هل سبق وأن تشكّل إعصار في البحر الأبيض المتوسط ؟
موقع ArabiaWeather.com- تُعتبر الأعاصير من أكثر الظواهر الجويّة تدميراً على كوكب الأرض، برياحها العاتية وأمطارها الشديدة، فغالباً ما يترافق ذكرها بذكر كلمات مثل "ضحايا" أو "خسائر ماديّة".
وقد يشعُر سُكّان العديد من الدول العربية، باستثناء سكان سلطنة عُمان، بالارتياح لأنّ تأثير الأعاصير لا يطالهم، وذلك لوجود أغلب البلدان العربية بعيداً عن المُحيطات، بمواجهة مُسطحات مائية محدودة المساحة وهي البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي.
ولكن قد يستغرب البعض، بأن البحر الأبيض المتوسط بالذات، يشهد في بعض السنوات، تشكُل مُنخفضات جويّة شبه استوائية، تُشبه في خصائصها وشكلها الأعاصير وهي ظاهرة جويّة تُثير جدلاً كبيراً بين عُلماء الطقس، كونها تجمع بين خصائص الأعاصير الاستوائية أو الشبه استوائية وحتّى العواصف القُطبية، ما يُصعّب على أي جهة علمية تصنيفها بشكل نهائي غير قابل للنقاش.
إعصار شهر يناير/كانون الثاني 1995
صورة الأقمار الاصطناعية لإعصار متوسطي تشكل خلال فصل الشتاء لعام 1995
ولعلّ أوضح الأمثلة على هذه الظاهرة، هو ما حدث في منتصف شهر يناير/كانون الثاني من العام 1995، حينما تشكّل إعصار في وسط البحر المتوسط، في المنطقة البحرية بين إيطاليا واليونان وليبيا.
قُصة هذا الإعصار بدأت يوم 13-1-1995، وذلك بوجود حالة اضطراب جوي شمال ليبيا، مع امتداد الحمل الحراري المُرافق لهُ من تونس جنوباً وحتى اليونان وألبانيا شمالاً، وفي اليوم التالي، أصبحت حالة الاضطراب الجوي أكثر تنظيماً، فاتخذت السُحُب حركةً دورانيّة واضحة، ليتشكّل مُنخفضٌ جوي سُرعان ما فصل نفسه عن الكتلة الهوائية الباردة شمالاً، ليكتسب خصائص استوائية.
وفي يوم 15-1-1995، مرّت إحدى البواخر الألمانية بالقُرب من المُنخفض الجوي، وحينها حذّر الطاقم من أن السفينة تتعرّض لرياح عاتية تزيد سُرعتها عن 140 كيلومتر بالساعة، وضغط جوي مُنخفض بلغ 975 ملليبار، وهو ما يُعادل قوّة الرياح في إعصار من الدرجة الأولى.
وخلال ساعات الظهيرة من ذلك اليوم، ظهر مركز العاصفة على شكل "عين" واضحة المعالم، ما أكّد أن ما تشكّل في ذلك اليوم هو إعصار بكُل ما تحمله الكلمة من معنى.
ظُروف تشُكل مثل هذه الأعاصير
تُعتبر الكُتل الهوائية الباردة القادمة من الشمال العامل الأساسي في تشكُل مثل هذه الأنظمة الجوية، حيثُ يعمل تقابل هذا الهواء البارد لدى التقائه مع الهواء الرطب والدافئ القادم من الجنوب على تشكُل المنخفضات الجبهية، بالتزامن مع دفء مياه البحر إلى أكثر من 20 درجة مئوية، بالإضافة إلى وجود أحوال جوية شديدة الاضطراب.
وفي حال توافرت جميع الظروف الجوية أعلاه، فإن الشرط الوحيد المُتبقي هو إنفصال المُنخفض الجوي المُتشكل عن الكتلة الباردة بالشمال، واكتسابه لخصائص استوائية كافية، وهذا الأمر لا يحدُث إلا بشكل نادر جداً.
شاهد أيضاً:
هل سبق وأن اجتاح إعصار الأراضي السعودية؟
بالفيديو: شاهد الأمواج العاتية التي ضربت السواحل العمانية أثناء تأثير إعصار جونو