طقس العرب - تشير الخرائط الجوية المتطورة في مركز طقس العرب الإقليمي ومختلف التقارير الصادرة عن الهيئات المختصة في المناخ حول العالم إلى أن الجزء الاستوائي الشرقي والأوسط من المحيط الهادئ يشهد تنامياً بطيئاً وضعيفاً لظاهرة اللانينا، حيث تشهد تلك المناطق شذوذاً سلبياً في درجة حرارة المياه السطحية إذ تم تسجيل درجة حرارة أبرد من معدلاتها بمقدار يتراوح ما بين درجة ونصف إلى درجتين مئويتين.
وقال المختصون الجويون في مركز طقس العرب أن آخر التقارير الصادرة عن مركز التنبؤات المناخية (CPC) التابع لوكالة NOAA (الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي) لشهور الشتاء القادمة من ديسمبر 2024 حتى فبراير 2025 تشير إلى أن ظاهرة اللانينا ستستمر طيلة شهور الشتاء القادم وحتى أول أشهر الربيع مناخياً، أي حتى شهر آذار/مارس 2025. حيث أن فصل الشتاء أرصادياً بدأ في 1 ديسمبر 2024 وينتهي في 28 فبراير/شباط 2025، بينما يبدأ الربيع وفقاً لرزنامة علم الأرصاد الجوية مع أول أيام شهر آذار/مارس 2025.
وفي السياق نفسه، فقد بدأت تأثيرات اللانينا بالظهور جلياً على الطقس في مختلف مناطق النصف الشمالي للكرة الأرضية وتحديداً منطقة شرق المتوسط وشبه الجزيرة العربية، حيث تعرضت المنطقة مؤخراً لموجة باردة سيبيرية تعد المبكرة منذ سنوات طويلة. وتمدد المرتفع الجوي السيبيري مبكراً نحو المنطقة وهو لا يزال يتربع فوق مناطق واسعة من شرق أوروبا وجنوب آسيا، مسبباً برداً قارصاً بصورة غير معتادة لمثل هذا الوقت من العام.
وأشار المتنبئون في مركز طقس العرب إلى أن ظاهرة اللانينا ترتبط إحصائيًا بفترات من الانقطاع المطري في منطقة الشرق الأوسط، وبتكرار موجات البرد، حيث ترتبط باشتداد تأثير المرتفع السيبيري على الجزيرة العربية وبلاد الشام خلال فصل الشتاء. وتؤثر ظاهرة اللانينا على المنطقة العربية غالبًا بقلة الأمطار في مناطق المشرق العربي.
ولكن يحدث العكس في مناطق المغرب العربي حيث تزداد الأمطار وتنخفض الحرارة عن معدلاتها، وتزداد فرصة حدوث الفيضانات والسيول في مناطق المغرب العربي، فيما تزداد فرصة الجفاف في مناطق المشرق العربي نتيجة شكل الأنظمة الجوية التي تسمح بتمدد المرتفع الجوي السيبيري.
تُعرف ظاهرة "اللانينا" على أنها نمط مناخي يحدث في المحيط الهادئ الاستوائي، حيث تنخفض درجات حرارة سطح البحر عن المعدل الطبيعي. وتتطور اللانينا عندما تتغير الرياح التجارية (التي تهب على خط الاستواء من الشرق للغرب) وتصبح أقوى من المعتاد، وهو ما يحدث بشكل أساسي بسبب ارتفاع الضغط الجوي فوق المحيط الهادئ الشرقي وانخفاضه فوق المحيط الهادئ الغربي. وعندما تشتد الرياح التجارية التي تهب من الشرق إلى الغرب، تزداد حركة المياه السطحية الدافئة باتجاه غرب المحيط الهادئ، ويؤدي هذا الدفع المستمر إلى انكشاف المياه الباردة من الأعماق وارتفاعها نحو السطح في المناطق القريبة من أمريكا الجنوبية.
ومع استمرار تدفق المياه الباردة، يصبح متوسط درجة حرارة سطح البحر أقل من المعدل الطبيعي، ومن الناحية العلمية، تؤثر ظاهرة اللانينا على توزيع الطاقة الحرارية حول الأرض، حيث تؤدي المياه الباردة في شرق المحيط الهادئ إلى تقليل التبخر، مما يحد من تكوّن الغيوم والأمطار في بعض المناطق حول العالم، بينما يؤدي تركز المياه الدافئة في الغرب إلى تعزيز تكوّن الأمطار في أماكن مثل إندونيسيا وأستراليا.
وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، فإن اللانينا تحدث بشكل متكرر كل عدة سنوات، وتستمر لعدة أشهر، وقد تمتد إلى أكثر من عام في بعض الحالات، ويمكن لظاهرة اللانينا أن تتفاقم وتستمر لمدة تصل إلى عامين، وتتفاوت شدة تأثيرها بناءً على مدى انخفاض درجة حرارة المياه في المحيط الهادئ.
وأشار المختصون إلى أن اللانينا تؤثر على نمط التيارات الجوية والطقس العالمي بطرق متعددة، مما قد يؤدي إلى تغيرات في درجات الحرارة والهطول في مناطق مختلفة من العالم، ولكن لا يمكن الجزم بأن تأثيراتها ستكون حتمية من ناحية أثرها على مناخ العالم. إذ أن جميع التأثيرات المرجحة هي ناتجة عن عمليات معالجة إحصائية لسنوات حدثت بها هذه الظاهرة مع ضرورة التأكيد أن هذه الدورات المناخية ما هي إلا جزء لا يتجزأ من أنماط عملاقة تحرك أنظمة الطقس العالمية.
والله أعلم.
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول