طقس العرب - للوهلة الأولى، قد تبدو الأقطاب المغطاة بالثلوج والموجودة في أقصى الشمال وأقصى الجنوب من كوكبنا متشابهة، إلا أن هناك العديد من الاختلافات بين القطب الشمالي والقارة القطبية الجنوبية، بما في ذلك المناخ والحيوانات والنباتات والسكان وما يكمن تحت الجليد والثلج، وستنناول من خلال هذا التقرير الشامل أوجه الاختلاف والتشابه بين القطبان الشمالي والجنوبي.
لنبدأ أولا باستعراض أوجه التشابه بين القارة القطبية الجنوبية والقطب الشمالي:
تعتبر القارة القطبية الجنوبية وأجزاء من القطب الشمالي صحارى، وإن كانت باردة. حيث يتم تصنيف المنطقة كصحراء إذا كانت تتلقى أقل من 250 مم من الهطول في السنة، يشمل هذا هطول المطر أو الثلج أو الضباب.
يبلغ متوسط الهطول في القارة القطبية الجنوبية 150 ملم سنويًا مما يجعلها صحراء، وقد يتراوح المعدل من حوالي 50 مم إلى 200 مم سنويًا بالقرب من الساحل.
جزء كبير من القطب الشمالي عبارة عن صحراء بمتوسط هطول يتراوح بين 150-250 مم، وهو أقل من ذلك في بعض أجزاء حوض القطب الشمالي وأرخبيل القطب الشمالي الكندي.
لكن، هناك مناطق في القطب الشمالي لا تعتبر صحراء، حيث يسجل معدل الهطول فيها أكثر من ذلك بكثير، مثل جرينلاند التي يصل متوسط الهطول إلى 400 ملم أو أكثر سنويًا.
وتعتبر القارة القطبية الجنوبية (14.2 مليون كم2) والقطب الشمالي (13.9 مليون كم2) أكبر صحاري على وجه الأرض، يليها الصحراء الكبرى (9.2 مليون كم2).
تستقبل المنطقتان القطبيتان ليالي قطبية تمتد لعدة أيام، يحدث هذا عندما تكون الشمس تحت الأفق لأكثر من 24 ساعة، فيسود الظلام خلال النهار.
تبدأ الليالي القطبية يوم الانقلاب الشتوي، حوالي 21 ديسمبر في القطب الشمالي وحوالي 21 يونيو في القارة القطبية الجنوبية، وتستمر بضعة أيام بحيث تزداد المدة كلما اقتربنا من القطبين. على سبيل المثال، في مدينة بارو (ألاسكا) أقصى شمال الولايات المتحدة، لا تشرق الشمس لمدة 66 يومًا تقريبًا في العام.
بينما تبدأ الليالي القطبية في القطب الشمالي والقارة القطبية الجنوبية يوم الانقلاب الشتوي، يحدث العكس يوم الانقلاب الصيفي في حوالي 21 يونيو في القطب الشمالي وحوالي 21 ديسمبر في القارة القطبية الجنوبية، حيث تبدأ الأيام التي تشهد "شمس منتصف الليل" (midnight sun) وهو عندما تكون الشمس فوق الأفق لمدة 24 ساعة في اليوم، فتكون دائمًا ظاهرة و مُضيئة.
وعلى غرار الليالي القطبية، تزداد مدة شمس منتصف الليل كلما اقتربت من القطبين، في "سفالبارد"، وهي مجموعة جزر تقع في منتصف الطريق بين النرويج والقطب الشمالي وهي واحدة من المناطق المأهولة في أقصى شمال العالم، هناك تستمر شمس منتصف الليل لمدة 124 يومًا في السنة.
في نفس القطبين، تشرق الشمس مرة واحدة في السنة، حيث تبقى في السماء لمدة 6 أشهر قبل أن تغرب مرة واحدة سنويًا ولا تشرق مرة أخرى لمدة 6 أشهر.
والآن، دعونا نلقي نظرة على الاختلافات بين القارة القطبية الجنوبية والقطب الشمالي:
تختلف درجات الحرارة في القطب الشمالي اختلافًا كبيرًا عبر المنطقة وبين الفصول. عادة ، تتباين درجات الحرارة من (−37) درجة مئوية في الشتاء إلى (10) درجات مئوية في الصيف.
نظرًا لأن درجات الحرارة أعلى من درجة التجمد في الصيف، فإنها تسمح للثلج بالذوبان وتسمح للنباتات بالنمو.
وفي الوقت نفسه ، تعتبر القارة القطبية الجنوبية أبرد من القطب الشمالي وهي أبرد قارة على وجه الأرض، إذ يتراوح متوسط درجات الحرارة السنوية هناك من حوالي (-10) درجة مئوية على الساحل إلى (-60) درجة مئوية في الداخل، ويمكن أن تنخفض درجات الحرارة في أقصى أجزاء القارة إلى ما دون (-80) درجة مئوية في شتاء.
اقرأ أيضا: من الأبرد القطب الشمالي أم الجنوبي، ولماذا؟
على الرغم من أنه يمكن تسمية كل من القطب الشمالي والقارة القطبية الجنوبية بالصحارى بسبب انخفاض معدل الهطول، فإن الطريقة البديلة لتصنيف المناخات هي "نظام مناخ كوبن" الذي يأخذ بعين الاعتبار كل من هطول الأمطار ودرجات الحرارة.
في ظل هذا النظام، يقع القطب الشمالي والقطب الجنوبي تحت أنواع مختلفة من المناخات القطبية، أحدهما عبارة عن غطاء جليدي والآخر يمثل التندرا.
القارة القطبية الجنوبية هي في الغالب عبارة عن غطاء جليدي لأن متوسط درجات الحرارة الشهرية لا يتجاوز 0 درجة مئوية، بينما القطب الشمالي هو في الغالب التندرا لأن الشهر الأكثر دفئًا يكون متوسط درجة الحرارة فيه بين 0-10 درجة مئوية.
الفرق الرئيسي بين الاثنين هو أن الثلج يذوب من التندرا خلال أشهر الصيف، مما يسمح للنباتات بالنمو بينما في الغطاء الجليدي يبقى الثلج على مدار السنة.
ومع ذلك، فإن بعضا من شبه جزيرة أنتاركتيكا التي تقع في أقصى شمال القارة تتجاوز 0 درجة مئوية في أشهر الصيف، وبالتالي يمكن تصنيفها على أنها تندرا. هذا هو الجزء الوحيد من القارة القطبية الجنوبية حيث يتواجد الغطاء النباتي خلال الصيف.
يوجد في القطب الشمالي عدد كبير من الحيوانات بما في ذلك: الثعلب القطبي، والدب القطبي، والبومة الثلجية، والأرنب القطبي الشمالي، والذئب القطبي، والوعل (الرنة)، والموظ، وأكثر من ذلك.
أما في الطرف الجنوبي من الكوكب، هناك قصة مختلفة تمامًا حيث لا يوجد في القارة القطبية الجنوبية أي ثدييات أرضية أو زواحف أو برمائيات طبيعية، ستجد بعض اللافقاريات مثل ديدان الأرض والرخويات وبعض الحشرات، ومع ذلك ، فهي تشتهر بالثدييات البحرية، مثل الحيتان والفقمات، والطيور بما في ذلك طيور البطريق وطيور القطرس.
يُعد كل من القطب الشمالي والقارة القطبية الجنوبية موطنًا لأنواع نباتية منخفضة مثل: الطحالب، وحشيش الكبد، والأشنات، والفطريات، حيث تكيفت هذه النباتات بشكل جيد للبقاء على قيد الحياة في المناخات القاسية.
ومع ذلك ، فإن الاختلاف الكبير بين الاثنين هو عندما ننظر إلى النباتات الوعائية (أي النباتات المزهرة). في القارة القطبية الجنوبية، لا يوجد سوى نوعين من النباتات الوعائية، وهما عشب الشعر (hair grass) ونبات اللؤلؤ (pearlwort).
وفي الوقت نفسه ، يعد القطب الشمالي موطنًا لأكثر من 2200 نوع مختلف من النباتات الوعائية، ويرجع ذلك إلى المناخ الأكثر دفئًا في القطب الشمالي والذي يسمح بذوبان الثلوج عن بعض التربة كل عام لتنمو النباتات، وهذا ما يُعرف بالتربة النشطة.
قد يكون المناخ الموجود في القطب الشمالي قاسيًا، لكن الناس ما زالوا يجدون طرقًا للعيش هناك لأكثر من 20 ألف عام، وتشير التقديرات حاليًا إلى أن 4 ملايين شخص يعيشون في القطب الشمالي الذي يشمل السكان الأصليين بالإضافة إلى البلدات والمدن الحديثة.
تشمل بعض مجتمعات السكان الأصليين الإنويت (Inuits) في كندا ويوبك (Yup'ik) في ألاسكا، حيث يشكلون حوالي 10% من المقيمين الدائمين في القطب الشمالي على الرغم من أن هذا يتباين حسب المنطقة: من أكثر من 60% في جرينلاند إلى أقل من 1٪ في أجزاء من روسيا.
يقيم الباقي في البلدات والمدن الحديثة، بما في ذلك مورمانسك (روسيا) ونوريلسك (روسيا) وترومسو (النرويج).
على النقيض من ذلك، لا يعيش البشر في مناخ القارة القطبية الجنوبية شديد البرودة، لكن هناك ما يقرب ألف إلى 5 آلاف شخص من جميع أنحاء العالم يعيشون في مراكز الأبحاث في أنتاركتيكا، وقد يقضي بعضهم عاما كاملا قبل العودة إلى ديارهم.
اقرأ أيضا: هل يمكن الذهاب في رحلة سياحية إلى القارة القطبية الجنوبية؟
القارة القطبية الجنوبية عبارة عن كتلة أرضية كانت متصلة بالهند وأفريقيا، وبمرور الوقت انجرفت جنوبًا وتجمدت، ومع ذلك، لا تزال تحتوي على سلاسل جبلية ووديان.
تقع القارة القطبية الجنوبية على الصفيحة التكتونية في القطب الجنوبي، وهي كبيرة الحجم ومتميزة عن كتل اليابسة الأخرى على الأرض، مما يجعلها مؤهلة لاعتبارها قارة، وهي هي خامس أكبر قارة على وجه الأرض، أكبر من أوروبا وأستراليا.
من ناحية أخرى، فإن معظم القطب الشمالي عبارة عن جليد بحري يستقر فوق المحيط، لذلك لا يعتبر قارة.
على الرغم من أن العديد من الدول قدمت مطالبات إقليمية في أنتاركتيكا بين عامي 1840 و 1940، إلا أن جميع تلك الدول وافقت على تنحية هذه المطالبات جانبًا عندما تم تشكيل معاهدة أنتاركتيكا في عام 1961، لذلك لا توجد دول رسمية في أنتاركتيكا.
من ناحية أخرى، تغطي منطقة القطب الشمالي الأجزاء الشمالية من 8 دول، وهي كندا والدنمارك (جرينلاند) وأيسلندا والنرويج والسويد وفنلندا وروسيا والولايات المتحدة.
القارة القطبية الجنوبية بأكملها خالية تمامًا من أي ملكية، لكن تم الاتفاق على معاهدة أنتاركتيكا في 23 يونيو 1961 من قبل 54 دولة.
من ناحية أخرى، فإن جميع الأراضي الموجودة في القطب الشمالي، وما يصل إلى 12 ميلًا بحريًا (22 كم) من الساحل إلى البحر، مملوكة من قبل 8 دول مختلفة، وهي: كندا والدنمارك وفنلندا وأيسلندا والنرويج وروسيا والسويد والولايات المتحدة الأمريكية. بعد 12 ميلا بحريا من الساحل تعتبر مياه دولية وليست مملوكة لأحد.
يقع القطب الشمالي نفسه على الجليد البحري الذي يقع على بُعد أكثر من 12 ميلًا بحريًا من الساحل، وبالتالي لا يخضع لملكية أحد.
على الرغم من أن كلا من القطب الشمالي والقارة القطبية الجنوبية لديهما نمط مماثل من حيث الفصول، إلا أنهما معكوسان تمامًا في التوقيت، في القطب الشمالي، يمتد الصيف من يونيو إلى سبتمبر، والشتاء من ديسمبر إلى مارس.
على العكس من ذلك، يكون الصيف من ديسمبر إلى مارس في القارة القطبية الجنوبية، والشتاء من يونيو إلى سبتمبر، وهذا بسبب ميل الأرض.
ومع التوقيت المعكوس للفصول، ينعكس أيضا توقيت الأيام القطبية وشمس منتصف الليل في القطب الجنوبي مقارنة بالقطب الشمالي.
يوجد يومان فقط في السنة عندما تكون كمية ضوء النهار متساوية في القطب الشمالي والقطب الجنوبي ، وهذا هو الاعتدال الربيعي والاعتدال الخريفي الذي يحدث في مارس وسبتمبر.
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول