طقس العرب-تحت التحليق المكثف للطائرات الحربية الإسرائيلية التي تجوب سماء غزة على مدار الساعة، يعمل فايز العزازمة وفريقه في إنتاج الفحم من بقايا أشجار جرفتها قوات الاحتلال خلال توغلها البري في شرق مدينة خان يونس ومناطق جنوبي قطاع غزة.
يقول العزازمة في حديثه لوسائل الإعلام:
"إنها مهنة مضرة صحيًا ومخيفة في ظل الحرب". وفي حين تُسمع أصوات الانفجارات الناتجة عن الغارات الجوية والقصف المدفعي، يضيف: "نعمل طوال الوقت على وقع هذه الانفجارات، ونخشى أن نكون هدفًا لغارة جوية أو قذيفة مدفعية".
مع حلول فصل الشتاء وزيادة برودة الطقس، لجأ سكان خان يونس إلى إنتاج الفحم كمصدر بديل للطاقة. ويستخدم السكان الفحم في التدفئة والطهي كبديل عن الوقود وغاز الطهي، بسبب الأزمة الحادة في قطاع غزة الناتجة عن انقطاع الكهرباء وعدم توفر وسائل الطاقة البديلة وارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق.
في ظل هذه الظروف الصعبة، لا يكترث العزازمة بالمخاطر التي تواجهه من أجل تأمين لقمة العيش لعائلته التي عانت تجربة النزوح المتكرر منذ بداية الحرب ويقول:
"لم يعد أمامنا خيارات كثيرة للبقاء على قيد الحياة وتوفير الطعام والشراب لأطفالنا". تظهر ملامح الشقاء على وجهه بسبب ظروف العمل القاسية، حيث يقضي ساعات طويلة في التعرض لانبعاثات الدخان الكثيف الناتج عن احتراق الحطب.
يجلب العاملون الحطب المستخدم في إنتاج الفحم من أراضٍ زراعية قريبة من السياج الأمني شرق خان يونس. ويصف العزازمة المهمة بأنها "خطيرة للغاية"، حيث يعتبر الوصول إلى تلك المناطق مغامرة قد يدفع العامل حياته ثمنًا لها.
بسبب الاعتماد الكبير على الحطب والفحم كبدائل للوقود، ارتفعت أسعارهما بشكل غير مسبوق وتناقصت كمياتهما في الأسواق. يضيف العزازمة: "الحرب أثرت علينا في كل شيء، وبتنا نواجه صعوبات بالغة في توفير احتياجاتنا".
يشرح العزازمة تفاصيل عملية إنتاج الفحم قائلاً:
"يتم تقطيع الحطب إلى قطع صغيرة ورصها على شكل هرم، ثم تغطيتها بالقش وبطبقة من الرمل تُحدث فوهات صغيرة ينبعث منها دخان كثيف نتيجة إشعال النار في القش واحتراق الحطب".
بعد ذلك، ينتظر العاملون عدة أيام حتى يحترق الحطب بالكامل ويتحول إلى فحم، ليتم تعبئته وبيعه في الأسواق.
بسبب الحرب والظروف الاقتصادية، لم يعد بمقدور كثير من السكان شراء الفحم نظرًا لارتفاع أسعاره. يبلغ سعر الكيلوغرام من الفحم حاليًا 20 شيكلًا (حوالي 6 دولارات)، بينما كان سعره قبل الحرب لا يتجاوز 5 شواكل (أقل من دولارين).
كان الفحم المستورد هو المصدر الأساسي لسكان غزة قبل الحرب، إلا أن الاحتلال منع إدخاله عبر معبر كرم أبو سالم، المعبر التجاري الوحيد الذي يخضع لسيطرته. كما استمر الاحتلال في السيطرة على معبر رفح البري مع مصر، مما فاقم الأزمة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع.
يلجأ العديد من النازحين المقيمين في الخيام ومراكز الإيواء إلى استخدام الفحم في التدفئة والطهي، خاصة مع دخول فصل الشتاء. يحذر العزازمة زبائنه دائمًا من مخاطر استخدام الفحم في الأماكن المغلقة نظرًا لخطورته.
على مر السنوات، اعتاد سكان غزة على استخدام الحطب والفحم منذ فرض الاحتلال الحصار في منتصف عام 2007. زادت معاناتهم مع أزمة الكهرباء المستمرة وتلاعب الاحتلال بحركة المعابر، مما دفعهم إلى اللجوء إلى أساليب بدائية لمواجهة الأزمات.
بسبب الغلاء والأزمات الناتجة عن الحرب، برزت ظاهرة أطفال يجمعون الأخشاب والكرتون والبلاستيك لاستخدامها في إشعال النار داخل أفران الطين. وهؤلاء الأطفال يعملون لساعات طويلة لمساعدة أسرهم في مواجهة الفقر والجوع.
في إحدى مدارس الإيواء قرب مجمع ناصر الطبي، تعتمد أم علي أبو عمشة، نازحة وأم لـ11 طفلًا، على فرن من الطين بناه زوجها. تقول:
"الأسعار نار، وأسرتي كبيرة، وبصعوبة نوفر مستلزماتنا اليومية".
تعيش أم علي مع أسرتها ظروفًا مأساوية بعد أن خسرت منزلها ومصدر رزقها وتنتقل الأسرة من مكان إلى آخر، وتعاني من البرد والأمراض المعدية داخل مراكز الإيواء.
تسببت الحرب في حرمان نحو 650 ألف طفل من التعليم، وأجبر الكثير منهم على العمل في ظروف قاسية لدعم عائلاتهم. هؤلاء الأطفال يعكسون صورة من صور المعاناة اليومية التي يعيشها سكان غزة بسبب الحصار والحرب.
شاهد أيضا:
غـ.زة | سُحب ممطرة تتركز شمال القطاع واستمرار الأمطار على فترات بقية اليوم
المصادر:
الجزيرة
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول