بحر البلطيق أحد أقل البحار ملوحة

طقس العرب - يقع بحر البلطيق (The Baltic Sea) شمال أوروبا، وهو أحد أذرع المحيط الأطلسي إلا أن التبادل المائي بينهما محدود، حيث يتصل بحر البلطيق عبر المضائق الدنماركية وبحر سكاجيراك ببحر الشمال، ويتصل بحر الشمال بالمحيط الأطلسي من الجنوب عبر مضيق دوفر، كما يتصل بحر البلطيق عن طريق ممرات مائية اصطناعية بالبحر الأبيض (قناة البحر الأبيض)، وبالخليج الألماني لبحر الشمال عبر قناة كيل.

موقع بحر البلطيق

يمتد بحر البلطيق من خط عرض 53 درجة إلى خط عرض 66 درجة شمالاً، وخط طول من 10 درجات إلى 30 درجة شرقاً، وتحيط به من جهته الشرقية إستونيا وفنلندا ولاتفيا وليتوانيا وروسيا، وتقع السويد والدنمارك غربه، ويحده من الجنوب ألمانيا وبولندا وسهل أوروبا الشمالية والوسطى، يحد بحر البلطيق من الحافة الشمالية، جزر أولاند وخليج بوثنيا، ومن الحافة الشمالية الشرقية خليج فنلندا، وخليج ريغا على الحافة الشرقية، وعلى الحافة الغربية الجزء السويدي من شبه الجزيرة الاسكندنافية الجنوبية.

نشأة بحر البلطيق

بحر البلطيق هو بقايا متقلصة من المنطقة المغطاة بالمياه الناتجة عن ذوبان الصفيحة الجليدية الاسكندنافية، والتي تراجعت نحو القطب الشمالي في نهاية العصر الجليدي، فمنذ حوالي 14000 عام، غطى الجليد كل شمال أوروبا حتى أقصى الجنوب عند الساحل الألماني البولندي الحالي، بقيت بعدها مناطق محدودة من الجليد الراكد في شمال السويد، وبحيرة من المياه العذبة الممتدة من القطب الشمالي في السويد وفنلندا إلى جنوب البلطيق الحالي، ثم أدت التغييرات اللاحقة إلى امتداد المياه عبر الجسر البري بين بحر البلطيق الحالي وبحر الشمال حتى تم تجزئة شبه جزيرة جوتلاند بواسطة عدة مضائق مائية، وبدأ منسوب المياه بالارتفاع ببطء في العديد من مناطق الأراضي المنخفضة المحيطة بالبحر حتى تكون بحر البلطيق.

مناخ بحر البلطيق

يوصف مناخ البلطيق بالموسمي، فالشتاء طويل وبارد، والصيف قصير ودافئ نسبيًا، حيث يتراوح متوسط ​​درجات الحرارة من حوالي - 10 درجات مئوية فوق خليج بوثنيا وفنلندا في منتصف الشتاء إلى حوالي 17 درجة مئوية على الأجزاء الجنوبية من بحر البلطيق في منتصف الصيف، كما ويتصف مناخ البلطيق بالتقلب، بحيث يمتد الطقس البحري المعتدل من شمال المحيط الأطلسي أحيانًا إلى بحر البلطيق، وتسود التأثيرات القارية أحياناً أخرى، مما يعطي فترات من البرد القارس في الشتاء والطقس الدافئ والجاف في الصيف.

ويختلف نمط هطول الأمطار باختلاف نوع الطقس، حيث يتراوح متوسط ​​هطول الأمطار بين 500 - 600 ملم سنويًا، ويسود الطقس الغائم ويصبح الضباب أكثر تواتراً في الربيع وأوائل الصيف، أما الرياح فتميل إلى أن تكون متغيرة لكنها لا تصل عادة إلى قوة العاصفة، وتهب نسائم البحر عادة فوق المناطق الساحلية في الصيف.

أسباب انخفاض ملوحة مياه بحر البلطيق وتاثيراتها

يتميز بحر البلطيق بالمياه منخفضة الملوحة، ويعود ذلك لعدة أسباب، فالبلطيق بحر مغلق تقريبًا، ومنافذه ضحلة جدًا، وأطول الأنهار التي تصب فيه تمر بمناطق ذات مناخ قاري معتدل، مما يبقي معدلات تبخر المياه منخفضة، ويزيد من المياه الرافدة مع ذوبان الثلوج في الربيع، وهذا يقلل من ملوحة مياه بحر البلطيق، فقد بلغت أعلى نسبة ملوحة تم تسجيلها في غرب البلطيق حوالي 10 أجزاء في الألف عند السطح، وحوالي 15 جزء في الألف بالقرب من القاع، وأدنى مستوى يقع عند رأس خليج بوثنيا، حيث تقل نسبة الملوحة عن ثلث هذه القيمة.

(الانهار التي تصب في بحر البلطيق)

لكن انخفاض الملوحة والمياه الساحلية الضحلة تتسبب في تراكم الجليد على رأس خليج بوثنيا وقبالة فنلندا في معظم فصول الشتاء، حتى يصل ارتفاع الجليد المتراكم في بعض الأحيان حوالي 15 مترًا، كما يتشكل الجليد الطافي في منطقة جزر أولاند وشمالها، وفي الروافد الداخلية لخليج فنلندا، ليصل عمقه إلى حوالي متر واحد تقريباً، ويصبح التنقل بين ستوكهولم وتوركو وهلسنكي في فنلندا غير ممكن في فصول الشتاء القاسية، ويمكن أن يغلق الجليد الموانئ لعدة أيام على طول السواحل البولندية والألمانية، وفي الصيف تبقى المياه السطحية باردة، لكن درجات الحرارة في الأعماق تبقى منخفضة جداً.

(تراكم الثلوج في البلطيق)

ومن العوامل التي تساهم في تحديد ملوحة مياه البلطيق هي التيارات المتبادلة بينه وبين بحر الشمال، فبالرغم من أن موقع بحر البلطيق يجعله محمياً من تيارات المد والجزر التي تحدث في بحر الشمال، إلا أن هناك تيارات مياه تجري بينهما، فالتدفق الكبير لمياه الأنهار والجريان السطحي، بما في ذلك المياه الناتجة عن ذوبان الثلوج في الربيع، يتسبب في تدفق المياه السطحية من بحر البلطيق باتجاه بحر الشمال، وبالمقابل هناك تيارًا معاكسًا أعمق من المياه المالحة الأكثر كثافة يتدفق من بحر الشمال إلى البلطيق.

وقد تلعب الرياح دوراً مهماً في التبادل المائي، حيث تؤدي الرياح الشمالية الشرقية القوية إلى حدوث أمواج عالية على طول الشواطئ الجنوبية، مما يؤدي إلى فيضانات ساحلية، وعلى العكس من ذلك، ساهمت الرياح الجنوبية الغربية في تكوين الكثبان الرملية على طول السواحل الألمانية والبولندية وتسبب أيضًا في تراكم المياه في شمال البلطيق.