هل هناك حشرة تلوِن طعامنا؟
طقس العرب - يمكن لرحلة متوسطة إلى متجر البقالة أن تنتج عربة مليئة بالأطعمة الملونة، حيث يبرز اللون الأحمر بين ألوان قوس قزح الموجودة بين المنتجات، وهذا اللون يضيف جمالاً إلى منتجات مثل مربى التوت والكرز المعلب، ومربى الفراولة، وكعكة ريد فيلفيت. واللافت أن مصدر هذا اللون الأحمر هو حشرة صغيرة معروفة.
حيث ينتج عن طريق عملية حصاد البق القرمزي، وهي حشرات صغيرة بشكل بيضاوي تبلغ طولها حوالي 0.2 بوصة، ومن ثم تحول إلى أصباغ طبيعية ومستخلصات مثل القرمز وحمض الكارمينيك. يُستخدم هذا اللون في تلوين المواد الغذائية والملابس ومنتجات التجميل منذ عدة قرون.
الدودة القرمزية
الدودة القرمزية، المعروفة أيضًا باسم القشرية بالاسم العلمي Dactylopius coccus، هي حشرة صغيرة ذات لون أرجواني زاه يغطي جسمها الدائري بطبقة شمعية بيضاء فاتحة، وتعيش هذه الحشرة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية على نبات الصبار، وهي منتشرة في القارة الأمريكية.
ما يميز هذه الحشرة هو قدرتها على إنتاج صبغة قرمزية تُسْتَخْدَم في صناعة الأصباغ الحمراء والبرتقالية والقرمزية، وتمتاز هذه الصبغة بجودتها وثباتها، مما يجعلها محبوبة للاستخدام في مجموعة متنوعة من الصناعات.
تاريخ استخدام هذه الحشرة يعود إلى أمريكا اللاتينية، وتحديدًا المكسيك، حيث كانت تُستخدم في صباغة الأقمشة والمنسوجات منذ العصور القديمة، ولا تزال هذه الحشرة تستخدم حاليا بسبب مكانتها الثقافية وجودتها المميزة كمصدر للأصباغ.
استخدامات الدودة القرمزية
تعتبر الحشرة القرمزية مصدرًا قيمًا لاستخراج حمض الكارمينيك، وهذا الحمض يُعرَف تجاريًا بأسماء متعددة مثل مستخلص القرمزي، واللون الأحمر الطبيعي 4، وE120، وC.I. 75470، وأحيانًا يُشار إليه باللون الطبيعي وأسماء أخرى وحمض الكارمينيك يستخدم في مجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك:
- الطعام والشراب
يُستخدم حمض الكارمينيك بإضافته إلى المشروبات الغازية، ومشروبات الطاقة، والعصائر وبالإضافة إلى ذلك، يستخدم في صناعة المنتجات اللحمية المصنعة، والنقانق، والأسماك المجمدة، ومنتجات الألبان مثل الأجبان والألبان والمثلجات، والحلويات، والفواكه المعلبة، والكاتشب، والحساء المعلب والمسحوق، والعديد من التطبيقات الأخرى.
- مستحضرات التجميل
يُضاف حمض الكارمينيك إلى منتجات العناية بالشعر والبشرة، بالإضافة إلى استخدامه في تلوين منتجات التجميل مثل أحمر الشفاه، وأحمر الخدود، ومسحوق ظل العيون، والعديد من المنتجات الأخرى المرتبطة بالجمال.
- الأدوية
يُستخدم حمض الكارمينيك في تلوين الأدوية مثل الحبوب والمراهم، مما يسهم في تحسين شكل المنتجات الصيدلانية.
- استخدامات أخرى
يجد حمض الكارمينيك أيضًا تطبيقات في صباغة الأقمشة والمنسوجات المختلفة، بالإضافة إلى استخدامه في الفنون الجميلة، حيث يُستخدم في تلوين لوحات فنية مشهورة مثل لوحات بيتر باول روبنز، وتصميمات أخرى تُعْرَض في المتاحف العالمية.
البحث عن بدائل للأصباغ الطبيعية
اليوم، تواجه أساليب الحصاد التقليدية كثيفة العمالة ضغوطًا متزايدة؛ بسبب الزيادة في الطلب، وارتفاع أسعار الأصباغ الطبيعية. لهذا السبب، يقوم بعض الباحثين بدراسة الهندسة الوراثية كوسيلة لإنتاج حمض الكارمينيك بأسلوب أرخص وأسرع وأكثر استدامة، ويعتقد هؤلاء العلماء أن هذه الجهود، على الرغم من كونها تجريبية في الوقت الحالي، يمكن أن تلبي احتياجات الأشخاص الذين يبحثون عن مصادر غير حيوانية للألوان في الطعام.
وفي هذا السياق، يقول عالم الأحياء الاصطناعية، راسموس جيه، من جامعة التكنولوجيا في الدنمارك:
"إن لديها القدرة على تحقيق نقلة نوعية في إنتاج هذا المركب".
تعود تاريخ حمض الكارمينيك إلى آلاف السنين، حيث كان يُستخدم لصباغة الملابس الفينيقية باللون الأحمر الزاهي، وذلك باستخدام حشرة القشرية المسحوقة من نوع كيرميس. كما اُسْتُخْدِم الألوان لتزيين البضائع القرمزية خلال فترات حكم إمبراطوريتي المايا والأزتيك.
وفي القرن السادس عشر، سجل الإسبان حصاد القرمز وإعداد الصبغة وتجارتها على نطاق واسع في العالم الجديد، وسُحِرُوا باللون المميز للحشرة، حيث شُحِنت الحشرات المجففة بالأطنان إلى أوروبا لتحل محل الأصباغ الباهتة التي كانت تُستخدم هناك.
وهذا اللون الأحمر انتشر في جميع أنحاء العالم كالنار في الهشيم، إذ أسهم في تأسيس الإمبراطوريات وزين الملابس الدينية، وظهر في لوحات فنية رائعة، مما جعله سلعة ثمينة تنافس الفضة والذهب.
اعرف أيضا:
الشجرة الباكية وتاريخ اكتشافها ودموعها متعددة الاستعمالات
المصادر: