طقس العرب - في اليوم الدولي للقضاء على الفقر، نجد أنفسنا مجددًا أمام الفرصة للتأمل في التحديات الهائلة التي يواجهها ملايين الأشخاص حول العالم نتيجة للاقتصادات الهشة وتدهور البيئة؛ حيث إن التغير المناخي والفقر ليسا مجرد مسائل منفصلة، بل هما جزءان من المعضلة نفسها التي تتشابك تأثيراتها وتفاقمها، وفي هذا المقال، سنلقي نظرة على عشر حقائق تلقي الضوء على كيفية تلاقي تغير المناخ والفقر والجهود المطلوبة للتصدي لهما.
وفقاً لتقرير البنك الدولي، يُعتبر تغير المناخ تهديداً كبيراً يمكن أن يدفع بما يصل إلى 130 مليون شخص إلى حالة إضافية من الفقر خلال العقد القادم، وهذا يرتبط بالعديد من العوامل التي يمكن تلخيصها في عدة نقاط مهمة:
تغير المناخ ليس عادلاً، حيث تعاني البلدان ذات الدخل المنخفض والأفراد الفقراء أكثر من آثاره ونظراً لاعتمادهم على الموارد الطبيعية وقلة قدرتهم على مواجهة تأثيراته، فإنهم يتأثرون بشدة بالكوارث البيئية والمناخية.
البلدان ذات الدخل المنخفض تُصبح هدفاً للكوارث الطبيعية والمناخية، بالرغم من مساهمتها القليلة في انبعاثات الغازات الدفيئة، وهذا يؤثر في استقرارها الاقتصادي.
الأفراد الذين يعتمدون على الموارد الطبيعية لسبب معين يجدون أن هذه الموارد تنخفض بسبب تغير المناخ، مما يؤدي إلى تدهور أوضاعهم.
الكوارث مثل الحرائق والجفاف والأعاصير تصبح أكثر تواترًا وتدميرًا بسبب تغير المناخ.
تحقيق عدالة اجتماعية يمكن أن يساهم في مكافحة الفقر، وهذا ليس مجرد عمل خيري، بل هو عمل يعكس العدالة.
تعتبر الاستثمارات في تحسين أوضاع الأطفال والشباب جزءًا مهمًا في مكافحة الفقر ومواجهة تغير المناخ.
تحقيق تغيير يتطلب تعاوناً دولياً قوياً للتصدي لتحديات تغير المناخ.
يجب تعزيز المشاركة الشعبية واحترام حقوق الأطفال والشباب للمساهمة في صنع القرارات المتعلقة بالبيئة والمناخ.
يجب تغيير السياسات والممارسات غير العادلة التي تؤثر سلباً على الأطفال والفقراء.
يجب تعزيز الوعي بتغير المناخ وضرورة اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهته ومنظمات مثل World Vision تؤدي دورًا مهمًا في هذا السياق من خلال استثمارها في حياة الأطفال والشباب والمشاركة في جهود مكافحة الفقر ومواجهة تحديات تغير المناخ على الساحة الدولية.
وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، يُقدر أن 80% من الأشخاص الذين يعانون الجوع في جميع أنحاء العالم يعيشون في مناطق معرضة للكوارث الطبيعية والظروف الجوية القاسية، ويتسبب التغير المناخي في تزايد حالات الجفاف والفيضانات الشديدة والمتكررة، مما يؤثر سلبًا على إنتاج المحاصيل على الصعيدين الوطني والعالمي، مما يقلل من توفر الغذاء، ويؤدي إلى زيادة في الأسعار ومرة أخرى، حيث تتميز البلدان ذات الدخل المنخفض بكونها الأكثر تأثرًا بهذه التحديات.
إن الزراعة تشكل جزءًا كبيرًا من الناتج المحلي الإجمالي في بعض البلدان ذات الدخل المنخفض، وأكثر من 65% من البالغين الذين يعيشون في حالات فقر يستندون إلى الزراعة كمصدر لكسب العيش، وعندما ينخفض إنتاج المحاصيل، تتعرض الأسر للجوع، ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، يؤدي التنافس على الغذاء والموارد إلى زيادة في الصراعات الاجتماعية، مما يتسبب في تفاقم الجوع.
تأثر الوصول إلى المياه بالفعل إلى حد بعيد بحياة الأشخاص الذين يعيشون في فقر، ولكن تغير المناخ قد جعل هذه المشكلة تزداد سوءًا حيث يتسبب التغير المناخي في جعل الوصول إلى المياه أكثر صعوبة من خلال:
وهذه التغيرات تؤثر في نحو خاص على توفر المياه في المناطق شبه الاستوائية، والتي تعاني بالفعل من ندرة المياه. زيادة على ذلك، توقعت الهيئة الحكومية الدولية المختصة بتغير المناخ (IPCC) أن تزداد حالات ندرة المياه من حوالي 1.7 مليار شخص إلى حوالي 5 مليارات شخص بحلول عام 2025.
ومن ناحية أخرى، وبينما تؤثر حالات الندرة على العديد من الفقراء حول العالم، إلا أن زيادة تساقط الأمطار وحدوث الفيضانات سيزيدان أيضًا من حالات التأثر بالقدر نفسه وبالنسبة للمجتمعات التي تفتقر إلى بنية تحتية قوية، يمكن أن يكون تأثير الفيضانات وارتفاع منسوب مياه البحر مأساويًا.
تغير المناخ يجعل الحفاظ على الصحة الجيدة أمرًا أكثر تعقيدًا، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، حيث ينجم عنه زيادة مباشرة في حالات الأمراض والمشكلات الصحية. هذه الآثار تشمل سوء التغذية نتيجة نقص الغذاء، وزيادة في حالات الوفاة والإصابات نتيجة الظروف الجوية القاسية، وتفاقم مشاكل الهضم بسبب زيادة أو نقص المياه، وتغيرات في درجات الحرارة والرطوبة. زيادة على ذلك، يمكن لتساقط الأمطار أن يؤدي إلى نقل الأمراض المعدية مثل الملاريا وحمى الضنك إلى مناطق جغرافية جديدة، مما يعرض مجموعات سكانية جديدة لخطر هذه الأمراض القاتلة، وفي البلدان التي تواجه صعوبة في توفير الرعاية الصحية الكافية، يمكن توقع أن يكون لتغير المناخ تأثير صحي كبير على ازدياد حالات الأمراض والإصابات.
تغير المناخ يُشكل تأثيرات كارثية، وذلك بشكل خاص في الأماكن التي تعتمد إلى حد بعيد على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل. والجفاف الممتد أو الظروف الجوية القاسية الأخرى مثل الفيضانات يمكن أن تؤدي إلى تدمير المحاصيل والمواشي، مما يترك أثرا غير قادرة على توفير متطلبات أطفالها والبحث عن بدائل للعيش.
ووفقًا لمنظمة العمل الدولية، يعد تغير المناخ عاملاً يُسهم في إجبار 152 مليون طفل تحت سن الثامنة عشر عامًا حول العالم على العمل ومواجهة الصعوبات، ويؤدي تأثير تغير المناخ أيضًا إلى زيادة حالات زواج الأطفال، حيث يبحث الآباء عن وسائل لتقليل العبء عليهم، ومن المتوقع أن تصبح حوالي 110 ملايين فتاة أخرى عرائس صغيرات بحلول عام 2030 كمثال على ذلك، في كينيا، تعاني العديد من المجتمعات من تأثير الجفاف الممتد الذي أدى إلى فقدان مصدر دخلها الرئيسي.
عند فقدان مصادر المياه، أو عندما تتعرض المجتمعات المحلية للفيضانات، أو ينفد إمداد الطعام وخيارات الكسب، لا يبقى أمام الأسر المحتاجة خيارات أخرى سوى مغادرة منازلها بشكل قسري؛ بسبب تغير المناخ الذي يؤدي إلى زيادة مقلقة في حالات النزوح والهجرة.
ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، أدت الظروف الجوية القاسية إلى نزوح حوالي 30 مليون شخص في عام 2020، وهذا الرقم يفوق بثلاث مرات عدد الأشخاص النازحين؛ بسبب العنف والصراع وبالنظر إلى توقعات زيادة حالات الطوارئ المناخية، يتوقع مركز رصد النزوح الداخلي (IDMC) أن تستمر أعداد النازحين الداخليين واللاجئين في الزيادة وبدون منازل أو أمان، يصبح الأطفال عرضة بشكل خاص للإيذاء والإهمال والعنف.
عندما تفقد الأسر دخلها، أو مصادر الطعام، أو تصبح مشردة من منازلها، يصبح تعليم الأطفال عادةً هو الأمر الأخير أو الأقل أهمية ونتيجة لعدم توفر الدخل الذي يمكن الاعتماد عليه، يجد الآباء أنفسهم غالبًا غير قادرين على توجيه أطفالهم إلى المدرسة، وبدلاً من ذلك، يضطرون إبقاءهم في المنزل للمساعدة على زراعة الطعام أو رعاية الماشية أو حتى مشاركتهم في كسب العيش، وعندما تصبح المياه نادرة، يضطر الأطفال - الذين غالباً ما يكونون مكلفين بجمعها - إلى قطع مسافات بعيدة للعثور على مصدر المياه، مما يتسبب في غيابهم عن المدرسة على نحو متكرر، أو تقليل وقتهم المتاح لأداء واجباتهم المدرسية أو حتى الاستمتاع بوقت واللعب وما يجعل الأمور أكثر تعقيدًا هو أن فقدان هذه الفرصة التعليمية يمكن أن يؤدي في النهاية إلى استمرار دورة الفقر لهؤلاء الأطفال.
المجتمعات ذات الدخل المنخفض هي التي تتأثر بتغير المناخ، حيث يصبح من الصعب الوقاية من التغيرات المناخية والتعافي منها، وتكون الأعاصير والفيضانات والحرائق جميعها حوادث مرتبطة بالمناخ، وقد تلحق أضرارًا واسعة النطاق تمحو سنوات من التقدم الذي تم تحقيقه في مجال التنمية بمجهود كبير، مثل البنية التحتية الاجتماعية والإسكان والمحاصيل والماشية وبالنسبة للأسر والمجتمعات والبلدان ذات الموارد المحدودة، يمكن أن تكون عملية التعافي بطيئة للغاية، مما يعرض الأسر والأطفال لخطر متزايد من الجوع والصعوبات الأخرى، ويمكن أن يسهم في تعميق حالة الفقر.
تأثير تغير المناخ لا يقتصر على الأفراد الذين يعيشون في فقر الشديد فقط، بل يمكن أن يزيد اتساع الفجوة بين الطبقات الاقتصادية فالأسر التي تكافح بالفعل لتلبية احتياجاتها، وتفتقر إلى مدخرات تكون أكثر عرضة للحرمان عندما تتعرض محاصيلها أو ماشيتها للتأثيرات السلبية للجفاف أو الفيضانات أو العواصف، ويمكن أن يجبروا على بيع ممتلكاتهم بأي ثمن لتلبية احتياجاتهم الأساسية، في حين يمكن لأولئك الذين يتمتعون بالاستقرار المالي الأكبر الاحتفاظ بقدرتهم على تحقيق أرباح في وجه التحديات المالية.
تغير المناخ يعتبر واحدًا من أكبر التحديات التي تواجه العالم في الوقت الحالي، ولا يمكن معالجته عن طريق فرد أو مجتمع أو دولة على حدة ومع ذلك، من خلال التعاون والجهود المشتركة، يمكن لكل فرد وكل مجتمع، وكل دولة أن يشكلوا جزءًا من الحل، وسنستفيد جميعًا من التغيير الذي ساهم في تحقيقه.
قبل كل شيء، يمكن للبلدان تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة والانتقال إلى اقتصادات الطاقة النظيفة لمنع تصاعد تغير المناخ في المستقبل، ويُظهر البحث أن التحول من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة النظيفة قد يضيف ما يصل إلى 26 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030.
وفي هذا السياق، تعمل منظمات مثل صندوق المناخ الأخضر والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وغيرها حول العالم على إعداد المجتمعات لمواجهة المخاطر المناخية المتزايدة وتمكينها من الازدهار في ظل المناخات المتغيرة.
وفي هذا اليوم الدولي، لنكن مدركين بأن مكافحة الفقر وتغير المناخ تتطلب التفكير بشكل متكامل والتحرك بحزم يتوقف تحقيق التنمية المستدامة على القضاء على الفقر ومكافحة تغير المناخ بشكل متزامن، وهذا يتطلب جهودًا مشتركة على الصعيدين الوطني والدولي.
أعرف أيضا:
التلوث الضوئي... تهديد عالمي للكائنات الحية
المصادر:
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول