توقعات بإستمرار ظاهرة اللانينا خلال الأشهر القادمة فما تداعيات ذلك على ظواهر الطقس حول العالم

طقس العرب - تُشير أغلب مراكز الرصد والوكالات العالمية من ضمنها الإدارة الوطنية للمُحيطات والغلاف الجوي (NOAA) إلى إستمرار مُتوقع لظاهرة اللانينا (weak La Niña) خلال الأشهر المُقبلة، وتعني ظاهرة اللانينا إنخفاض بدرجات حرارة سطح مياه المنطقة الإستوائية من المحيط الهادي عن مُعدلاتها العامة بأكثر من 0.5 درجة مئوية. وأفاد المتنبؤون الجويون في مركز طقس العرب الإقليمي أن لظاهرة اللانينا العالمية تداعيات مُباشرة وغير مُباشرة على أنماط الطقس حول العالم.

وعن مدى تأثيراتها، قال خُبراء التنبؤات الجوية في طقس العرب أنها تؤثر بشكلٍ غير مُباشر في  حركة التيارات النفاثة في أعالي الطبقة المناخية من الغلاف الجوي والمُرتفعات الجوية التي تنشاً على خطوط عرض قريبة من 30 درجة شمالاً، كما ترتبط إحصائياً بضُعف الأداء المطري أو تباعد/تقطع فُرص الأمطار بشكلٍ عام على دُول المشرق العربي، وسيطرة مُرتفعات جوية شبه مدارية (بين الحين والأخر) على شمال الجزيرة العربية ومصر وبشكلٍ أعلى من المُعتاد. 

وأضافوا أن لظاهرة اللانينا تأثير على عدد من الظواهر القوية في الطقس حول العالم من بينها تزايد في نشاط أعاصير المحيط الأطلسي، ويمتد أيضاً تأثيرها نحو المحيط الهندي، ولا تُعتبر ظاهرة اللانينا مُجرد ظاهرة مُحيطية ولكنها تفاعل بين المحيط والغلاف الجوي عبر آلية تُعرف بدورة ووكر (Walker Circulation) : 

• وتبدأ حكاية ظاهرة اللانينا من هبوب الرياح التجارية من الشرق إلى الغرب في المنطقة الإستوائية من المحيط الهادي كنتيجة لدوران الأرض حول نفسها.
• ومع تزايد نشاط الرياح التجارية تدفع هذه الرياح الماء الدافئ إلى الجزء الغربي منه ليرتفع الهواء الدافئ الرطب مُشكلاً نظام من الضغط الجوي المُنخفض في الجزء الغربي من المُحيط الهادي، لتتكون الغيوم الركامية الرعدية الكثيفة في غرب الهادي واستراليا وجنوب شرق أسيا.
• ثم ينتقل الهواء مرةً أُخرى على طول الجزء العلوي من طبقة التروبوسفير، ومع انتقاله للأعلى يبرد ويتمدد، ويكون على شكل عرضي في الطبقات العليا.
• ثم يتقارب عُلوياً هذا الهواء البارد ويهبط على طول الساحل الشرقي للمحيط الهادي مُشكلاً منطقة من الضغط الجوي المُرتفع، وتُعزى هذه الدورة إلى مُكتشفها ووكر.

وعندما تسود ظاهرة اللانينا، تُصبح المياه أدفأ من المُعتاد في الجزء الغربي من المُحيط الهادي أي نواحي القارة الأسترالية كما أسلفنا سابقاً، ليتزايد نشاط العواصف الرعدية والحمل الحراري في تلك المناطق، وفي المُقابل تضعف الأمطار في سواحل البيرو وأمريكا الجنوبية في ظل بُرودة المياه المُتاخمة لها، هذه التأثيرات لا تُعتبر سوى بداية قصة ظاهرة اللانينا، بحيث يتفرع هذا الهواء الصاعد في المحيط الهادي الاستوائي بعيداً عن خط الإستواء باتجاه خطوط العرض العُليا أي بإتجاه الشمال والجنوب ضمن ما يُعرف بدوران خلية هادلي. 

وتُسبب ظاهرة اللانينا بحدوث تبريد مُتزايد في الغلاف الجوي العلوي الإستوائي للمحيط الهادئ، ويؤدي ذلك إلى حدوث تغيير لافت في قوة دوران خلية هادلي ليُصبح تدفق الهواء نحو القطبين أقل قوة، وبالتالي تأثيرات غير مُباشرة على أنماط الدوران في جميع أنحاء العالم، على سبيل المثال حركة وموقع التيارات النفاثة (وهي تيارات هوائية سريعة جداً في أعالي الطبقة المناخية في الغلاف الجوي) والمرتفعات الجوية التي تنشاً على خطوط عرض قريبة من 30 درجة شمالاً مثل المرتفع الجوي شبه المداري.

ظاهرة اللانينا تُنذر بموسم أعاصير صَعِيب على سواحل الولايات المُتحدة والمكسيك

عندما يتأثر الغلاف الجوي بظاهرة اللانينا تتشكل حالات جوية مُتطرفة تُؤثر على مناطق مُختلفة من العالم، ومن بينها المُحيط الأطلسي، حيثُ لوحظ/إرتبط إحصائياً تزايد كبير في الحالات المدارية في المُحيط الأطلسي في ظلّ سيادة ظاهرة اللانينا، كما حدث في موسم أعاصير عام 2020 الذي حطم العديد من الأرقام القياسية من ناحية عدد الأعاصير وشدتها، ونفذت حينها أسماء الأعاصير الأمريكية ولجئُوا إلى استخدام الأبجدية اليونانية في واقعة تاريخية. 

ويرى خُبراء التنبؤات الجوية في مركز طقس العرب أن السبب المُباشر يُعزى لتُزايد حركة الرياح التجارية القادمة من الشرق نحو الغرب في ظل ظُروف اللانينا العالمية والتي تعمل على رفع درجات الحرارة ما يُعرف بمنطقة (MDR) وهي منطقة واقعة في وسط المُحيط الأطلسي وتتطور الحالات المدارية فوقها. وأضافوا أن لظاهرة اللانينا تأثيرات غير مُباشرة في إضعاف رياح القص في حوض المُحيط الأطلسي نتيجة المياه الأكثر بُرودة في شرق المحيط الهادي فتُسبب رياح قص مُنخفضة المستوى وضعيفة أيضاً في البحر الكاريبي، وتُعتبر هذه الظروف مواتية لنمو الحالات المدارية. 

ويمتد تأثير ظاهرة اللانينا نحو بحر العرب أيضاً، حيثُ تؤدي بشكلٍ غير مُباشر إلى خفض درجة حرارة سطح المياه في القسم الغربي من المحيط الهندي وبحر العرب، مما يؤدي إلى تناقص كمية بخار الماء في تلك المناطق، وتبِعات ذلك بتناقص كمية بخار الماء المُندفع نحو أجواء الجزيرة العربية بعد مشيئة الله.

ولظاهرة اللانينا تأثيرات واضحة وجليّة على شمال المُحيط الهندي، بحيث تعمل ظروف اللانينا على تزايد اندفاع المد الشرقي الرطب والقادم بحول الله من غرب المحيط الهادئ مروراً ببحر الصين ووصولاً لخليج البنغال، وترفع أيضاً درجة حرارة سطح المياه في القسم الشرقي من المُحيط الهندي، وتُوفر هذه الظروف الجوية بيئة خصبة وحاضنة لنشوء حالات مدارية في خليج البنغال. 

بالفيديو | كاميرا تلتقط مشاهد حقيقية مذهلة من داخل إعصار قوي.. شاهد كيف يبدو