طقس العرب - في حادثة غريبة سجلها المؤرخون في مدينة هيليس اليونانية عام 373 قبل الميلاد، أظهرت حيوانات المنطقة سلوكات غريبة عن المعتاد، تلى ذلك هجرة واسعة للحيوانات وكأنها تهرب من شيء ما، ثم خلال يومين فقط واجهت المدينة واحدا من أقوى الزلازل في تاريخها.
وفي مدينة هايتشنغ الصينية، خرجت عشرات الثعابين من جحورها على الرغم من البرد الشديد، وذلك في الأسابيع التي سبقت زلزال بقوة 7.3 درجة ضرب المدينة في 4 فبراير 1975. ساعد سلوك الزواحف، إلى جانب حوادث أخرى، في إقناع السلطات بإخلاء المدينة قبل ساعات من الزلزال الهائل.
حتى يومنا هذا، لا يزال من غير الممكن التنبؤ بحدوث الزلازل، ومع ذلك، أفاد شهود عيان مرارًا وتكرارًا أن الحيوانات تتصرف بشكل غير عادي قبل الزلزال، الكلاب تنبح باستمرار، والأبقار يقل حليبها، والضفادع تقفز من البرك، وهناك تقارير تفيد بأن الحيوانات البرية تترك أماكن نومها وأعشاشها مباشرة قبل الزلازل القوية وأن الحيوانات الأليفة تصبح مضطربة.
فكيف تتمكن الحيوانات من الإحساس بقرب حدوث الزلازل بينما لم يتمكن الإنسان من إيجاد طريقة لاستشعار حدوث الزلازل قبل وقوعها؟
يحدث الزلزال حينما تنطلق الطاقة الكامنة في طبقات الأرض عند حدوث تغير مفاجئ، ما يُنتج موجات زلزالية واهتزازات في المناطق القريبة، أما ما يجعل العلماء غير قادرين على التنبؤ بالزلازل قبل مدة كافية فهو افتقارهم إلى أداة تقيس حركة الطبقات المستمرة ومقدار الطاقة الناتجة عن ذلك، مع ذلك هناك أنظمة تعطي راصد الهزات إشارات على النشاط الزلزالي كتلك التي استخدموها قبال سواحل التشيلي عام 2014.
واستطاع العلماء ابتكار العديد من الطرق التي تُستخدم للتنبؤ بالزلازل، مثل: التغيّر في مستويات المياه الجوفية، والتغيّر في المجال المغناطيسي، ورصد الاهتزازات التحذيرية التي تسبق الزلزال، والانتقال في الإجهاد الميكانيكي، وعلى الرغم من وجود بعض التقارير التي استطاعت التنبؤ بحدوث الزلازل بنجاح، إلّا أنّها نادرة ويشوبها العديد من الشكوك، كذلك يستطيع العلماء معرفة احتمالية وقوع زلزال في المستقبل عند ظهور إشارات أو ظواهر مُعينة، لكن لا يوجد طريقة لتحديد موعد حدوث الزلزال بدقة.
لا يزال من غير الواضح كيف يمكن للحيوانات أن تشعر بالزلازل الوشيكة. ولكن من الطرق الممكنة المحتملة هي استشعار نوع من الموجات يسمى "الموجات بي" (P waves)، وهي موجة انضغاطية أولية تنتقل بسرعة ثم تليها "الموجة إس" (S wave) أو موجة القص، وهي الموجة الكبرى التي نشعر بها. لا يلاحظ البشر "الموجة بي" الصغرى، ويمكن أن تستشعرها الحيوانات قبل البشر.
يُظهر الفيديو عدة مشاهد لحيوانات منزلية استشعرت الزلازل قبل حدوثها بوقت قصير:
لكن على الرغم من ذلك، فإن استشعار الموجة بي يسمح بالشعور بالزلزال قبل حدوثه بثوان أو دقائق، ولا يصل الأمر لساعات أو حتى يوم كامل.
في دراسة مشتركة بين معهد ماكس بلانك لسلوك الحيوان بألمانيا وجامعة كونستانس، قام باحثون بالتحقيق فيما إذا كان بإمكان الأبقار والأغنام والكلاب الكشف فعليًا عن علامات الزلازل المبكرة، فقاموا بتوصيل أجهزة استشعار للحيوانات في منطقة معرضة للزلازل في شمال إيطاليا وسجلوا تحركاتهم على مدى عدة أشهر.
تظهر بيانات الحركة أن الحيوانات كانت قلقة بشكل غير عادي في الساعات التي سبقت حدوث الزلازل، حيث اكتشف الباحثون أنماطًا سلوكية غير معتادة قبل حوالي 20 ساعة من الزلزال، وكلما اقتربت الحيوانات من مركز الزلزال الوشيك، بدأت بالتصرف بشكل غير عادي في وقت مبكر.
يختلف الخبراء حول الكيفية التي يمكن للحيوانات من خلالها التنبؤ بالزلازل، يعتقد بعض العلماء أن الحيوانات تشعر بتأين الهواء الناجم عن ضغوط الصخور الكبيرة في مناطق الزلزال بواسطة فرائها، حيث تضغط الصفائح التكتونية المتغيرة على الصخور على طول خط الصدع في الأيام التي تسبق وقوع الزلزال، يتسبب هذا الإجراء في إطلاق الصخور للمعادن التي تطرد الأيونات في الهواء.
من المُتصور أيضًا أن الحيوانات يمكن أن تشم رائحة الغازات المنبعثة من بلورات الكوارتز قبل وقوع الزلزال.
لكن قبل استخدام سلوك الحيوانات للتنبؤ بالزلازل، يحتاج الباحثون إلى مراقبة عدد أكبر من الحيوانات على مدى فترات زمنية أطول في مناطق الزلازل المختلفة حول العالم. لهذا الغرض، سيستخدام العلماء نظام "إيكاروس" (Icarus) العالمي لمراقبة الحيوانات في محطة الفضاء الدولية (ISS).
ويقوم الباحثون بإعداد مشاريع جديدة لمعرفة ما إذا كانت تلك الحيوانات تظهر حساسية تجاه نشاط الزلزال، فربما يساعد ذلك في تطوير أدوات للكشف المبكر عن الزلازل، بهدف أخذ الإجراءات والتدابير الوقائية اللازمة لحماية الأرواح وحفظ المُمتلكات.
مصادر: ScienceDaily - Scientific American
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول