ما الفرق بين الأوزون الضار والنافع.. وكيف لغاز واحد أن يمتلك تأثيرا ضارا وآخر نافعا على الانسان والبيئة؟!
طقس العرب - تحمي طبقة الأوزون الموجودة في الغلاف الجوي العلوي للأرض، صحة الإنسان والمحاصيل الزراعية والنظم البيئية من الضرر الناجم عن كثرة الأشعة فوق البنفسجية. لكن في أسفل الغلاف الجوي، السيناريو مختلف، حيث يمكن أن تسبب الأنشطة البشرية تكون الكثير من الأوزون، مما يهدد صحة الإنسان والمحاصيل والنظم البيئية، فكيف يمكن لغاز واحد أن يحمل تأثيرا ضاراً وآخر نافعا؟!
الأوزون النافع (أوزون الستراتوسفير)
يُعرف الأوزون (O3) بأنه غاز ينتج بشكل طبيعي في الغلاف الجوي، ويتكون معظم الأوزون في الغلاف الجوي للأرض في طبقة الستراتوسفير، على ارتفاع حوالي 15 كم فوق سطح الأرض.
يشكل الأوزون هنا طبقة الأوزون، والتي تعمل كدرع طبيعي يحمي الأرض من أشعة الشمس الضارة، وقد سبب استنفاد هذا الأوزون الكثير من القلق في السبعينيات والثمانينيات، عندما اكتشف العلماء أن الغازات المستخدمة في البخاخات وأجهزة التبريد، مثل مركبات الكربون الكلورية فلورية (CFCs)، كانت تسبب ثقبًا موسميًا ضخمًا في طبقة الأوزون.
عندها تحرك العالم ووقعت الدول على بروتوكول مونتريال للتخلص التدريجي من هذه الغازات، وقد حققت الاتفاقية نجاحًا كبيرًا، والآن يراقب العلماء تعافي طبقة الأوزون. وهذه بشرى سارة لكوكب الأرض، حيث تمنع طبقة الأوزون المخاطر التي تسببها الأشعة الضارة من الشمس، منها: الإصابة بالسرطان وإعتام عدسة العين، وتحمي المحاصيل الزراعية والنظم البيئية.
(مكان تواجد كل من الأوزون الستراتوسفيري النافع والأوزون التروبوسفيري الضار)
الأوزون الضار (أوزون التروبوسفير)
كما يقال، هناك وجهان لعملة واحدة، وللأوزون وجهان أحدهما ضار وخطير والآخر نافع وضروري، كيف ذلك؟!
بعد أن تعرفنا على الأوزون النافع الموجود في طبقة الستراتوسفير والذي يشكل طبقة مركزة تحتوي على 90% من الأوزون الموجود في الغلاف الجوي للأرض، يتواجد غاز الأوزون أيضا في طبقة التروبوسفير القريبة من سطح الأرض، ولكن بتراكيز أقل، وهذا هو الأوزون الضار والذي يشكل 10% من مجموع الأوزون الموجود في الغلاف الجوي.
يقع معظم أوزون التروبوسفير على ارتفاع أقل من 2-3 كيلومترات، لذلك يشار إليه أيضًا باسم "الأوزون السطحي"، يوصف الأوزون السطحي بأنه أوزون ضار لأنه عند التركيزات العالية يشكل تهديدًا لصحة الإنسان وإنتاج المحاصيل والنباتات الطبيعية، بما في ذلك الغابات.
في عام 2010 ، أفاد فريق تقييم الآثار البيئية (EEAP) أن 1-1.25 مليون حالة وفاة على مستوى العالم يمكن أن تُعزى إلى التلوث الهواء القريب من سطح الأرض بالأوزون، في حين أن التعرض طويل الأمد لمستويات عالية من الأوزون السطحي قد يساهم في الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، وأراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكتة الدماغية.
يتسبب استنشاق الأوزون في حدوث التهاب وتلف في الشعب الهوائية والرئتين، يمكن أن يؤدي هذا إلى مشاكل حتى لدى الأشخاص الذين ليس لديهم أي أمراض تنفسية موجودة مسبقًا، ولكنه أكثر ضررًا لأولئك الذين يعانون مسبقا من الأمراض.
كما أشار فريق تقييم الآثار البيئية (EEAP) أيضًا إلى أدلة أولية على أن المستويات العالية من تلوث الهواء قد تترافق مع نتائج صحية أسوأ للمصابين بفيروس كورونا (COVID-19).
قد يهمك أيضا: ما هي قصة ثقب الأوزون.. وكيف تحرك العالم لاصلاحه؟!
تأثيرات الأوزون السطحي على المحاصيل الزراعية والغطاء النباتي
العديد من النباتات، من الأشنات إلى أشجار الغابات، تتلف بسبب التعرض للأوزون السطحي. تتراوح تقديرات خسائر المحصول العالمي فن فول الصويا والقمح والأرز والذرة بسبب الأوزون السطحي بين 4%-12%، وقد وجدت بعض الدراسات انخفاضًا أكبر في ناتج المحاصيل في بعض المناطق، كما أن التركيزات العالية للأوزون السطحي تضر أيضًا بنمو وإنتاجية الغابات. يقلل هذا الانخفاض في النمو من قدرة الغابات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، مما يساهم في زادة ثاني أكسيد الكربون في الجو والذي يعد المحرك الرئيسي لتغير المناخ.
كيف يتكون الأوزون السطحي
يتشكل الأوزون السطحي بتركيزات منخفضة جدًا بشكل طبيعي حتى في الهواء الخالي من التلوث، ولكن وجود الملوثات تساهم في إنتاج كميات أكبر بكثير، إذ ينتج الأوزون عن طريق تفاعلات كيميائية بين مزيج من ملوثات الهواء التي ينتجها الإنسان، بما في ذلك أكسيد النيتروجين (NOx) وأول أكسيد الكربون (CO) والهيدروكربونات. وتعمل درجات الحرارة المرتفعة وضوء الشمس الساطع على تسريع هذه التفاعلات ، لذلك عادة ما تكون تركيزات الأوزون السطحية أعلى في الظروف الجوية الدافئة والمشمسة.
بشكل عام ، يميل الأوزون السطحي إلى أن يتشكل بكميات أكبر في المناطق الحضرية حيث تؤدي الانبعاثات من الصناعة ووسائل النقل إلى طرح تركيزات عالية من أكاسيد النيتروجين والهيدروكربونات، وقد ينتشر الأوزون السطحي بعد ذلك من المناطق الحضرية إلى المناطق الريفية بواسطة الرياح.
هل يمكن السيطرة على الأوزون الضار؟
على عكس بروتوكول مونتريال ، الذي يحمي الأوزون النافع في طبقة الأوزون، لا توجد معاهدة عالمية تحمينا من تأثيرات الأوزون الضار، ومع ذلك، فإن العديد من البلدان تدرج الأوزون السطحي كجزء من معايير جودة الهواء وأنظمة الهواء النظيف، وذلك للحد من انبعاث الملوثات الناتجة من الصناعة ومحطات الطاقة وووسائل النقل وتنظيمها، واتخاذ تدابير الحد من انبعاثات الهيدروكربونات الناتجة عن المذيبات العضوية والاحتراق غير الكامل لوقود المركبات.
وفي الختام، هناك نوع واحد فقط من الأوزون، ويختلف في نفعه وضره اعتمادًا على مكان وجوده، سواء في طبقة الستراتوسفير أو طبقة التروبوسفير، سيكون له تأثيرات مختلفة جدًا على البشر والمحاصيل والحيوانات والنظم البيئية. لذلك من المهم على العالم الالتزام بتنفيذ بروتوكول مونتريال لحماية "الأوزون النافع" الموجود في الستراتوسفير والذي يحمينا، والتقليل من مسببات تشكل الأوزون السطحي لحماية أنفسنا والبيئة.
قد يهمك أيضا: حقائق عن الأوزون.. ومعلومات لا تعرفها عن طبقة الأوزون التي تحمي الحياة على الأرض