات منطقة مخصصة خصيصًا لتقليد الأصوات، وهي منطقة تعد من أكثر المناطق تعقيدًا في أدمغتها، حيث تشترك فيها المناطق أنفسها التي تجعلها ترقص عندما تستمع إلى إيقاع الموسيقى الممتع.
تدريب الببغاوات لتقليد الأصوات البشرية
الببغاوات تظهر قدرة على التعلم واستخدام لهجات مختلفة، وهذا يمكن رؤيته في العديد من الأمثلة. على سبيل المثال، تمتلك ببغاوات الأمازون في كوستاريكا لهجات إقليمية متنوعة، وعندما ينتقل ببغاء من منطقة إلى أخرى، فإنه غالبًا ما يقوم بالتكيف مع اللهجة المحلية الجديدة، ووجد الباحث تيم رايت، الذي يقوم بدراسة نطق الببغاء في جامعة ولاية نيو مكسيكو، أدلة على هذا السلوك في بحثه.
وبناءً على هذا، عندما يتم إدخال ببغاء إلى بيئة بشرية، فإنه يسعى إلى "الدمج في الموقف كما لو كان ينتمي إلى قطيع البشر" والسمات الأساسية التي تجعلها قادرة على احتساب وفهم اللغة، مثل الوقت والإلهام والقدرة العقلية ومع ذلك، تفتقر الببغاوات البرية عادة إلى القدرة على التفاعل القريب بالكلام، ومن الجدير بالذكر أنه رغم سماع بعض الببغاوات البرية وهي تلفظ عبارات بشرية، إلا أن هذا السلوك نادر، ويُعتقد أنه تعلموه من ببغاوات أليفة الهاربة حيث يقول تيم رايت:
"في البيئة البرية، تتركز اهتمامات الببغاوات عادة على ببغاوات أخرى لفهم ما يُراد منها". ويبدأون في الاهتمام بالبشر والتفاعل معهم فقط عندما يصبح البشر مصدرًا رئيسيًا للتواصل الاجتماعي.
لتطوير قدرة الببغاوات على تقليد الأصوات البشرية، يجب تربيتها اجتماعيًا بشكل صحيح منذ سن مبكرة جدًا ولهذا السبب، إذا لم تتعرض الببغاوات لهذا التدريب في سنوات النمو الأولى، فإنها قد تجد صعوبة في اكتساب هذه القدرة لاحقًا، نظرًا لأن تطوير هذا النوع من التقليد يتطلب تطورًا دماغيًا معقدًا يجب أن يحدث مع نمو الطائر.
هل تعرف الببغاوات المبكرة ما تقوله؟
بالنسبة للببغاوات، يمكن أن تحتوي الكلمات التي تنطقها على بعض الارتباطات، ولكنها عادة لا تحمل معانٍ معقدة، حيث إن تكيفها مع السياق هو ما يجعلها تبدو وكأنها تفهم ما تقول.
على سبيل المثال، عندما يقوم ببغاء بقول "مرحبا؛ كيف حالك؟" عند دخول مالكه إلى الغرفة، فإنه لا يعبر بالضرورة عن اهتمام عميق بحالة مالكه، ولكنه يقوم بتقليد ما سمعه المالك يقوله عندما دخل. في الواقع، يمكن أن يكون معنى هذه الكلمات بالنسبة للببغاء مجرد التعبير عن وجود شخص في الغرفة.
وتجد الببغاوات أيضًا جاذبية بالعبارات والأصوات المتعلقة بالإثارة والاضطراب، وهذا يمكن أن يشجعها على تعلم الألفاظ غير المألوفة ومع ذلك، بالتدريب المناسب، يمكن للببغاوات أن تصبح أكثر إدراكًا للمعاني وعلى سبيل المثال، بالتدريب المستمر، يمكن للببغاء التعرف على الكلمات التي تشير إلى أشياء محددة وفهم معانيها بشكل أفضل.
العلاقة بين البيئة وأصوات الببغاوات
كما هو الحال مع العديد من الحيوانات، فإن إنشاء ارتباط قوي بين الظروف والصوت هو آلية شائعة يفضل تكرار الأصوات أو الكلمات فيما يتعلق بالظروف الصحيحة والمناسبة بطريقة دقيقة يمكن أن تفاجئنا.
من الضروري بعد توضيح هذه الآلية أن يُعلم أن وجود الببغاوات كحيوانات أليفة ليس أمرًا موصى به إطلاقا، ويجب تجنبه، حيث إن إزالة حيوانٍ بري من بيئته يمكن أن تسبب آثارًا ضارة على الطبيعة، وتعوِّق تطوُّره ووجوده السليم.
يمتلك الببغاء ميزة فريدة يجعله قادراً على التحدث وتقليد الأصوات بشكل مذهل، وهذه القدرة تمثل نموذجًا مثيرًا للدراسة حول قدرة الحيوانات على التواصل والتفاعل مع بيئتها، وتظل دراسة تلك القدرة مفتوحة للباحثين لفهم الجوانب الدقيقة لكيفية تحقيق الببغاء لهذا الإنجاز البارز.
اعرف أيضا:
حديقة فضائية ..رواد فضاء صينيون يعتنون بها
كيف يمكن لـ"أكياس من التراب" أن تساعد في مواجهة تغير المناخ
المصادر: