طقس العرب - منذ أكثر من ألف عام، لم يكن تيار الخليج المائي ضعيفاً كما هو الحال في هذه السنوات، هذه نتيجة دراسة جديدة أجراها علماء من أيرلندا وبريطانيا وألمانيا، حيث وجد الباحثون أدلة مؤكدة على تباطؤ غير مسبوق لتيار الخليج، مما أثار مخاوف العلماء من عواقب هذا التباطؤ، والذي سيكون له تأثير مباشر على أنماط الطقس والمناخ العالمي.
يعد تيار الخليج (Gulf Stream) أحد أقوى تيارات المحيط الأطلسي الدافئة، إذ يعمل كحزام ناقل عملاق، بحيث يحمل المياه السطحية الدافئة من خليج المكسيك عند خط الاستواء إلى الشمال، وهناك تفقد مياه التيار حرارتها وتهبط إلى قاع البحر، ثم تتدفق جنوباً مرة أخرى، مع المياه العميقة الباردة منخفضة الملوحة.
ويعتبر تيار الخليج تياراً مائياً قوياً وسريعاً، فهو يحمل ما يقرب من 20 مليون متر مكعب من المياه في الثانية، أي أنه أقوى من الأمازون بمئة مرة، ويوفر التدفق الدائري للتيار طقساً معتدلاً بشكل عام في أمريكا الشمالية وشمال أوروبا، لكن مع تباطؤ تيار الخليج ستقل الحرارة التي يتم نقلها نحو الشمال، وهذا نتيجة لتغير المناخ الذي تسبب فيه الانسان.
لطالما توقعت النماذج المناخية تباطؤ في نظام تيار الخليج، كرد فعل للاحتباس الحراري الناجم عن غازات الدفيئة، وقد يكون هذا هو سبب الضعف الحالي الحاصل في حركة التيار، فدورة التيار المائي مدفوعة بشكل أساسي بالحمل الحراري العميق، الناجم عن الاختلافات في كثافة مياه المحيط، بحيث ينتقل الماء الدافئ والمالح من الجنوب إلى الشمال، حيث يبرد ويصبح أكثر كثافة فتهبط إلى طبقات المحيط الأعمق وتتدفق عائدة إلى الجنوب.
يعيق الاحترار العالمي هذه الآلية، حيث تضيف الزيادة في هطول الأمطار وذوبان طبقة الجليد في جرينلاند المزيد من المياه العذبة إلى سطح المحيط، وهذا يقلل من الملوحة ومن كثافة الماء، مما يمنعها من الهبوط ويضعف تدفق التيار.
قد يكون لضعف تدفق تيار الخليج علاقة بالتبريد الكبير والاستثنائي في شمال المحيط الأطلسي خلال المائة عام الماضية، وقد تنبأت النماذج المناخية بهذا التبريد كنتيجة لضعف تدفق تيار الخليج، وانخفاض كمية الحرارة المنقولة إلى هذه المنطقة.
ويمكن أن تكون عواقب تباطؤ تيار الخليج متعددة بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون على جانبي المحيط الأطلسي، حيث يؤدي التدفق السطحي للتيار نحو الشمال إلى انحراف الكتل المائية إلى اليمين بعيدًا عن الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وذلك بسبب تأثير دوران الأرض، والذي يؤدي إلى انحراف في حركة التيارات إلى اليمين في نصف الكرة الشمالي، وإلى اليسار في نصف الكرة الجنوبي، إلا أن هذا التأثير يضعف مع تباطؤ التيار، وهذا قد يؤدي إلى تراكم المزيد من المياه على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وارتفاع في مستوى سطح البحر.
وفي أوروبا، قد يؤدي المزيد من التباطؤ في تدفق تيار الخليج إلى المزيد من الأحداث المناخية المتطرفة، مثل تغيير مسار العاصفة الشتوية القادمة من المحيط الأطلسي، مما قد يؤدي إلى تكثيفها وزيادة شدتها. وقد وجدت دراسات أخرى عواقب محتملة تتمثل في موجات الحر الشديدة أو انخفاض هطول الأمطار في الصيف.
وما زال العلماء يدرسون العواقب الأخرى المحتملة لضعف التيار وتباطئه، وربما يصبح الأمر كارثياً، إذ تتنبأ النماذج المناخية الحديثة أنه مع استمرار آثار الاحتباس الحراري، سيضعف نظام تيار الخليج بنسبة 34% إلى 45% بحلول عام 2100 ، وهذا يمكن أن يقربنا من نقطة تحول واضطراب خطير في تدفق التيار.
اقرأ المزيد | كيف تتحكم المحيطات بالطقس والمناخ
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول