ما هي قصة ثقب الأوزون.. وكيف تحرك العالم لاصلاحه؟!

كتبها رنا السيلاوي بتاريخ 2021/09/15

طقس العرب - منذ ما يقرب من 40 عامًا، اكتشف العلماء أن الأنشطة البشرية كانت تستنفد طبقة الأوزون وأن ثقبًا قد تشكل فوق القارة القطبية الجنوبية، جمع هذا الاكتشاف العالم معًا لمواجهة أحد أكبر التحديات البيئية في تاريخ البشرية.

 

بعد عقود من الزمن، قطع ثقب الأوزون شوطًا طويلاً منذ ظهوره المقلق في الثمانينيات، ولا تزال هناك جهود جارية بين صانعي القرار والعلماء لضمان حماية طبقة الأوزون في الغلاف الجوي، وفي ضوء التعافي المستمر لثقب الأوزون، إليكم قصة تشكله، والجهود المبذولة لإصلاحه، وما إذا كان من المحتمل أن يصل الثقب إلى مرحلة أسوأ.

 

ما هو الأوزون؟

لبدأ أولا بالتعرّف على الأوزون التي تتألف منه طبقة الأوزون. الأوزون هو غاز شديد التفاعل يتكون من ثلاث ذرات أكسجين، وهو سام للإنسان ويمكن أن يتلف الرئتين عند استنشاقه، لذلك هو ضار عندما يتواجد بالقرب من سطح الأرض، حيث يتواجد بعض الأوزون المُلوث بالقرب من سطح الأرض، ولكن يتركز معظم الأوزون في الغلاف الجوي في طبقة الستراتوسفير.

 

ما هي طبقة الأوزون (ozone layer)؟

على ارتفاع 50 كيلومترا تقريبا فوق سطح الأرض تقع طبقة الستراتوسفير من الغلاف الجوي، تتركز جزيئات الأوزون في منطقة ضمن طبقة الستراتوسفير تُعرف باسم طبقة الأوزون، وهذا الأوزون البعيد عن سطح الأرض هو الأوزون النافع و الضروري للأرض، إذ تمتص جزيئات الأوزون الأشعة فوق البنفسجية، و تعمل على حماية الحياة على الأرض من هذه الأشعة الضارة. 


 

قصة ثقب الأوزون (ozone hole)

في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، بدأ الباحثون في اكتشاف أن بعض المواد الكيميائية التي يصنعها الإنسان، تعمل على تكسير جزيئات الأوزون عن طريق تجريد إحدى ذرات الأكسجين من جزيء الأوزون. بمرور الوقت، يمكن أن تجعل هذه التفاعلات طبقة الأوزون أقل استقرارًا.

 

في عام 1985م، أصبح هذا التهديد معروفًا للجمهور. اكتشف العالم جوزيف سي فارمان وزملاؤه أن الأوزون الجوي فوق القارة القطبية الجنوبية قد انخفض تركيزه بنسبة 40%، حيث وصلت المواد الكيميائية المصنعة، إلى طبقة الستراتوسفير واستنفدت جزءاً من طبقة الأوزون، مما أدى إلى ظهور جزء رقيق للغاية من الطبقة سمي بـ"ثقب الأوزون"، حدث ذلك فوق القطب الجنوبي بسبب الظروف الكيميائية والجوية الفريدة في المنطقة.


(تظهر الصورة التغيرات التي حدثت على ثقب الأوزون فوق القارة المتجمدة الجنوبية وكيف تغير تركيز جزيئات الأوزون في الفترة ما بين 1979 - 2014)
 

ما سبب حدوث ثقب الأوزون؟

حدد العلماء انبعاثات بعض الغازات التي تحتوي على مواد مستنفدة للأوزون باعتبارها المصدر الرئيسي لمشكلة حدوث ثقب الأوزون، مركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs)، هي واحدة من أكثر الغازات ضررًا بطبقة الأوزون، حيث تحتوي مركبات الكلوروفلوروكربون على الكلور - وهو مركب رائع لقتل البكتيريا في برك السباحة، لكنه ضار بطبقة الأوزون في شكله الغازي.

 

استخدمت مركبات الكلوروفلوروكربون على نطاق واسع في العقود السابقة، وبلغت ذروتها في أواخر الثمانينيات، حيث استخدمت في العديد من الثلاجات ومكيفات الهواء ومعدات نفخ الرغوة، تسبب ذلك في إطلاق كميات خطيرة من غاز الكلور في الغلاف الجوي، وبمجرد وصول الكلور إلى طبقة الأوزون، تقوم الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من الشمس بتحويله إلى مادة تفاعلية، والتي بدورها تدمر جزيئات الأوزون. كما لعبت مركبات أخرى ، مثل البروم ، دورًا في استنفاد طبقة الأوزون.

 

وعلى الرغم من انخفاض مستويات هذه المواد في الغلاف الجوي بشكل كبير على مر السنين ، فإن ثقب الأوزون قد يحتاج بعض الوقت ليتعافى في العقود القادمة.

 

لماذا يعتبر ثقب الأوزون مشكلة؟

ترقق طبقة الأوزون هو خطر على صحة الإنسان، وذلك لأن المزيد من الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس يمكن أن تمر عبر الطبقة وتصل إلى سطح الأرض. تعتبر الأشعة فوق البنفسجية الطويلة (UVB) مثيرة للقلق بشكل خاص، لأنها يمكن أن تسبب سرطان الجلد و إعتام عدسة العين. يمكن للأشعة فوق البنفسجية أن تضر بالحياة البحرية والنباتات، وتقلل من إنتاجية محاصيل الأرز والقمح وفول الصويا.

 

قد تتجاوز تأثيرات مركبات الكربون الكلورية فلورية طبقة الأوزون. مركبات الكلوروفلوروكربون هي غازات دفيئة قوية ويمكن أن يكون لها تأثير أوسع على نتائج تغير المناخ. إذ توجد مركبات الكلوروفلوروكربون بتركيزات نسبية في الغلاف الجوي عند مقارنتها بثاني أكسيد الكربون، لذلك فهي تعتبر عاملاً ثانوياً في ظاهرة الاحتباس الحراري.

 

وقد أظهرت الأبحاث الحديثة أن هذه الغازات نفسها قد أدت إلى تسريع احترار القطب الشمالي، مما ساهم في ارتفاع مستوى سطح البحر واحترار السطح في القطب الشمالي.

 

 

كيف تحرك العالم لاصلاح ثقب الأوزون؟

لإصلاح ثقب الأوزون يجب أولاً ضمان عدم وصول الغازات المستنفدة للأوزون إلى طبقة الستراتوسفير. في عام 1987 ، أنشأت الأمم المتحدة بروتوكول مونتريال لتنظيم كميات هذه الغازات في الغلاف الجوي. تم التوقيع على بروتوكول مونتريال من قبل 197 دولة، وهي معاهدة الأمم المتحدة الوحيدة في التاريخ التي تحقق المشاركة العالمية.

 

بمرور الوقت، تم تحديث البروتوكول ليشمل المزيد من المواد التي يمكن أن تسبب ضررًا لطبقة الأوزون والمناخ. على سبيل المثال ، في عام 2016 ، تمت إضافة الهيدروفلوروكربون إلى قائمة المواد الخاضعة للرقابة، لأنه تم تحديد هذه الغازات على أنها غازات دفيئة قوية. وقد أصبحت المعاهدة واحدة من أنجح البروتوكولات لمواجهة التحديات البيئية التي يسببها البشر.

 

اقرأ أيضا: حقائق عن الأوزون.. ومعلومات لا تعرفها عن طبقة الأوزون التي تحمي الحياة على الأرض

 

هل ثقب الأوزون ثابت؟

نتيجة لبروتوكول مونتريال، انخفضت بشكل ملحوظ تركيزات الغازات المستنفدة لطبقة الأوزون في الغلاف الجوي، لكن وفقًا لأستاذة الفيزياء البيئية بجامعة كانتربري، لورا ريفيل، فإن المشكلة لم تحل بعد. "طالما استمر تشكل ثقب الأوزون كل شتاء وربيع، لا أعتقد أنه يمكننا القول إن المشكلة قد تم حلها. نحن بحاجة إلى الاستمرار في مراقبة طبقة الأوزون للتأكد من أنها تتعافى من تأثيرات مركبات الكربون الكلورية فلورية".

 

وعلى الرغم من حظر الغازات المستنفدة للأوزون، إلا أنها لم تختفي تماما، يقول ستيفن مونتزكا، الكيميائي البحثي في ​​الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، إنهم اكتشفوا وجود مركبات الكربون الكلورية فلورية بشكل غير قانوني، في الغلاف الجوي.

 

في عام 2018 ، شارك مونتزكا في تأليف تقرير في مجلة ناتشر "Nature" أظهر وجود مستويات غير متوقعة من CFC-11، وهو نوع من مركبات الكربون الكلورية فلورية. ربما كان هذا التركيز لـ CFC-11 نتيجة الإنتاج الصناعي غير المصرح به، بما يتعارض مع بروتوكول مونتريال.

 

وأظهر المزيد من الأبحاث التي أجراها مونتزكا أن استعادة ثقب الأوزون يمكن أن يتأخر بسبب هذه الانبعاثات. على الرغم من ذلك، لا يعتقد مونتزكا أن طبقة الأوزون تواجه خطرًا كبيرًا من مركبات الكربون الكلورية فلورية. حيث قال: أن "المستويات المعززة من CFC-11 التي لاحظناها في الغلاف الجوي تمثل كمية لن تسبب بحد ذاتها ضررًا إضافيًا كبيرًا لطبقة الأوزون إذا انخفضت هذه المستويات وعادت إلى الكميات المتوقعة بسرعة".

 

تظهر النماذج المناخية أن مستويات الأوزون يجب أن تعود إلى المستويات القياسية بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، في حال استمرار البلدان في الالتزام ببروتوكول مونتريال، وهذا هام جدا، حيث أن انتهاك دولة واحدة للقواعد يمكن أن يؤخر تعافي طبقة الأوزون بشكل كبير.

 

للمزيد من المقالات وأخبار الطقس حمّل تطبيق طقس العرب من هنا

 



تصفح على الموقع الرسمي



هل تشهد الشمس توهجًا فائقًا كل قرن؟ وما تأثيره على الأرض؟ظاهرة فلكية بديعة في السماء بالتزامن مع بدء فصل الشتاءرمضان يقترب.. أيام قليلة تفصلنا عن بداية شهر رجب للعام 1446؟الأردن : فرص الثلوج هي الأعلى منذ سنوات في المملكة إحصائياًالفرق بين فيروس كورونا والإنفلونزا والحساسية الموسمية ونزلات البردالأردن | صفر مئوي… درجة الحرارة المسجلة فجر اليوم الأحد 22-12-2024 في مطار الملكة علياء الدوليالأردن/تحديث الساعة ال8 صباحا : ضباب كثيف يشهده مطار الملكة علياء الدولي وتدني لمدى الرؤية الأفقية إلى 500 مترمركز طقس العرب يُصدر نشرة فصل الشتاء 2024/2025 (التفاصيل في الداخل)مربعانية الشتاء.. ماذا تعني في الموروث الجمعي في المشرق العربي؟