طقس العرب - تعرضت مناطق واسعة في الولايات المتحدة الأمريكية لعواصف قوية، بما في ذلك عواصف ثلجية غطت بعضًا من الغرب الأوسط وشمال شرق البلاد بالثلوج ومع ذلك، تظهر تطورات غير متوقعة، حيث تشهد العديد من الولايات التي كانت تتمتع بفصول شتاء بيضاء زيادة في هطول الأمطار بدلاً من الثلوج في الوقت الحالي.
وفي سياق متصل، أفادت دراسة حديثة نشرت في مجلة Nature، بأن أزمة المناخ التي تسبب فيها الإنسان قد أدت إلى تقليل كثافة الثلوج في معظم مناطق النصف الشمالي للكرة الأرضية خلال الأربعين عامًا الماضية، حيث إن هذا التحول يشكل تهديدًا لموارد المياه الحيوية لملايين الأشخاص.
إن العلاقة بين الثلوج وتغيّر المناخ أمر معقّد، حيث كان العلماء يواجهون تحديًا لإيجاد صلة واضحة بين الظاهرتين على مدى سنوات طويلة.
ويعود جزء من هذه التعقيدات إلى صعوبة قياس تساقط الثلوج بدقة، حيث أظهرت البيانات العلمية المستمدة من مراقبة الأرض والأقمار الصناعية ونماذج المناخ إشارات متضاربة حول تأثير تغيّر المناخ على كميات الثلوج، ورغم أن بعض المناطق قد شهدت زيادة في كميات الثلوج في أنحاء العالم التي تتصف بمناخها الدافئ، إلا أن الدراسة الحديثة التي أجراها باحثون في كلية دارتموث تقدم نظرة شاملة.
وأظهرت الدراسة أن تغيّر المناخ قد أدى إلى انخفاض كبير في تساقط الثلوج في شمال العالم منذ ثمانينيات القرن الماضي. وكانت المناطق في جنوب غرب وشمال شرق الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مناطق وسط وشرق أوروبا، قد شهدت أكبر الانخفاضات المتعلقة بالاحترار العالمي، بنسب تتراوح بين 10% و 20% في كل عقد.
وبهذا السياق، قال ألكسندر غوتليب، الباحث الرئيسي للدراسة، وطالب الدكتوراه في كلية دارتموث:
"يظهر بشكل واضح أن تغيّر المناخ كان له تأثيرات سلبية على الثلوج وموارد المياه المتعلقة بها، وكل درجة من ارتفاع حرارة الأرض ستؤدي إلى استنزاف أكبر لموارد المياه الثلجية الخاصة بك".
ندرة الثلوج تتسبب في نقص إمدادات المياه، وكشفت الأبحاث أن فقدان الثلوج يتسارع عندما يرتفع متوسط درجات الحرارة في فصل الشتاء إلى ما يزيد عن 8 درجات مئوية تحت الصفر (حوالي 17 درجة فهرنهايت)، وهي النقطة تدعى "منحدر فقدان الثلوج".
ويعكس هذا الانحسار بشكل سلبي على المجتمعات التي تعتمد على الثلوج للحصول على المياه حيث تواجه العديد من إمدادات المياه في العالم تهديدات جادة بسبب تغير المناخ، مع ازدياد تكرار وشدة موجات الجفاف والحرارة ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، تشير الدراسة إلى أن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية التي تعتمد على الثلوج قد تعاني نقص المياه خلال العقود القادمة.
وأوضح جاستن مانكين، الباحث الرئيسي للدراسة وأستاذ المساعد في مادة الجغرافيا في دارتموث، أن تحول النظام من الهطول الثلجي إلى الهطول المطري يشبه امتلاك خزانات نصف ممتلئة، أو أقل. وأضاف:
"لذا يصبح السؤال: هل سنشهد ربيعًا ممطرًا؟"، في إشارة إلى التحدي الذي يتعين التعامل معه لتعويض سحب المياه من المناطق الواقعة أسفل مجرى النهر.
وقام الباحثون أيضًا بتحليل حوض الأنهار لقياس انخفاض إمدادات مياه الثلج، وكشفت الدراسة عن انخفاض في كتل الثلوج في 82 من أصل 169 حوضًا نهريًا رئيسيًا في نصف الكرة الشمالي، بما في ذلك نهر كولورادو في الولايات المتحدة ونهر الدانوب في أوروبا، وأكد مانكين أن معظم سكان العالم يعيشون في مناطق تتسارع فيها فقدان الثلوج، حيث تعني كل درجة من ارتفاع حرارة الأرض فقدانًا أكبر للثلوج.
مع تراجع الثلوج في غرب الولايات المتحدة، يقدم جاستن مانكين نظرة مستقبلية على فصول الشتاء والربيع في نصف الكرة الشمالي وهذا التغيير يتسارع، مما يؤدي إلى نقص في إمدادات المياه غير المسبوق وتفاقم حرائق الغابات، ويُظهر البحث أيضًا أن الثلوج تؤدي دورًا حيويًا في منع الحرائق أو تقليل شدتها، حيث يوفر ذوبان الثلوج إطلاقًا بطيئًا للمياه، مما يقلل من احتمالية اشتعال الحرائق.
حيث إن انخفاض كثافة الثلوج يؤثر أيضًا على الأنشطة الترفيهية الشتوية والمجتمعات التي تعتمد على الثلوج ومنتجعات التزلج تواجه تحديات، وتحذيرات من اقتراب درجات الحرارة من حد يجعل حتى الثلوج المصنوعة آليًا غير قابلة للحياة.
منى همتي، باحثة في جامعة كولومبيا، تشير إلى أن البحث يقدم أدلة دامغة حول تأثير تغير المناخ البشري على أنماط الثلوج. وتؤكد أن هذه الدراسة تعد تذكيرًا بأهمية التصدي لتغير المناخ من خلال اتخاذ إجراءات فورية وتعاون دولي.
اقرأ أيضا:
التغير المناخي يتحول إلى وحش خطير ومخاوف من التهامه للعالم في عام 2024
التغير المناخي والتدهور البيئي يفاقمان ظاهرة لاجئي المناخ
المصادر:
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول