لماذا يعاني الأوروبيون في درجة حرارة تبلغ 40 وبنفس الوقت الأمر عادياً إلى حد ما في بلدان كثيرة؟

طقس العرب-في الأيام القليلة الماضية، سُجلت درجات حرارة قياسية في العديد من الدول الأوروبية، مما أدى إلى إلى شعور السكان بالحرارة الشديدة ومعاناتهم منها

وتشهد جنوب أوروبا موجة حر شديدة حيث تصل درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية، مما دفع الدول إلى إصدار تحذيرات من الحرارة، وحظر العمل في الهواء الطلق، وفرض حظر التجول أثناء النهار للنساء الحوامل والأطفال.

وفي العديد من مدن جنوب أوروبا والبلقان، اتخذت السلطات البلدية إجراءات لرعاية كبار السن، حيث تلقت أطقم الحماية المدنية نداءات لطائرات إسقاط المياه مثل Canadairs لإخماد حرائق الغابات التي اندلعت في جنوب إيطاليا وشمال مقدونيا.

ولكن من جانب آخر تعتبر درجة حرارة 40 درجة مئوية أمرًا طبيعيًا في مناطق أخرى من العالم، لكن لماذا يشعر الأوروبيون بالقلق؟

قد يهمك أيضا:

درجات حرارة وصلت إلى 40 درجة مئوية.. جنوب أوروبا يشهد درجات حرارة لاهبة وسط العديد من التحذيرات

لماذا يعاني الأوروبيون في درجة حرارة تبلغ 40 وبنفس الوقت الأمر عادياً إلى حد ما في بلدان كثيرة؟

• طبيعة المباني في أوروبا وغياب مكيفات الهواء

تشرح مريم زكريا، عالمة المناخ في إمبريال كوليدج لندن، أن المباني في العديد من البلدان الأوروبية لم تُصمم لتحمل درجات حرارة تتجاوز 25 درجة مئوية. هذه المشكلة أكثر وضوحًا في شمال أوروبا، حيث تم بناء المنازل للحفاظ على الحرارة لمساعدة السكان على تحمل البرد، مما يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة داخل المنازل خلال موجات الحر.

وتعتبر نسبة ضئيلة فقط من المباني مجهزة بمكيفات الهواء، كما أن المدن غير المصممة لتحمل درجات الحرارة المرتفعة تفتقر في كثير من الأحيان إلى البنية التحتية المناسبة للحفاظ على برودة الناس، مثل غياب المساحات الخضراء والمظلات والمياه.

• الاحتباس الحراري

أدى الاحتباس الحراري الناتج عن التلوث وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى زيادة شدة وتواتر موجات الحرارة في جميع أنحاء أوروبا، وقال نيكوس كريستيديس، عالم المناخ بمكتب الأرصاد الجوية، إن تغير المناخ "زاد احتمالية تسجيل درجات حرارة قصوى في المملكة المتحدة"، مضيفًا أن "فرص رؤية أيام تتجاوز فيها درجات الحرارة الأربعين درجة مئوية في المملكة المتحدة أصبحت أكثر احتمالاً بعشرة أضعاف مقارنة بالمناخ الطبيعي الذي لم يكن يتأثر بأفعال البشر".

أسباب أخرى للاختلاف بين أوروبا ودول العربية 

كشف أستاذ المناخ بجامعة القصيم سابقاً، ومؤسس ورئيس لجنة تسمية الحالات المناخية المميزة في السعودية الدكتور عبدالله المسند، عن العوامل التي تجعل موجات الحر قاتلة في أوروبا، بينما لا تكون كذلك في الدول العربية.

وأوضح الدكتور المسند عبر حسابه على "إكس" في وقت سابق:

"لماذا موجات الحر تقتل في أوروبا، ولا تقتل في الدول العربية؟" مشيرًا إلى أن هذا السؤال يُطرح كثيرًا عندما تؤثر موجات الحر على بعض الدول الأوروبية، رغم أن درجات الحرارة العظمى في أجزاء من أوروبا لا تصل إلى شدة الحرارة في العالم العربي.

وأضاف أن الوفيات جراء موجات الحر في أوروبا تحدث غالبًا بين كبار السن والمرضى، خاصة الذين يعانون من أمراض القلب أو الجهاز التنفسي، بنسبة تصل إلى نحو 95% من الوفيات تشمل من تجاوزوا عتبة 65 سنة وأوضح أن أوروبا تحظى بشريحة واسعة من كبار السن، وكثير منهم يعيشون بمفردهم دون رعاية.

وتابع الدكتور المسند أن هناك سبعة عوامل رئيسية تفسر ارتفاع عدد الوفيات هناك:

• عدم تكيّف أجسام الأوروبيين مع درجات الحرارة العالية كما في المناطق العربية.
• عدم وجود مكيفات أو حتى مراوح في العديد من المنازل الأوروبية، خاصة منازل كبار السن.
• تصميم المباني في أوروبا للحفاظ على التدفئة في الشتاء، مما يؤدي إلى ارتفاع حرارة الغرف الصغيرة بسرعة أكبر خلال موجات الحر.
• ارتفاع الرطوبة الجوية بسبب الغابات، الأنهار، البحيرات، والمدن القريبة من السواحل أو كونها دولة جزرية، مثل بريطانيا، مما يقلل من فعالية التعرق وتبريد الجسم.
• صفاء سماء أوروبا من الشوائب والعوالق الغبارية التي تحد من قوة الإشعاع الشمسي في المناطق العربية.
• سمك الغلاف الجوي في العروض العليا أقل من المناطق المدارية أو الاستوائية، مما يزيد من الشعور بلسعة الشمس والإحساس بالحر.
• طول فترة النهار في أوروبا خلال فصل الصيف مقارنة بمناطقنا العربية، فالنهار في أوروبا أطول من نهار وسط السعودية بنحو 2-3 ساعات.

واختتم الدكتور المسند بالقول:

"قد تكون كل أو بعض تلك العوامل سبباً للوفيات جراء موجات الحر في أوروبا.. هذا والله أعلم".

حلول لمواجهة الحر في أوروبا

ومن جهة آخرى قال سيوكي فيليب من المعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية يعتبر هذه الإجراءات طارئة، ويشير إلى أن الدول الأوروبية تحتاج إلى خطط عمل طويلة الأجل لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة. يتضمن ذلك زراعة المزيد من الأشجار في المدن، وبناء منازل مقاومة للحرارة، وإعادة تأهيل المباني وإنشاء أنظمة إنذار مبكر قوية والاتحاد الأوروبي يدعو المسؤولين في المدن والحكومات لاتخاذ هذه الإجراءات، مؤكداً على ضرورة التكيف مع تغير المناخ بسرعة وكفاءة ومنهجية.

شاهد أيضا:

هل ترمب قد يكون على قيد الحياة فقط بسبب تقديرات الرياح السيئة لمطلق النار؟

بالفيديو | انهيارات صخرية تثير فزع السكان في اليمن

المصادر:

مواقع إلكترونية