طقس العرب - يمكن أن توفر الألواح الشمسية حلاً نظيفاً ومستدامًا لمشاكل الطاقة، في عالم أنهكه التلوث الناتج عن احتراق الوقود الأحفوري، لكن تحتاج المزارع الشمسية إلى مساحة واسعة ليتم تركيب الألواح الشمسية الكبيرة عليها، ويجب أن يكون الموقع يتعرض للكثير من ضوء الشمس، إذن أين يمكن أن نجد مساحة كبيرة من الأراضي غير المستعملة والتي تحصل على ضوء الشمس طوال النهار؟! طبعا في الصحراء!
إن الهدف الرئيسي من استخدام الألواح الشمسية لإنتاج الطاقة الكهربائية هو إيجاد مصدر نظيف للطاقة، ومصدر متوفر لا ينضب، ويوفر موقع الصحراء الكبرى سهولة أكبر في إيصال الكهرباء إلى أوروبا والشرق الأوسط، وبالرغم من أن هناك العديد من الإيجابيات لهذا المشروع، إلا أنه لا يخلو من بعض التحديات والسلبيات.
1. تنتج كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية: تبلغ مساحة الصحراء الكبرى حوالي 9.2 مليون كيلومتر مربع، وإذا تم تغطيتها بالألواح الشمسية فسينتج في العام الواحد ما يعادل 22 بليون جيجا واط / ساعة من الطاقة الكهربائية، وهو أضعاف حاجة العالم من الطاقة الكهربائية، لأن تغطية 1.2% فقط من مساحة الصحراء الكبرى بألواح شمسية، كافية لتلبية احتياجات العالم بأسره من الطاقة الكهربائية.
2. تقليل التلوث وحماية الأرض من التغير المناخي: تنتج محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعمل بالوقود الاحفوري كمية كبيرة من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تسبب الاحترار العالمي وتغير المناخ، وكذلك محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالطاقة النووية، والتي تنتج نفايات ومخلفات مشعّة، لكن الطاقة الشمسية طاقة نظيفة لا ينتج عنها أي انبعاثات أو مواد ملوثة.
3. تغيرات إيجابية على البيئة في الصحراء: لو تم تغطية أرضية الصحراء بألواح شمسية عملاقة، سوف يضاعف ذلك من هطول الأمطار في المنطقة، حيث يتراوح حجم الزيادة في هطول الأمطار بين 20 ملم و 500 ملم سنوياً، وبالتالي يزداد الغطاء النباتي بحوالي 20%، ويحدث ذلك لأن الألواح الشمسية تمتص كمية أكبر من حرارة الشمس من رمال الصحراء فاتحة اللون، والتي تعكس الكثير من الضوء والحرارة في الهواء، وعند امتصاص المزيد من أشعة الشمس من قبل الألواح الشمسية سترتفع درجة حرارة الأرض، والهواء الملامس لها، وعندما يسخن الهواء ويرتفع إلى الطبقات العليا من الغلاف الجوي، حيث يكون الجو أكثر برودة، تتكاثف الرطوبة الموجودة في الهواء وتسقط على شكل أمطار، وبالتالي ستخضع أقسي المناخات على وجه الأرض إلى عملية تحول كبيرة، وتزداد المساحات الخضراء في الصحراء.
درس العلماء كيف يمكن للشمس الصحراوية أن تلبي الطلب المحلي المتزايد على الطاقة وفي النهاية توفر الطاقة لأوروبا والدول القريبة، وقد ترجمت هذه الأفكار الأكاديمية في إلى خطط جادة، حيث كان مشروع (Desertec) الأكثر شهرة، وهو مشروع أُعلن عنه في عام 2009 حصل بسرعة على الكثير من التمويل من مختلف البنوك وشركات الطاقة، لكن انسحب معظم المستثمرين بعد خمس سنوات بسبب ارتفاع التكاليف، وعادة ما تتأخر مثل هذه المشاريع بسبب مجموعة متنوعة من العوامل السياسية والتجارية والاجتماعية، بما في ذلك عدم وجود تنمية سريعة في المنطقة، وهناك مقترحات لمشروع TuNur في تونس، والذي يهدف إلى تزويد أكثر من مليوني منزل أوروبي بالطاقة الكهربائية، أو محطة نور للطاقة الشمسية في المغرب والتي تهدف أيضًا إلى تصدير الطاقة إلى أوروبا.
هناك تقنيتان عمليتان في الوقت الحالي لتوليد الكهرباء الشمسية:
1. الطاقة الشمسية المركزة (CSP): تستخدم الطاقة الشمسية المركزة عدسات أو مرايا لتركيز طاقة الشمس في بقعة واحدة، والتي تصبح شديدة الحرارة، فتقوم هذه الحرارة بعد ذلك بتوليد الكهرباء من خلال توربينات بخارية تقليدية، تستخدم بعض الأنظمة الملح المصهور لتخزين الطاقة الحرارية، مما يسمح أيضًا بإنتاج الكهرباء في الليل.
ويبدو أن الطاقة الشمسية المركزة أكثر ملاءمة للصحراء بسبب أشعة الشمس المباشرة ونقص السحب ودرجات الحرارة المرتفعة مما يجعلها أكثر كفاءة، ومع ذلك، يمكن تغطي العواصف الرملية العدسات والمرايا بالرمال، ومن أهم عيوب هذه التقنية هو استخدامها لموارد المياه التي تكون شحيحة في الصحراء، وحاجتها إلى المياه لتنظيف المرايا.
2. الألواح الشمسية الكهروضوئية العادية: تقوم الألواح الشمسية الكهروضوئية بتحويل طاقة الشمس إلى كهرباء مباشرة باستخدام أشباه الموصلات، إنها أكثر أنواع الطاقة الشمسية شيوعًا حيث يمكن توصيلها بالشبكة أو توزيعها للاستخدام على نطاق صغير في المباني الفردية، كما أنها يمكن أن توفر بعض الطاقة في الطقس الغائم.
لكن أحد العوائق هو أنه عندما تصبح الألواح ساخنة للغاية تنخفض كفاءتها، وهي إحدى المشكلات التي تواجه مشروع الألواح الشمسية في الصحراء، حيث يمكن أن تتجاوز درجات الحرارة في الصيف 45 درجة مئوية في الظل، وبالتالي تضيف عملية تبريد الألواح خلال أكثر فترات اليوم سخونة، تكلفة إضافية، بالإضافة إلى مشكلة العواصف الرملية يمكن أن تغطي الألواح بالرمال وتقلل من كفاءتها، بالإضافة إلى الحاجة إلى المياه لتنظيف الألواح.
وفي الختام، يمكن أن نتأمل بتحسن وتطور تكنولوجيا الطاقة الشمسية مع الوقت، لتصبح أقل تكلفة وأعلى في الكفاءة، حيث يمكن لجزء صغير فقط من الصحراء أن ينتج نفس القدر من الطاقة الذي تنتجه القارة الأفريقية بأكملها في الوقت الحاضر، وقد تكون الصحراء غير مضيافة لمعظم النباتات والحيوانات، ولكنها قد تجلب الطاقة المستدامة إلى الحياة في جميع أنحاء شمال إفريقيا وأجزاء أخرى من العالم.
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول