هل تتراجع مصر عن مركزها الأول عالميا في إنتاج الزيتون بعد خسائر تتجاوز ال50% لهذا الموسم
طقس العرب - احتلت مصر العام الماضي (2020) المركز الأول في إنتاج زيتون المائدة، متخطية إسبانيا، إلا أن محصول الزيتون في مصر انضم هذا العام إلى المحاصيل الزراعية التي انخفض إنتاجها بشكل حاد، وتراجعت جودتها على نحو مثير للدهشة، على غرار محصول المانغو الصيف الماضي، الذي جاء مخيبا لآمال المزارعين والمستهلكين معا.
ومع نهاية موسم جني محصول الزيتون في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، يتكشف حجم الضرر البالغ الذي تعرض له المحصول، ولكن كانت النسبة الكبرى من الخسارة من نصيب المزارعين الذين تكبدوا خسائر فادحة.
كما انعكس تراجع وضعف الإنتاج على أسعار زيتون المائدة (المخلل) بأنواعه المختلفة، وزيت الزيتون في الأسواق بنسب تجاوزت 25%، وسط توقعات بزيادتها مجددا، وتحذيرات من التوسع في غش زيت الزيتون للاستفادة من ارتفاع أسعاره.
مواضيع قد تهمك: هذه الفوائد الصحية التي ستحصل عليها عند تناول الزيتون
زراعة الزيتون في مصر
على مدار العقود الأربعة الأخيرة، شهدت زراعة الزيتون توسعا وتطورا كبيرا، جعل مصر على رأس قائمة الدول المنتجة للزيتون على مستوى العالم، خلال موسم 2019-2020.
حتى احتلت مصر المركز الأول متفوقة على إسبانيا بمحصول يبلغ 690 ألف طن من الزيتون مقارنة بـ497 ألف طن في موسم 2018-2019، في حين تراجعت إسبانيا إلى المركز الثاني بـ500 ألف طن مقابل 580 ألف طن، وذلك بانخفاض 16% عن الموسم الأسبق.
وكانت بيانات المجلس الدولي للزيتون تتوقع أن يستمر إنتاج مصر من الزيتون في التزايد ليصل خلال موسم 2020/2021 إلى 800 ألف طن، قبل أن ينخفض الإنتاج الفعلي بشكل مفاجئ، حسب مراقبين.
وقفزت المساحة المزروعة بالزيتون في مصر من 5 آلاف فدان بنهاية سبعينيات القرن الماضي إلى أكثر من 100 ألف فدان في نهاية التسعينيات، وارتفعت عام 2000 إلى نحو 108 آلاف فدان وتجاوزت أكثر من 240 ألف فدان في 2019، بحسب وزارة الزراعة.
سبب انهيار موسم الزيتون
تجاوزت خسائر محصول الزيتون لهذا الموسم 50% وفق بعض التقديرات و25% على أقل تقدير، وقال أحمد يوسف وكيل وزارة الزراعة في مطروح -بمداخلة عبر التلفزيون المصري- إن "التغيرات المناخية أدت لانخفاض محصول الزيتون بالمحافظة بمقدار 25% عن السنوات الماضية".
هذه الخسارة الكبيرة كانت متوقعة، لكنه لم يكن من الممكن تجنبها، بحسب نقيب الفلاحين حسين أبو صدام؛ لأنها تتعلق بالتغيرات المناخية التي حدثت في مارس(آذار) و أبريل (نيسان) الماضيين، حيث يحتاج الزيتون أثناء موسم التزهير والعقد إلى درجات حرارة منخفضة؛ لكن ما حدث هو أن الحرارة كانت مرتفعة فجاء الإنتاج ضعيفا.
وفي تغير غير مسبوق في الزراعات، أشار أبو صدام إلى أن الكثير من الزراعات (وليس الزيتون والمانغو فقط) تعرضت لأضرار جسيمة بسبب تقلبات الجو وتغير المناخ خلال العام الماضي والجاري، وهو مؤشر خطير على مستقبل الزراعة في مصر وسلتها الغذائية.
وارتفع سعر لتر زيت الزيتون ما بين 120 و 150 جنيها للتر، مقارنة بنحو 80 و 120 جنيها للتر العام الماضي، وارتفع سعر زيتون المائدة (المخلل) بشكل عام أكثر من 25%، ابتداء من الشعبي وحتى الفاخر، مع تحذيرات من زيادة الغش وتحديدا في زيت الزيتون بسبب ارتفاع سعره، وسهولة خلطه بأي زيت آخر مع الحفاظ على لزوجته ولونه وطعمه إلى حد قريب من الزيت الأصلي، ولا يفضل شراء الزيت الرخيص لأن احتمال الغش فيه أكبر.
تغير المناخ والتأثير المباشر على محصول الزيتون
كان ارتفاع درجة حرارة الأرض هو العنصر الأساسي الذي نوهت إليه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لما له من تأثير مباشر على باقي عناصر المناخ والظواهر الجوية المصاحبة له.
وقد قال الدكتور علي قطب، أستاذ المناخ بجامعة الزقازيق ونائب رئيس هيئة الأرصاد الجوية السابق، للجزيرة نت، أنه لوحظ منذ قيام الثورة الصناعية منتصف القرن الـ19 وحتى الآن، أن متوسط درجة الحرارة ارتفع درجتين عن المعدلات الطبيعية، وأثر ذلك على كافة العناصر والظواهر الجوية من أمطار وأتربة وعواصف وأعاصير، والذي انعكس بدوره على جميع الأنشطة الاقتصادية.
وحذر قطب من التأثيرات المناخية على الزراعة عموما، مشيرا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها وزيادة سرعة الرياح خلال المواسم الانتقالية، وندرة الأمطار في بعض المناطق وغزارتها في مناطق أخرى، جميع هذه العناصر لا تخدم الزراعة بل تضرها بشدة وتؤثر على إنتاجية المحاصيل وتنوعها.
تسبّبت التقلبات المناخية لعام 2021 في خسائر كبيرة للعديد من زراعات المحصايل والخضر والفاكهة، ظهر تأثيرها سريعاً في الأسواق بارتفاع أسعار المانجو بنسبة زادت على 50%، نفس الأمر ينطبق على زراعات أخرى وبنسبة أعلى، يأتي على رأس قائمتها محصول الزيتون، الذي يُعد واحداً من السلع الزراعية التي شهدت مؤخراً طفرة في الإنتاج وزيادة في المساحة، وكان الأكثر ربحاً في القطاع الزراعي، واحتلت مصر المركز الأول في إنتاجه العام الماضي 2020 متخطية إسبانيا بإنتاجية بلغت 690 ألفًا.
تسبّبت التقلبات المناخية لعام 2021 في خسائر كبيرة للعديد من زراعات المحصايل والخضر والفاكهة، ظهر تأثيرها سريعاً في الأسواق بارتفاع أسعار المانجو بنسبة زادت على 50%، نفس الأمر ينطبق على زراعات أخرى وبنسبة أعلى، يأتي على رأس قائمتها محصول الزيتون، الذي يُعد واحداً من السلع الزراعية التي شهدت مؤخراً طفرة في الإنتاج وزيادة في المساحة، وكان الأكثر ربحاً في القطاع الزراعي، واحتلت مصر المركز الأول في إنتاجه العام الماضي 2020 متخطية إسبانيا بإنتاجية بلغت 690 ألفًا.
الحاجة إلى دراسة الجدوى المناخية الشاملة
يقول الدكتور محمد علي فهيم، رئيس مركز تغير المناخ بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، إن المناخ في مصر أصبح متغيراً بوتيرة أسرع من المتوقع كما أن سيادة مناخات "محلية" شديدة التباين أمر غريب ولم يكن في الحسبان حينما شرع المزارعون في إنشاء مزارع الزيتون.
وأوضح أنَّ الزيتون هو الشجرة الوحيدة التي لها دورات نمو معقدة ومتراكبة ومتشابكة، وهي دورة نمو ربيعية وصيفية وخريفية وسكون ظاهري شتوي واستيفاء برودة وكسر طور السكون وبداية موسم نمو وانبثاق براعم زهرية خضرية زهرية وتلقيح وإخصاب وعقد، ورغم أنَّه من أشجار المناطق شبه الجافة ظاهرياً، إلا أنَّ مقتله في المناخ وليس التغذية أو أي عامل آخر.
وتابع أنَّ موسم الزيتون يشبه الذي كان في 2018 وتسبّب في خسائر كبيرة، فلم تكن ساعات البرودة كافية تبعها ربيع حار بموجات مفاجئة منتصف مارس 2021، مما ضرب موسم اكتمال التزهير وبداية العقد، وبالتالي أصبح المناخ وتقلباته هو المسيطر على إنتاج الموسم، قائلاً إنَّ ما يجب أن يحدث هذا العام وبفترة كافية أن يتمّ التوقع بما سيحدث من مناخ والمعروف "بالجدوى المناخية الشاملة" وهي تُعنى بدراسة التاريخ المناخي للمنطقة وحساب قيمة المؤشرات المناخية.
مشاركة مصر في قمة جلاسكو لتغير المناخ
أطلقت مصر، الأسبوع الماضي، الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، ضمن مشاركتها في فعاليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ "كوب 26" (COP26) في مدينة غلاسكو بأسكتلندا.
وخلال كلمته في القمة قبل أسبوع، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن إعداد هذه الإستراتيجية الوطنية تهدف إلى تحديث مصر للمساهمة المحددة وطنيا بحيث تكون السياسات والأهداف والإجراءات مكملة لجهود الدولة التنموية.
وأطلق رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تحذيرا صادما خلال كلمته بقمة المناخ العالمية، قال فيه "استعدوا لفراق أحبابكم"، محذرا من اختفاء 3 مدن على مستوى العالم، من بينها الإسكندرية (ثاني أكبر المدن المصرية)، وذلك في حال لم يتم اتخاذ إجراءات للحيلولة دون ارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض.
المصدر: وكالات