هل الإسكندرية مهددة بالغرق بفعل تغير المناخ؟
طقس العرب-الإسكندرية، التي يُعرف اسمها على مر العصور كإحدى أهم مدن مصر وثاني أكبر مدنها وأكبر موانئها، تواجه خطر أن تبتلعها أمواج البحر الأبيض المتوسط في غضون عقود قليلة.
تتأرجح المدينة التي أسسها الإسكندر الأكبر على دلتا النيل على حافة الخطر، حيث يغرق جزء من أراضيها نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر الناجم عن الاحترار المناخي ووفقًا لأكثر السيناريوهات تفاؤلاً التي وضعتها الأمم المتحدة، سيصبح ثلث المدينة تحت الماء أو غير صالح للسكن بحلول عام 2050، مما يجبر ربع سكانها البالغ عددهم ستة ملايين نسمة على ترك منازلهم، وقد لا تنجو آثارها القديمة وكنوزها التاريخية من هذا الخطر.
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وغرق الإسكندرية
السلطات المصرية أكدت صحة السيناريوهات التي تحدث عنها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بشأن غرق مدينة الإسكندرية، وأعلنت اتخاذ إجراءات لحماية المدينة وجاء ذلك بعدما قال جونسون في مؤتمر تغير المناخ الذي عقد يوم الاثنين الماضي بمدينة غلاسكو في اسكتلندا، إن ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 4 درجات فقط سيهدد مدنًا مثل الإسكندرية في مصر، وميامي في الولايات المتحدة، وشنغهاي في الصين.
وفي هذا السياق، قال وزير الري المصري محمد عبد العاطي في تصريحات صحفية إن ما ذكره جونسون ليس مفاجئًا لمصر، بل إن الحكومة المصرية تعمل على هذه المسألة منذ زمن وأكد أن هناك أماكن في دلتا النيل معرضة للخطر، وليست الإسكندرية وحدها، وفقًا لما نقلته فضائية "صدى البلد" المصرية.
وأشار عبد العاطي إلى أن السيناريوهات التي تحدث عنها جونسون لن تحدث اليوم أو غدًا، ولكن من الممكن أن تقع بحلول عام 2100.
ندوة حول التغيرات المناخية وتحديات الموارد المائية في مصر بمكتبة الإسكندرية
نظمت مكتبة الإسكندرية اليوم ندوة بعنوان "التغيرات المناخية وتحديات الموارد المائية في مصر" ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب في نسخته التاسعة عشرة في وقت سابق من شهر يوليو شارك في الندوة الدكتور محمد عبد الرازق، رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية، والدكتورة سوزان الغرباوي، نائب رئيس المعهد القومي لعلوم البحار، وإدارتها الدكتورة هدى الساعاتي، عضو مجلس نقابة الصحفيين بالإسكندرية.
-
تحديات التغيرات المناخية
أكدت الدكتورة هدى الساعاتي أن التغيرات المناخية أصبحت تحديًا كبيرًا على أجندة الحكومات الدولية، ولم يعد الحديث عنها نوعًا من الرفاهية. إذ إنها تؤثر بشكل غير مسبوق على ارتفاع درجات الحرارة والاضطرابات الجوية، مما يؤدي إلى كثافة في الأمطار وأشارت الساعاتي إلى جهود الدولة المصرية في تخفيف حدة المخاطر المتعلقة بالتغيرات المناخية، ومنها الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2030، إضافة إلى مشروعات حماية الشواطئ، خاصة في الإسكندرية التي تعرضت لتقلبات مناخية صعبة في السنوات الأخيرة.
-
تأثير التغيرات المناخية على الإسكندرية
تحدث الدكتور محمد عبد الرازق عن تأثير التغيرات المناخية على شواطئ الإسكندرية، لافتًا إلى أن التقارير الدولية تشير إلى أن الحياة البحرية هي الأكثر تأثرًا بتغير المناخ بسبب الاحتباس الحراري وأشار إلى تقرير التقييم الصادر عن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ الذي يقدم أدلة قوية على أن الاحترار العالمي يرجع بالدرجة الأولى إلى الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات، مما أدى إلى انصهار الجبال الجليدية ورفع منسوب المياه في البحار.
وأضاف عبد الرازق أن سجلات درجات الحرارة منذ عام 1850 تظهر ارتفاع حرارة الكرة الأرضية بمقدار 0.8 درجة مئوية في المتوسط، وزيادة تركيزات ثاني أكسيد الكربون من 280 جزءًا في المليون في منتصف القرن التاسع عشر إلى 388 جزءًا في المليون في بداية القرن الحادي والعشرين. ومن المتوقع أن يستمر الاحترار العالمي بارتفاع متوسط درجة الحرارة بمقدار 2.5 إلى 4.7 درجة مئوية بحلول عام 2100.
-
ارتفاع منسوب سطح البحر
وأوضح عبد الرازق أن التغيرات المناخية قد تؤدي إلى ارتفاع منسوب سطح البحر بمقدار 0.18 إلى 0.79 متر، مما قد يتسبب في خلل بيئي يؤثر على الحياة البحرية. وأشار إلى التصرفات السلبية من الإنسان، مثل الصيد الجائر وإزالة الشعب المرجانية، وأكد على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لحماية البيئة البحرية. وأوضح أن مصر بدأت بإنشاء محميات طبيعية لحماية الحياة البحرية من هذه التأثيرات السلبية.
-
جهود حماية الإسكندرية
وأشار عبد الرازق إلى تأثر الإسكندرية بالتغيرات المناخية التي أدت إلى انهيار أجزاء من الكورنيش وتدخل الدولة بسرعة لحماية شواطئ المدينة من التآكل وارتفاع منسوب سطح البحر. وقد بدأت الهيئة المصرية لحماية الشواطئ في مد ألسنة للحماية البحرية.
التغيرات المناخية وآثارها على البيئة
قدمت الدكتورة سوزان الغرباوي شرحًا تفصيليًا عن التغيرات المناخية وآثارها على البيئة، موضحة أن التغير المناخي يعتبر تغيرًا طويل المدى في معدل درجات الحرارة وأنماط الطقس. وأشارت إلى أن العالم يشهد حاليًا تغير أنماط الفصول على غير المعتاد نتيجة لعوامل منها تغير مفعول الدفيئة، وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن حرق الوقود وإزالة الغابات.
جهود مصر لمواجهة التغيرات المناخية
أكدت الغرباوي أن الغلاف الجوي ارتفعت درجات حرارته بشكل كبير، مما تسبب في الاحتباس الحراري الذي أدى إلى حرائق غابات وعواصف وفيضانات. وأشارت إلى أن مصر ليست من الدول المتسببة في التغيرات المناخية، لكنها تأثرت بعواقبها، خاصة بارتفاع منسوب سطح البحر قرب دلتا النيل، مما يعرض المساحات الزراعية للخطر.
وأوضحت أن المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد أجرى دراسات لتوقع نسب الأراضي المفقودة في حالة ارتفاع البحر، ووضع السيناريوهات للتعامل مع هذه التغيرات.
شاهد أيضا:
مثلما يحدث في الفرن.. تغير المناخ زاد من فترات موجات الحر
المصادر:
تقرير التنمية البشرية لعام 2021 الصادر عن وزارة التخطيط المصرية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.