طقس العرب - عندما تغوص في عالم الثقافة والتاريخ الفلسطيني، تجد خيوطاً منسوجة بالقصص والأساطير التي تسرد تفاصيل أصالة هذه الأرض التي تجسد التاريخ. وفي هذا السياق، تبرز بتير الفلسطينية بشكل لافت، ولكن ليس بسبب بنيتها التقليدية فقط، بل بسبب لقبها الساحر "بيت الطير".
وجد المؤرخون عدة تفسيرات لهذه التسمية الرمزية "بيت الطير" إليك بعض هذه التفسيرات:
بتير، القرية الفلسطينية الواقعة جنوب غرب القدس، بين جبلين شاهقين، وهي محاطة بوادٍ عميق يحتضن العديد من البساتين، وتتميز هذه القرية بتنوع حياتها الطبيعية، حيث تمتزج الطيور بألوانها وأشكالها المتنوعة مع جمال تفاصيل الطبيعة في المنطقة حيث تحلّق العقاب والنسور وعصفور الشمس الفلسطيني فوق سماء هذه القرية.
بالنظر إلى الزراعة الوفيرة في بتير، يمكن رؤية اللون الأخضر يغمر المنطقة على مدار العام بفضل المزروعات الشتوية والصيفية؛ حيث إنها دائمة الخضرة، والزوار قد يجدون صعوبة في وصف التنوع الزراعي الذي تتميز به، ومن بين أشهر المحاصيل المزروعة في هذه القرية تجد "الباذنجان والبتيري والزعتر والنعنع، والبقدونس" والعديد من الأشجار والنباتات الأخرى.
وهذا المشهد الطبيعي الفريد يميز بتير عن القرى المجاورة، ويتجلى تفرد سكان هذه القرية، الذين أسسوها قبل نحو 5 آلاف سنة، في بناء حواجز حجرية معروفة محلياً باسم "سناسل"، حيث يبلغ طول هذه الحواجز متوسطًا ما بين 5 إلى 8 أمتار.
تم بناء جدارٍ يمتد من قمة الجبل وصولاً إلى آخر وادٍ، بهدف الحفاظ على التربة من التعرية نتيجة هطول الأمطار وتغيرات في العوامل الجغرافية والزمنية. ويمكن للمشاهد التمييز بين مختلف البساتين بسهولة من خلال تفاوت الألوان والخضرة في كل بستان.
وعندما تقترب من هذه الأراضي، ستسمع صوت المياه المتدفقة عبر الوادي بجميع اتجاهاته، وسيفاجئك اكتشاف أن هذا التدفق الطبيعي يتم بكل يسر من تحت أقدامك دون معرفة مصدره الدقيق. السر وراء هذا التدفق المتجانس يعود إلى شبكة مياه رومانية معقدة تمتد من رأس الجبل إلى نهاية الوادي، محافظةً على كل قطرة ماء، دون أن تفقدها ويعتمد هذا النجاح على وجود أكثر من سبعة ينابيع تنثر خيرها على مدار العام، مما يروي الأرض، ويرتوي منها السكان.
تزخر قرية بتير بمشهد طبيعي خلاب وتاريخ غني يمتد لآلاف السنين، وتُضيف جاذبية خاصة للزائرين مع وجود عدة مواقع أثرية تعكس تراثًا متنوعًا يشمل العصور الكنعانية والرومانية والبيزنطية، ويشمل هذا التراث قلعة كنعانية تاريخية وحمامًا رومانيًا، بالإضافة إلى البئر التي شرب منها سيدنا إبراهيم -عليه السلام- خلال رحلته إلى مدينة الخليل، والمسجد الذي صلى فيه الخليفة عمر بن الخطاب بعد فتح القدس.
بالإضافة إلى هذا الإرث الثقافي والتاريخي الغني، تنقسم القرية المميزة إلى قسمين بفضل سكة القطار التي شيدها العثمانيون في القرن العشرين، والتي تم إكمالها من قبل الإنجليز بعد انسحاب العثمانيين من فلسطين، وهذه السكة كانت تربط القدس بالساحل الفلسطيني.
بالرغم من التطور العمراني والنمو السكاني الذي شهدته القرية، حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 3 آلاف نسمة على مساحة تبلغ 8 آلاف دونم، إلا أن هذا التطور لم يؤثر بأدنى درجة على الإرث الثقافي والتاريخي لبتير على العكس، نالت القرية جائزة منظمة اليونسكو للحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي عام 2011، وذلك تقديرًا لقيمتها الثقافية والتاريخية.
اعرف أيضا:
جذورنا في أراضي فلسطين...أشجار الزيتون من أقدم سكان فلسطين
الرابط العجيب بين شتوة تشرين وأشجار الزيتون
المصادر:
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول